»شخص واحد إذا خضع للتحقيق يكشف 80% من ملابسات التفجيرات لكنه يتمتع بالحصانة«
عبده: نتائج التحقيق الدولي ستحدث زلزالاً أكبر من إعصار اغتيال الحريري
المستقبل - الاربعاء 22 تشرين الأول 2008 - العدد 3113 -
اعتبر السفير السابق جوني عبده أن نتائج التحقيق في اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ستحدث زلزالاً محلياً واسعاً، أكبر من إعصار اغتياله إن لم يكن أكثر وأشمل وأخطر، وأن النتائج السياسية ستكون أدهى وأفدح من الاغتيال الشخصي في 14 شباط 2005. وكشف ان مفاوضات ومقايضات حصلت بين فرنسا وسوريا حول المحكمة، مشيراً الى ان أميركا وفرنسا الشيراكية حذرتا من مغبة المساس بركني المعارضة اللبنانية أي الرئيس الحريري ووليد جنبلاطِ. ولفت الى أن شخصاً واحداً إذا خضع للتحقيق، فسيكشف 80% من ملابسات الاغتيالات، وأن لجنة التحقيق لا تحتاج الى اعترافات بل الى قناعات. واعتبر ان العماد ميشال عون تحول في بيروت الى اميل لحود آخر، وتحداه أن يقول بماذا يختلف عن الرئيس اللبناني السابق.وقال عبده في حديث تنشره غداً الخميس مجلة الصياد رداً على ما نشرته جريدة الأنوار عن معلومات تنشر للمرة الأولى عن التحضيرات التي سبقت اغتيال الرئيس: الخبر أحدث خبطة دون شك. في البداية، كاد المرء يرسم علامات استفهام حول صدقية المعلومات. ومن حق أي قارئ ان يتساءل عن المصدر الذي تم استقاء الخبر منه. وما دفعني أنا شخصياً للميل الى تصديق المعلومات هو أولاً التوقيع لكاتبها. والسيدة إلهام فريحة لا تخترع أخباراً. ولم تعودنا في السابق الفبركة، وأتى بعد ذلك رد الناطقة باسم لجنة التحقيق الدولية، إذ وقعت في مطب لم يكن من المفترض ان تقع فيه. وللسيدة إلهام فريحة الحق في الاطلاع على بعض قضايا التحقيق من مصادر معينة بصفتها الاعلامية وموقعها في أكبر مؤسسة اعلامية في لبنان والعالم العربي. ومن حقها أيضاًً ان تنشر هذه المعلومات. أما الناطقة باسم لجنة التحقيق الدولية، فهي لا تملك الحق في معرفة مضامين التحقيق. وليس لها، تالياً، الحق في الرد، كان في وسعها القول انها لا تعرف، وليس من اختصاصها ان تعرف. وهي فعلاً لم تكذب الخبر. وأدلت بأقوال مفادها انه لا استباق للنتائج وأسماء المشتبه فيهم تعطى لاحقاً وليس الآن. وما تلا هذا الخبر بالذات ليس بقليل أبداً، ذلك ان محطة التلفزيون الايراني الناطقة باللغة العربية، وهي العالم، تبنت الخبر بتفاصيله وحذافيره، وتحدثت عن 120 شخصاً بين متهم ومشتبه فيه، من دون ان تذكر المصدر. هذا التبني يعني ان هناك معلومات. والسي.ان.ان والصحف الروسية والأوروبية تناقلت الخبر بدورها. من هنا حدوث الخبطة وتجاوز كل المعلومات السابقة التي كانت تتحدث عن تأخير وتباطؤ في اجراءات المحكمة، أي كل ما ينسف معنويات الذين ينتظرون قيامها ويراهنون عليها في الكشف عن الحقيقة. هذا الخبر قال للعالم، بما في ذلك الضباط الأربعة، ان لا أحد سينجو من عقاب العدالة إذا ثبت تورطه. أنا شخصياً، لا أعرف ماذا يجري داخل لجنة التحقيق، وأين وصلت. لكن لم أعد أسمح لنفسي بالتشكيك بالنتائج بعد خبر الأنوار، صاحبة المصداقية والنوعية الاعلامية.وأكد ان نتائج التحقيق سوف تحدث زلزالاً محلياً، أكبر من الاعصار الذي شكله اغتيال رفيق الحريري، إن لم يكن أكبر، والنتائج السياسية قد تكون أدهى وأفدح من الاغتيال الشخصي في 14 شباط 2005، موضحا ان بعض الأطراف يعتقد ان لجنة التحقيق في حاجة الى اعترافات. هذا غير صحيح، اللجنة في حاجة الى قناعات في ضوء المعطيات والمستمسكات. ولم أرَ ولم أسمع بطرف ارتكب هذا الحجم من الاغتيالات واعترف بمسؤوليته عنها. في هذه الحال، لكان التحقيق قد انتهى منذ زمن بعيد. ان الأمور ليست كذلك، واليوم نلمس ان هذه اللجنة شكلت قناعة محددة حول مضبطة الاتهام، على أساس معلومات وإثباتات تساعد القاضي على اصدار الحكم.وحول الاعتداء الآثم الذي تعرضت له زوجته في الضبية، وتعقب سيارته في بيروت، قال: انها مرحلة اسكات الصوت الجريء، والذين وقفوا وراء هذه الممارسات كانوا من المخابرات وأمن الرئيس السابق اميل لحود، يعرفون تماماً من أنا، وان هذا التخويف لا يخيفني، وهذا التهويل لا يؤثر فيّ. أرادوا في شكل أو في آخر، منعي من المجيء الى لبنان. ولو استطاعوا يومها اغتيالي، لما كانوا قد تأخروا دقيقة واحدة، بالطبع لم أترك لهم مجالاً لتنفيذ مآربهم. ولذلك ركزوا على بعض نقاط الضعف ولم يتصور أحد انهم قد يوجهون الأذى الى نساء. ولم يخطر في بالي انهم قد يستهدفون زوجتي، خصوصاً انني كنت في بيروت، يومئذ. ولماذا ليس أنا؟ يومها كنت في جنازة شقيقي. وحضرت للتعزية. وكانوا حاضرين في تقبل التعازي، وسجلوا أسماء المعزين ورصدوا الحاضرين والغائبين. هذه دلالة اضافية على ان هناك احداً حتى في التعزية. عقل سخيف وتافه لا يجاريه احد في السخف والتفاهة. عهد مشؤوم نشكر الله انه مضى. انا شخصياً، لم اتأثر بهذا الموضوع على الاطلاق، واصدرت بياناً للتعبير عن وجهة نظري. والحق يقال ان جريدة واحدة نشرت البيان كاملاً من دون اجتزاء هي الأنوار. حتى النهار حرفت فيه بناء لطلب جميل السيد واميل لحود ورفيق شلالا. وبدأت بياني التالي: ايها الجبناء وأيها الجبان الأول، ايها الخونة، وأيها الخائن الأول.. وكنت اقصد بـالجبان الأول والخائن الأول اميل لحود. وهو عرف انني اقصده. ولذلك طلب حذف هذه العبارة. وبهذا التاريخ، وحدها الأنوار نشرت البيان كاملاً. وكان هدفي ابلاغهم انني لن اسكت ولن اصمت، مهما فعلوا، خصوصاً ان الوطن في خطر، ويسير نحو شفا الخطر، ولا بد من ان ترتفع اصوات لوقف هذا التدهور. وإميل لحود ارتكب الخيانة العظمى، وان لم يكن احد يستخدم هذه العبارة. وطوال تسعة اعوام، كان هذا الرجل قائداً للجيش، وركز كل جهده مع مخابراته على تقوية حزب وميليشيا وسلاح على حساب الجيش. واذا كان لا بد من معالجة مسألة سلاح حزب الله، فلا بد من 18 عاماً على الأقل، للوصول الى ذلك، لاعادة القوة الى الدولة. ولا شك ان الدولة وحدها هي الرادع ضد استخدام حزب الله سلاحه في الداخل، وبالتالي لاعادة تكوين الدولة، والقضاء على التخريب الذي لحق بها، علماً ان البناء عملية صعبة في الظروف الحالية، حيث الجو المذهبي والطائفي يحول حتى الأحاسيس الى متاريس نفسية.أضاف: لا أنسب الى لحود ذكاء خارقاً، اعتقد انه كان ينفذ التعليمات من دون ادراك خطورة المفاعيل والنتائج، الفارق بينه وبين ميشال عون هو ان هذا الأخير يعرف النتائج لكنه يتصرف مثل اميل لحود، بالتمام والكمال. كانت طموحاته في باريس ان يصبح مثل الجنرال ديغول. وبعد عودته الى بيروت، اصبحت طموحاته ان يتحول الى اميل لحود آخر. وهذا هو الخوف اليوم، ذلك ان عون لديه قاعدة مسيحية، في وقت افتقر اليها اميل لحود. ويغطي بشكل هائل سياسة لحود الأساسية. ولفت الى سلوك عون وتصرفاته ومواقفه، قائلاً أنا اتحدى ميشال عون ان يقول بماذا يختلف عن اميل لحود؟ بماذا يتميز عنه؟ قناعتي الشخصية ان الرجلين متشابهان الى حد التطابق. ولا شيء يميزها عن بعضهما بعضا، على الاطلاق لا في التحالفات، ولا في الصور التي نراها، وإلى جانب من يجلس في اجتماعات ما يسمى المعارضة في الرابية. الصور نفسها، الأشخاص أنفسهم. يكفي استبدال عون بلحود، لكي نحصل على الكليشيه نفسها. والخوف ان عون ليس رئيساً للجمهورية. ولو تبوأ هذا المنصب ولديه هذه القاعدة المسيحية، لكان شكل تغطية اكبر مما قام به حتى الآن، لسياسة اميل لحود، اي تنفيذ سياسات الآخرين على ارض لبنان.وعن عمل لجنة التحقيق الدولية، قال: لا اعرف في الواقع، اين وصلت لجنة التحقيق الدولية، لا شك انها شكلت بعض القناعات. وبدا ان اي دولة اجنبية تتحدث مع اية دولة، تكون هذه المحكمة في صلب التداول، على اساس تخفيف ضعوطها ومفاعيلها. ويطرح المقايضات حولها وعليها.. وجرى ذلك مع فرنسا والرئيس ساركوزي ارتكب خطأ فظيعاً بفضح هذه المفاوضات. لأنه تم اتخاذ القرار بتمويل المحكمة الدولية. من هنا اريد القول ان المعلومات التي املكها، ابلغت الجزء الكبير منها الى الرئيس الشهيد رفيق الحريري، قبل اغتياله. وقد اتهم دولا كبرى باطمئنانه الى امور وضمانات مخالفة لهذه المعلومات. قيل مثلا ان اميركا وفرنسا الشيراكية نبهتا وحذرتا من محاذير المساس بركني المعارضة، اي الحريري وجنبلاط. هذا التحذير حدث بالفعل، ونقل الى الرئيس الحريري. ولم اكن قادراً انا شخصياً ولا غيري بين الذين نبهوه وحذروه، وطرحوا امامه بعض المعطيات التي كانت لديهم، وهي مخيفة، بأن عليه ان يصدقنا نحن، ان مصادر الرئيس الاميركي او الفرنسي اهم من مصادري، بكل تأكيد... وكنت في موقع العجز عن القول له انني لست مطمئناً مثل الرئيس الاميركي او الفرنسي. وهو شخصياً، كان اكثر اطمئناناً الى ضمانات بوش وشيراك ومسؤولين اوروبيين آخرين.وعما ذكر بأن الرئيس جاك شيراك نصح الحريري بمغادرة بيروت، قال: لا اعرف اذا كان شيراك طلب منه فعلا مغادرة بيروت، وتتداول اطراف معلومات مفادها انه نصحه فعلاً بالمغادرة لكن اعتقادي الخاص أنه عندما كنا نبلغ الى الرئيس الشهيد معلومات خطيرة جداً وأن الاجراءات الأمنية اللبنانية المتخذة لم تعد تحميه، كان يجيب بأنهم اياً كانوا لن يفعلوها ولن يجرؤوا على ارتكابها، مما يعني ان لديه بوليصة تأمين من طرف كبير وفاعل ومؤثر أو اطراف كبيرة وفاعلة دخلت على الخط. فظن البعض أن ضجة الاغتيال تهدأ بعد يومين أو ثلاثة أيام. وجميل السيد رفع تقريراً في هذه المسألة، وجاء فيه أن صدمة الاغتيال في الشارع لن تدوم أكثر من 5 الى 6 أيام. والحريري يموت مثل كل الآخرين وينساه الناس. لم يأخذ في الاعتبار أن الحريري من الرجال العظماء. لم يصدق أنه من نادي العظماء في العالم، وعضو في النادي الدولي الكبير، الى جانب شيراك وبوش وشرودر وغيرهم. وجاء يوم جلسوا جميعاً الى طاولتهم المألوفة، والتفتوا يساراً ويميناً ولم يجدوه. كان رمزاً وكان كبيراً وشجاعاً.وأوضح انني وقفت مرة واحدة أمام لجنة التحقيق ورسمت اللوحة. ولم أدل بمعلومات لكي لا أقع في مشكلة المصادر والأسماء التي قد تكون خاضعة لتهديدات وتعود عما تكون قد أدلت به، حرصاً على سلامتها، تحدثت بإسهاب عن الأجواء التي سبقت الاغتيال ومهّدت له. وفي اليومين قبل العملية، أي في 12/13/14 شباط 2005، كانت كمية المعلومات حول التصفية كبيرة. وفي ضوئها، كان لا بد للرئيس الشهيد من البقاء في دارته، مهما كانت الانشغالات. اعتقد أن هذا الاطمئنان المعطى من دول كبرى جعله يستخف بالخطر. بالنسبة الى ما استخلصته من لجنة التحقيق بعد مثولي امامها، هو أنها جدية في الوصول الى الحقيقة. وقد مثلت أمامها زمن المحقق الألماني ديتليف ميليس. وهو من أهم المحققين. لم يسيس الموضوع ولم يهتم إطلاقاً بانعكاسات القضية على الواقع اللبناني. حصر كل جهده في التحقيق. ولم ينظر في وقع وأصداء ومفاعيل النتائج التي يمكن أن تصدر عن الاستقصاء في الملابسات. أما (سيرج) براميرتس، فقد جرى لفت انتباهه الى أن لبنان بلد فسيفسائي، ولا يمكن الإعلان عن أي حقيقة فيه، وإذا أعلنت أي حقيقة، تتأثر موازين القوى الهشة والمناخ العام. وميليس أصدر الأوامر بتوقيف الضباط الأربعة على أساس أن ذلك ضروري لكي يكشفوا عن الحقيقة. وكان يعرف أن لديهم الكثير من المعلومات. من هنا الأسئلة التي طرحتها اللجنة عليّ كانت استفسارية وتقنية، نصحتهم بطرح أسئلة للجيش حول المتفجرات: هل نقصت المخازن؟ هل طلب الحرس الجمهوري متفجرات؟ وأين أنفقها؟ هذا الطراز من الأسئلة كانت له فاعلية في تركيز الأضواء على ألغاز وملابسات محددة.وعن الصندوق الأسود في مديرية المخابرات، قال: يُصرف جزء من مبالغ الصندوق على حالات وأنشطة لا علاقة لها لا بالأمن المعلوماتي ولا بالاستقصاء. وليس هناك ما يُسمّى، رسمياً الصندوق الأسود بل مصاريف سرية تابعة للمخابرات ولا تخضع للرقابة. قد يسأل قائد الجيش عن كيفية الصرف، وهذا حقّ من حقوقه. وقد تحدث مساعدات لأسباب سياسية، وبناء لطلب رئيس الجمهورية، في بعض الأوقات. والاستفادات الشخصية التي حصلت على صعيد مديرية المخابرات، زمن الرئيس إميل لحود، بشكل خاص. لم نرها أبداً. إنه استغلال الوظيفة للإثراء غير المشروع والفساد. لم يحدث ذلك لا معي ولا مع الذين سبقوني على رأس المديرية.وحول عدم قدرة الاجهزة الامنية على القبض على رأس خيط واحد، باستثناء خلية البداوي، قال: حتى الكلام على خلية البداوي، أعتقد أنه يفتقر الى الدقة. أؤكد، ان هناك شخصاً واحداً في لبنان، يمكن أنه يتمتع بحصانة، إذا خضع للتحقيق الجدي، يُصار الى اكتشاف ما هو فوق الثمانين بالمئة من الاغتيالات والتفجيرات التي حصلت في لبنان، في الأعوام الثلاثة الأخيرة، أي من مروان حمادة أطال الله عمره الى الشيخ صالح العريضي في بيصور رحمه الله هذا الرجل لديه حصانة. والعسكر لا حصانة لهم.وعن تمويل جريمة اغتيال الرئيس الحريري، أشار الى أن العملية في حاجة الى قوة عقائدية، ثم الى قوة مالية. هذا يعني أن سوريا في تحالفها مع إيران، لم تعد كما كانت في السابق. والذين يتوقعون انهيار هذا الحلف قريباً، كما يظنون، فهم على خطأ. والدليل هو المال الإيراني الموزّع في بلدنا العزيز ولدى الحلفاء والمحاسيب. وعلى دول الخليج في شكل خاص أن تدرك حجم التمويل الإيراني في لبنان والوقوف في وجه التخريب الناتج عنه.
عبده: نتائج التحقيق الدولي ستحدث زلزالاً أكبر من إعصار اغتيال الحريري
المستقبل - الاربعاء 22 تشرين الأول 2008 - العدد 3113 -
اعتبر السفير السابق جوني عبده أن نتائج التحقيق في اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ستحدث زلزالاً محلياً واسعاً، أكبر من إعصار اغتياله إن لم يكن أكثر وأشمل وأخطر، وأن النتائج السياسية ستكون أدهى وأفدح من الاغتيال الشخصي في 14 شباط 2005. وكشف ان مفاوضات ومقايضات حصلت بين فرنسا وسوريا حول المحكمة، مشيراً الى ان أميركا وفرنسا الشيراكية حذرتا من مغبة المساس بركني المعارضة اللبنانية أي الرئيس الحريري ووليد جنبلاطِ. ولفت الى أن شخصاً واحداً إذا خضع للتحقيق، فسيكشف 80% من ملابسات الاغتيالات، وأن لجنة التحقيق لا تحتاج الى اعترافات بل الى قناعات. واعتبر ان العماد ميشال عون تحول في بيروت الى اميل لحود آخر، وتحداه أن يقول بماذا يختلف عن الرئيس اللبناني السابق.وقال عبده في حديث تنشره غداً الخميس مجلة الصياد رداً على ما نشرته جريدة الأنوار عن معلومات تنشر للمرة الأولى عن التحضيرات التي سبقت اغتيال الرئيس: الخبر أحدث خبطة دون شك. في البداية، كاد المرء يرسم علامات استفهام حول صدقية المعلومات. ومن حق أي قارئ ان يتساءل عن المصدر الذي تم استقاء الخبر منه. وما دفعني أنا شخصياً للميل الى تصديق المعلومات هو أولاً التوقيع لكاتبها. والسيدة إلهام فريحة لا تخترع أخباراً. ولم تعودنا في السابق الفبركة، وأتى بعد ذلك رد الناطقة باسم لجنة التحقيق الدولية، إذ وقعت في مطب لم يكن من المفترض ان تقع فيه. وللسيدة إلهام فريحة الحق في الاطلاع على بعض قضايا التحقيق من مصادر معينة بصفتها الاعلامية وموقعها في أكبر مؤسسة اعلامية في لبنان والعالم العربي. ومن حقها أيضاًً ان تنشر هذه المعلومات. أما الناطقة باسم لجنة التحقيق الدولية، فهي لا تملك الحق في معرفة مضامين التحقيق. وليس لها، تالياً، الحق في الرد، كان في وسعها القول انها لا تعرف، وليس من اختصاصها ان تعرف. وهي فعلاً لم تكذب الخبر. وأدلت بأقوال مفادها انه لا استباق للنتائج وأسماء المشتبه فيهم تعطى لاحقاً وليس الآن. وما تلا هذا الخبر بالذات ليس بقليل أبداً، ذلك ان محطة التلفزيون الايراني الناطقة باللغة العربية، وهي العالم، تبنت الخبر بتفاصيله وحذافيره، وتحدثت عن 120 شخصاً بين متهم ومشتبه فيه، من دون ان تذكر المصدر. هذا التبني يعني ان هناك معلومات. والسي.ان.ان والصحف الروسية والأوروبية تناقلت الخبر بدورها. من هنا حدوث الخبطة وتجاوز كل المعلومات السابقة التي كانت تتحدث عن تأخير وتباطؤ في اجراءات المحكمة، أي كل ما ينسف معنويات الذين ينتظرون قيامها ويراهنون عليها في الكشف عن الحقيقة. هذا الخبر قال للعالم، بما في ذلك الضباط الأربعة، ان لا أحد سينجو من عقاب العدالة إذا ثبت تورطه. أنا شخصياً، لا أعرف ماذا يجري داخل لجنة التحقيق، وأين وصلت. لكن لم أعد أسمح لنفسي بالتشكيك بالنتائج بعد خبر الأنوار، صاحبة المصداقية والنوعية الاعلامية.وأكد ان نتائج التحقيق سوف تحدث زلزالاً محلياً، أكبر من الاعصار الذي شكله اغتيال رفيق الحريري، إن لم يكن أكبر، والنتائج السياسية قد تكون أدهى وأفدح من الاغتيال الشخصي في 14 شباط 2005، موضحا ان بعض الأطراف يعتقد ان لجنة التحقيق في حاجة الى اعترافات. هذا غير صحيح، اللجنة في حاجة الى قناعات في ضوء المعطيات والمستمسكات. ولم أرَ ولم أسمع بطرف ارتكب هذا الحجم من الاغتيالات واعترف بمسؤوليته عنها. في هذه الحال، لكان التحقيق قد انتهى منذ زمن بعيد. ان الأمور ليست كذلك، واليوم نلمس ان هذه اللجنة شكلت قناعة محددة حول مضبطة الاتهام، على أساس معلومات وإثباتات تساعد القاضي على اصدار الحكم.وحول الاعتداء الآثم الذي تعرضت له زوجته في الضبية، وتعقب سيارته في بيروت، قال: انها مرحلة اسكات الصوت الجريء، والذين وقفوا وراء هذه الممارسات كانوا من المخابرات وأمن الرئيس السابق اميل لحود، يعرفون تماماً من أنا، وان هذا التخويف لا يخيفني، وهذا التهويل لا يؤثر فيّ. أرادوا في شكل أو في آخر، منعي من المجيء الى لبنان. ولو استطاعوا يومها اغتيالي، لما كانوا قد تأخروا دقيقة واحدة، بالطبع لم أترك لهم مجالاً لتنفيذ مآربهم. ولذلك ركزوا على بعض نقاط الضعف ولم يتصور أحد انهم قد يوجهون الأذى الى نساء. ولم يخطر في بالي انهم قد يستهدفون زوجتي، خصوصاً انني كنت في بيروت، يومئذ. ولماذا ليس أنا؟ يومها كنت في جنازة شقيقي. وحضرت للتعزية. وكانوا حاضرين في تقبل التعازي، وسجلوا أسماء المعزين ورصدوا الحاضرين والغائبين. هذه دلالة اضافية على ان هناك احداً حتى في التعزية. عقل سخيف وتافه لا يجاريه احد في السخف والتفاهة. عهد مشؤوم نشكر الله انه مضى. انا شخصياً، لم اتأثر بهذا الموضوع على الاطلاق، واصدرت بياناً للتعبير عن وجهة نظري. والحق يقال ان جريدة واحدة نشرت البيان كاملاً من دون اجتزاء هي الأنوار. حتى النهار حرفت فيه بناء لطلب جميل السيد واميل لحود ورفيق شلالا. وبدأت بياني التالي: ايها الجبناء وأيها الجبان الأول، ايها الخونة، وأيها الخائن الأول.. وكنت اقصد بـالجبان الأول والخائن الأول اميل لحود. وهو عرف انني اقصده. ولذلك طلب حذف هذه العبارة. وبهذا التاريخ، وحدها الأنوار نشرت البيان كاملاً. وكان هدفي ابلاغهم انني لن اسكت ولن اصمت، مهما فعلوا، خصوصاً ان الوطن في خطر، ويسير نحو شفا الخطر، ولا بد من ان ترتفع اصوات لوقف هذا التدهور. وإميل لحود ارتكب الخيانة العظمى، وان لم يكن احد يستخدم هذه العبارة. وطوال تسعة اعوام، كان هذا الرجل قائداً للجيش، وركز كل جهده مع مخابراته على تقوية حزب وميليشيا وسلاح على حساب الجيش. واذا كان لا بد من معالجة مسألة سلاح حزب الله، فلا بد من 18 عاماً على الأقل، للوصول الى ذلك، لاعادة القوة الى الدولة. ولا شك ان الدولة وحدها هي الرادع ضد استخدام حزب الله سلاحه في الداخل، وبالتالي لاعادة تكوين الدولة، والقضاء على التخريب الذي لحق بها، علماً ان البناء عملية صعبة في الظروف الحالية، حيث الجو المذهبي والطائفي يحول حتى الأحاسيس الى متاريس نفسية.أضاف: لا أنسب الى لحود ذكاء خارقاً، اعتقد انه كان ينفذ التعليمات من دون ادراك خطورة المفاعيل والنتائج، الفارق بينه وبين ميشال عون هو ان هذا الأخير يعرف النتائج لكنه يتصرف مثل اميل لحود، بالتمام والكمال. كانت طموحاته في باريس ان يصبح مثل الجنرال ديغول. وبعد عودته الى بيروت، اصبحت طموحاته ان يتحول الى اميل لحود آخر. وهذا هو الخوف اليوم، ذلك ان عون لديه قاعدة مسيحية، في وقت افتقر اليها اميل لحود. ويغطي بشكل هائل سياسة لحود الأساسية. ولفت الى سلوك عون وتصرفاته ومواقفه، قائلاً أنا اتحدى ميشال عون ان يقول بماذا يختلف عن اميل لحود؟ بماذا يتميز عنه؟ قناعتي الشخصية ان الرجلين متشابهان الى حد التطابق. ولا شيء يميزها عن بعضهما بعضا، على الاطلاق لا في التحالفات، ولا في الصور التي نراها، وإلى جانب من يجلس في اجتماعات ما يسمى المعارضة في الرابية. الصور نفسها، الأشخاص أنفسهم. يكفي استبدال عون بلحود، لكي نحصل على الكليشيه نفسها. والخوف ان عون ليس رئيساً للجمهورية. ولو تبوأ هذا المنصب ولديه هذه القاعدة المسيحية، لكان شكل تغطية اكبر مما قام به حتى الآن، لسياسة اميل لحود، اي تنفيذ سياسات الآخرين على ارض لبنان.وعن عمل لجنة التحقيق الدولية، قال: لا اعرف في الواقع، اين وصلت لجنة التحقيق الدولية، لا شك انها شكلت بعض القناعات. وبدا ان اي دولة اجنبية تتحدث مع اية دولة، تكون هذه المحكمة في صلب التداول، على اساس تخفيف ضعوطها ومفاعيلها. ويطرح المقايضات حولها وعليها.. وجرى ذلك مع فرنسا والرئيس ساركوزي ارتكب خطأ فظيعاً بفضح هذه المفاوضات. لأنه تم اتخاذ القرار بتمويل المحكمة الدولية. من هنا اريد القول ان المعلومات التي املكها، ابلغت الجزء الكبير منها الى الرئيس الشهيد رفيق الحريري، قبل اغتياله. وقد اتهم دولا كبرى باطمئنانه الى امور وضمانات مخالفة لهذه المعلومات. قيل مثلا ان اميركا وفرنسا الشيراكية نبهتا وحذرتا من محاذير المساس بركني المعارضة، اي الحريري وجنبلاط. هذا التحذير حدث بالفعل، ونقل الى الرئيس الحريري. ولم اكن قادراً انا شخصياً ولا غيري بين الذين نبهوه وحذروه، وطرحوا امامه بعض المعطيات التي كانت لديهم، وهي مخيفة، بأن عليه ان يصدقنا نحن، ان مصادر الرئيس الاميركي او الفرنسي اهم من مصادري، بكل تأكيد... وكنت في موقع العجز عن القول له انني لست مطمئناً مثل الرئيس الاميركي او الفرنسي. وهو شخصياً، كان اكثر اطمئناناً الى ضمانات بوش وشيراك ومسؤولين اوروبيين آخرين.وعما ذكر بأن الرئيس جاك شيراك نصح الحريري بمغادرة بيروت، قال: لا اعرف اذا كان شيراك طلب منه فعلا مغادرة بيروت، وتتداول اطراف معلومات مفادها انه نصحه فعلاً بالمغادرة لكن اعتقادي الخاص أنه عندما كنا نبلغ الى الرئيس الشهيد معلومات خطيرة جداً وأن الاجراءات الأمنية اللبنانية المتخذة لم تعد تحميه، كان يجيب بأنهم اياً كانوا لن يفعلوها ولن يجرؤوا على ارتكابها، مما يعني ان لديه بوليصة تأمين من طرف كبير وفاعل ومؤثر أو اطراف كبيرة وفاعلة دخلت على الخط. فظن البعض أن ضجة الاغتيال تهدأ بعد يومين أو ثلاثة أيام. وجميل السيد رفع تقريراً في هذه المسألة، وجاء فيه أن صدمة الاغتيال في الشارع لن تدوم أكثر من 5 الى 6 أيام. والحريري يموت مثل كل الآخرين وينساه الناس. لم يأخذ في الاعتبار أن الحريري من الرجال العظماء. لم يصدق أنه من نادي العظماء في العالم، وعضو في النادي الدولي الكبير، الى جانب شيراك وبوش وشرودر وغيرهم. وجاء يوم جلسوا جميعاً الى طاولتهم المألوفة، والتفتوا يساراً ويميناً ولم يجدوه. كان رمزاً وكان كبيراً وشجاعاً.وأوضح انني وقفت مرة واحدة أمام لجنة التحقيق ورسمت اللوحة. ولم أدل بمعلومات لكي لا أقع في مشكلة المصادر والأسماء التي قد تكون خاضعة لتهديدات وتعود عما تكون قد أدلت به، حرصاً على سلامتها، تحدثت بإسهاب عن الأجواء التي سبقت الاغتيال ومهّدت له. وفي اليومين قبل العملية، أي في 12/13/14 شباط 2005، كانت كمية المعلومات حول التصفية كبيرة. وفي ضوئها، كان لا بد للرئيس الشهيد من البقاء في دارته، مهما كانت الانشغالات. اعتقد أن هذا الاطمئنان المعطى من دول كبرى جعله يستخف بالخطر. بالنسبة الى ما استخلصته من لجنة التحقيق بعد مثولي امامها، هو أنها جدية في الوصول الى الحقيقة. وقد مثلت أمامها زمن المحقق الألماني ديتليف ميليس. وهو من أهم المحققين. لم يسيس الموضوع ولم يهتم إطلاقاً بانعكاسات القضية على الواقع اللبناني. حصر كل جهده في التحقيق. ولم ينظر في وقع وأصداء ومفاعيل النتائج التي يمكن أن تصدر عن الاستقصاء في الملابسات. أما (سيرج) براميرتس، فقد جرى لفت انتباهه الى أن لبنان بلد فسيفسائي، ولا يمكن الإعلان عن أي حقيقة فيه، وإذا أعلنت أي حقيقة، تتأثر موازين القوى الهشة والمناخ العام. وميليس أصدر الأوامر بتوقيف الضباط الأربعة على أساس أن ذلك ضروري لكي يكشفوا عن الحقيقة. وكان يعرف أن لديهم الكثير من المعلومات. من هنا الأسئلة التي طرحتها اللجنة عليّ كانت استفسارية وتقنية، نصحتهم بطرح أسئلة للجيش حول المتفجرات: هل نقصت المخازن؟ هل طلب الحرس الجمهوري متفجرات؟ وأين أنفقها؟ هذا الطراز من الأسئلة كانت له فاعلية في تركيز الأضواء على ألغاز وملابسات محددة.وعن الصندوق الأسود في مديرية المخابرات، قال: يُصرف جزء من مبالغ الصندوق على حالات وأنشطة لا علاقة لها لا بالأمن المعلوماتي ولا بالاستقصاء. وليس هناك ما يُسمّى، رسمياً الصندوق الأسود بل مصاريف سرية تابعة للمخابرات ولا تخضع للرقابة. قد يسأل قائد الجيش عن كيفية الصرف، وهذا حقّ من حقوقه. وقد تحدث مساعدات لأسباب سياسية، وبناء لطلب رئيس الجمهورية، في بعض الأوقات. والاستفادات الشخصية التي حصلت على صعيد مديرية المخابرات، زمن الرئيس إميل لحود، بشكل خاص. لم نرها أبداً. إنه استغلال الوظيفة للإثراء غير المشروع والفساد. لم يحدث ذلك لا معي ولا مع الذين سبقوني على رأس المديرية.وحول عدم قدرة الاجهزة الامنية على القبض على رأس خيط واحد، باستثناء خلية البداوي، قال: حتى الكلام على خلية البداوي، أعتقد أنه يفتقر الى الدقة. أؤكد، ان هناك شخصاً واحداً في لبنان، يمكن أنه يتمتع بحصانة، إذا خضع للتحقيق الجدي، يُصار الى اكتشاف ما هو فوق الثمانين بالمئة من الاغتيالات والتفجيرات التي حصلت في لبنان، في الأعوام الثلاثة الأخيرة، أي من مروان حمادة أطال الله عمره الى الشيخ صالح العريضي في بيصور رحمه الله هذا الرجل لديه حصانة. والعسكر لا حصانة لهم.وعن تمويل جريمة اغتيال الرئيس الحريري، أشار الى أن العملية في حاجة الى قوة عقائدية، ثم الى قوة مالية. هذا يعني أن سوريا في تحالفها مع إيران، لم تعد كما كانت في السابق. والذين يتوقعون انهيار هذا الحلف قريباً، كما يظنون، فهم على خطأ. والدليل هو المال الإيراني الموزّع في بلدنا العزيز ولدى الحلفاء والمحاسيب. وعلى دول الخليج في شكل خاص أن تدرك حجم التمويل الإيراني في لبنان والوقوف في وجه التخريب الناتج عنه.
No comments:
Post a Comment