تخوف من عمل أمني يلصق بـ »الموقوفين الأصوليين« لتهريب الضباط الى سوريا أو تصفيتهم
افتراءات بقصد »المقايضة« على المحكمة
المستقبل - السبت 1 تشرين الثاني 2008 - العدد 3123 - شؤون لبنانية - صفحة 4
أيمن شروف
يعكس »التململ« الذي عبّر عنه السجناء الاسلاميون في سجن رومية، الاسلوب الممنهج والمخطط مسبقاً لتصوير فئة معينة من اللبنانيين على انها تشكل خطراً على الكيان اللبناني عبر الصاق تهمة الارهاب والتطرف بطائفة معينة، ما يضمن للبعض الحفاظ على موقعه السياسي عبر التحريض والتخويف من هذه الظاهرة المسماة »ارهابية« والاستفادة سياسياً من هذا الموضوع، وبالتحديد ممن اعتاد العيش على التفرقة ومن لا يجد لنفسه مكاناً ساعة يكون العمل السياسي تحده الضوابط الاخلاقية قبل الضوابط القانونية.خطة مبيتة؟كما يشكل هذا »التململ« في مكان ما، وسيلة لدى البعض للهروب من تداعيات المحكمة الدولية، فهناك وجهة نظر تتحدث عن امكانية ان يقوم المتضررون من قيام المحكمة بعملية مقايضة في ما خص ملف المسجونين الاسلاميين واعتقال الضباط الاربعة. ويحذر المتابعون لهذا الملف من عملية امنية يجري التحضير لها تبدأ بأعمال شغب »تلصق بالموقوفين الاسلاميين« تتبعها عملية امنية منظمة تعمل على تسهيل هروب الضباط الاربعة وبالتالي انتقالهم الى سوريا كما حصل مع شاكر العبسي، اما ان تكون هذه العملية هدفها تصفية هؤلاء الضباط مع اقتراب ساعة مثولهم امام محكمة العدل الدولية، وما يستتبع ذلك من تداعيات تنتجها اعترافات هؤلاء قد توصل بعض »الرؤوس الكبيرة« الى قبضة العدالة، كانت الى حد بدء المحاكمة باستطاعتها ان تنأى بنفسها عبر اساليب التعطيل ثم العرقلة ثم »الهجوم كأفضل وسيلة للدفاع« والتي مارستها خلال السنوات الثلاث الماضية.وتعتبر المصادر ان التضخيم الاعلامي لما يحصل في ما خص تنامي الحركات الاصولية يأتي في سياق ما ذكر سابقاً وان من مصلحة هؤلاء ان يصوروا الحركات الاسلامية على انها المارد الذي سيدمر لبنان على اعتبار انها تستطيع بهذا الاسلوب تفشيل مشروع سياسي بدأ منذ ثلاث سنوات، عبر توجيه الضربات المتتالية الى العمود الفقري للقوى الاستقلالية المتمثل بالطائفة التي انتمى اليها الرئيس الشهيد رفيق الحريري.وتلفت مصادر واسعة الاطلاع الى ان قيام البعض بعرقلة المصالحات وبالتحديد المصالحة المسيحية ـ المسيحية، واثارة الرأي العام حول موضوع التطرف السني طمعاً في الابقاء على الحد الادنى من »شعبيته« التي تراجعت في الآونة الاخيرة بشكل مخيف.التهويل من »الحوت السني«هذا التشويه للحقائق واجتزاؤها من البعض، يعتبره الباحث في الشؤون الاسلامية فادي شامية موضع استغلال كبير يقوم به بعض الاطراف لأغراض سياسية بحت. ويلفت الى ان السوريين بعد خروجهم من لبنان تركوا لبعض من كان ينكل بهم حرية وهامش الحركة الملائم للعبث بالأمن.كما جرى الحديث منذ فترة سبقت احداث نهر البارد عن مجموعات أصولية ومتطرفة تدخل الى لبنان عن طريق الحدود اللبنانية ـ السورية. ويربط شامية هذا الخرق المقصود من الجانب السوري بــ »عملية التقنين التي قامت بها السلطات السورية بالحد الجزئي من دخول الارهابيين الى الاراضي العراقية«. فعمدت عندها الى تصدير مجموعات من هؤلاء الى لبنان حيث كانوا يوضعوا امام خيارين، اما ان يسلّموا الى الاميركيين أو ان يرحّلوا الى لبنان.ويرى الباحث في الشأن الاسلامي ان وراء هذه السياسة في التعاطي مع موضوع المتطرفين الاسلاميين شقين، الاول مسيحي الاتجاه يضمن للنائب ميشال عون المحافظة على موقعه المسيحي عبر التهويل من »الحوت السني« كما يصفه البعض، وفي الشق الاسلامي يريد فريق معين قطع الطريق على الاسلاميين الآخرين للابقاء على احتكارهم للمقاومة والذي يضمن لهم تعاظم نفوذهم أكثر وأكثر.كما ان الجرائم التي حصلت في لبنان منذ ثلاث سنوات وحتى يومنا هذا لا تزال مجهولة الهوية، ولكن يدرك المتضررون من المحكمة التي ستحاكم من قام بهذه الاغتيالات ان السبيل الوحيد الى الهروب من مطرقة العدالة بتحميل المتطرفين مسؤولية كل هذه الجرائم وبالتالي تبرئة انفسهم أو بالحد الادنى »تبييض طنجرة« حلفائهم.حيثيات »التململ«اما ما حدث منذ يومين في سجن رومية وما صوّره البعض بأنه بداية لانفلات وضع المساجين الاسلاميين، فيقتضي التوضيح ان هؤلاء لم يعمدوا الى احتجاز اي عنصر امني كما نقلت بعض وسائل الاعلام وان التململ الذي أبدوه هو نتيجة لتراكمات بدأت منذ سنة ونصف كما يشير مسؤول لجنة السجناء الاسلاميين ايهاب البنا.والاشكال بدأ حين عمد بعض رجال الأمن من داخل السجن الى اجبار بعض المساجين الذين كانوا يمارسون الرياضة على العودة الى السجن ما ولد استياء لديهم من الطريقة التي عوملوا بها، مع العلم ان ما ضخم الاشكال هو العبارات التي أطلقها مساجين الطابق الثاني اي المحكومون بجنايات بحق القوى الامنية، وحسم الامر بحبس البنا عندما تدخل العقيد ايلي سعادة الذي له خبرة في التعامل مع هذه الاحداث وتحدث مع النقيب عمر اليفاوي الذي استطاع ان يحل الاشكال ويعيد السجناء الى داخل السجن.ومن هنا ينطلق البنا للحديث عن وضع السجناء الذين تم التضييق علهم كثيراً في الآونة الاخيرة ومنعوا من ابسط الامور التي تساعد السجين في البقاء والتي تكفلها شرعة حقوق الانسان. ويروي حادثة حصلت قبل ايام حين منع على المساجين الاسلاميين تناول المياه التي ترسلها اليهم دار الفتوى نظراً الى ان المياه المتوافرة لديهم غير صالحة للشرب، ليعود المسؤولون عن سجن رومية الى السماح لهم بتناول هذه المياه بعد اتصالات أجرتها دار الفتوى مع المعنيين.ولأن وضع السجون في لبنان لا يتوافر فيه الحد الادنى من الاصول المتبعة في الخارج، فهناك استياء دائم لدى جميع نزلاء السجون بشكل عام من هذا الامر، وحتى الملح اصبح يعتبر مسيلة لتذويب الحديد، ومواد الغسيل منعت عليهم خوفاً من ان تستعمل للتفجير!! فضلاً عن الشق السياسي الذي يأخذه موضوع السجناء الاسلاميين بحيث يلفت البنا الى ان بعضهم حصل على اخلاء سبيل وهو لا يزال داخل السجن.ويربط رئيس »جمعية العدالة والتنمية» احمد الايوبي هذا الامر بالحملة على السجناء الاسلاميين للحيلولة دون الحصول على حقوقهم، في حين أن الضباط الاربعة يتمتعون برفاهية مطلقة. ويعتبر ان البت بقضيتهم يرتبط بقرار مركزي وسياسي، اذ ان هناك بعض الاطراف يعمل على ابقاء الامر كما هو عليه في محاولة لتكبير هذا الملف سعياً الى مقايضته بملف الضباط الاربعة.التعمية على الحقيقةوالمجموعات المتطرفة بحسب الايوبي، هي تعمية على حقيقة واحدة مفادها ان النظام السوري هو الذي يصدر الارهاب الينا ليصوّر للولايات المتحدة أن حدوده مع العراق مضبوطة، وفي الوقت نفسه يستفيد من تنامي الارهاب في لبنان كي يستعيد ورقة التفاوض التي لطالما اعتبرها رابحة، وليعود بنفوذه الى لبنان.واذا استثنينا ابو هريرة، فليس من لبناني واحد معتقل في السجون اللبنانية لأنه شارك بالمعارك التي جرت في نهر البارد، والذين أوقفوا كانوا اما مشتبه بهم واما تم احتجازهم بعدما ادركوا ان الاحداث والمعارك تدور مع الجيش اللبناني وليس مع قوات الاحتلال الاسرائيلية، فانسحبوا واعتقلوا.وبحسب مطلعين، من المستغرب تصوير حالة غريبة على الواقع السني بهذا الشكل، واذا وجد فريق سلفي فهذا لا يعني انه متطرف، وما يؤكد ذلك تصريحات السلفيين في الشمال الذين يشددون على ولائهم لحكم الدولة والقانون.والبعض يتهم الاسلاميين السلفيين بالتطرف في حين ان حلفاءهم السياسيين والذين يرتبطون معهم بوحدة »لا نهاية لها«، وقّعوا مع هؤلاء السلفيين في السابق ورقة تفاهم قيل انها مبنية على اساس صلب وعلى قناعات متشابهة الى حد بعيد.
No comments:
Post a Comment