This blog of the Lebanese Center for Human Rights (CLDH) aims at granting the public opinion access to all information related to the Special Tribunal for Lebanon : daily press review in english, french and arabic ; UN documents, etc...

Ce blog du
Centre Libanais des droits humains (CLDH) a pour objectif de rendre accessible à l'opinion publique toute l'information relative au Tribunal Spécial pour le Liban : revue de presse quotidienne en anglais, francais et arabe ; documents onusiens ; rapports, etc...
.

PRESS REVIEW

August 12,2010 - assafir quiet reading of the content of UN Security Council resolution On the establishment of STL.doc

قضايا وأراء
تاريخ العدد 12/08/2010 العدد 11665



قراءة هادئة لمضمون قرار مجلس الأمن الدولي
المتعلق بإنشاء المحكمة الخاصة بلبنان (1)
عدنان عضوم
بتاريخ 31/5/2007، أصدر مجلس الأمن قراراً برقم 1757/2007 بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة وقرَّر حرفيّاً في البند الأول فقرة (أ) من قسمه التنفيذي أنه يبدأ سريان أحكام الوثيقة المرفقة المتعلقة بإنشاء محكمة خاصة للبنان، بما في ذلك الضميمة الملحقة بها، اعتباراً من 10 حزيران/يونيو 2007، ما لم ُتقدِّم حكومة لبنان قبل ذلك التاريخ إخطاراً بموجب المادة 19 (1) من الوثيقة المرفقة. وتناول هذا القرار في بنوده الأخرى بعض المواضيع المتعلقة باتفاق المقر (المادة 8 من الوثيقة)، وتمويل المحكمة (المادة 5 فقرة (ب) من الوثيقة) وتاريخ بدء المحكمة (المادة 19 من الوثيقة)، كما طلب المجلس من الأمين العام أن يتخذ بالتنسيق مع الحكومة اللبنانية عند الاقتضاء الإجراءات والتدابير اللازمة لإنشاء المحكمة الخاصة في موعد قريب على أن يُقدِّم تقريراً إلى المجلس عن تنفيذ هذا القرار في غضون تسعين يوماً وبعد ذلك بشكل دوري.
تعليقاً على هذا القرار، سنقوم في بادئ الأمر بتعريف مهمة مجلس الأمن في مجال الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين بموجب الفصل السابع والتطبيق العملي لأحكام هذا الفصل على الممارسات السابقة لهذا المجلس وعلى القرار الرقم 1757/2007 المشار إليه أعلاه، ثم سنقوم بمناقشة مضمون هذا القرار والمخالفات القانونية المرتكبة فيه، كما سنبيِّن العقبات القانونية التي تحول دون إمكانية وضع الاتفاقية الثنائية بإنشاء المحكمة ذات الطابع الدولي ونظامها الأساسي الموقعة من الحكومة اللبنانية (كذا)... مَوضِع التنفيذ بموجب قرار مُلزم تحت الفصل السابع، وأخيراً سنعرض العقبات الدستورية التي تعترض بدء تنفيذ الاتفاقية وتكوين المحكمة ومباشرة أعمالها.
مهمة مجلس الأمن المحددة في الفصل السابع والتطبيق العملي لأحكام هذا الفصل على الممارسات السابقة وعلى القرار الرقم 1757/2007

ألف: سلطة مجلس الأمن التقديرية المطلقة
في تطبيق المادة 39 من ميثاق الأمم المتحدة
نصت المادة 39 من ميثاق الأمم المتحدة على ما يلي:
«يقرر مجلس الأمن ما إذا كان قد وقع تهديد للسلم أو إخلال به أو كان قد وقع عمل عدواني ويقدم في ذلك توصياته أو يقرر ما يجب اتخاذه من التدابير طبقاً لأحكام المادتين 41 و 42 لحفظ السلم والأمن الدولي أو إعادته إلى نصابه».
أشارت الدراسات القانونية في موسوعة Jurisclasseur- Droit International 2004- Fasc122 Organisation des Nations Unies- Maintien de la Paix التي تناولت مهمة مجلس الأمن في الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين بموجب الفصل السابع وبالاستناد إلى الحالات العملية التي تَصرَّف فيها هذا المجلس بموجب الفصل المذكور أن مجلس الأمن يتمتع بصلاحية استنسابية في التقدير Compétence de Qualification Discrétionnaire لتقرير ما إذا كانت الحالة التي يعالجها تشكل تهديداً للسلم أو إخلالاً به، ولا توجد حدود قانونية معينة لهذه السلطة وأن الحدود الوحيدة هي الحدود السياسية أي عدم استعمال أي من الدول الخمس الدائمة العضوية حق الفيتو.
« Dans cette opération de qualification ou de constatation d’une menace à la paix, la discrétion du conseil, la marge d’appréciation dont il dispose n’est pas juridiquement encadrée…
Les seules limites sont des limites politiques c’est-à-dire l’accord entre les cinq membres permanents ».
(المرجع المشار إليه أعلاه فقرة no. 30 ).
إلا أن بعض الفقهاء في القانون الدولي وبعض القضاة الدوليين قدَّموا حججاً لتبرير موقفهم القائل بوجود حدود لممارسة مجلس الأمن لسلطته التقديرية المذكورة في المادة 39 من ميثاق الأمم المتحدة المشار إليها أعلاه. فاعتبروا أنه يجب أن يكون التهديد للسلم جدِّياً لا لُبسَ فيه وأن لا يكون بالتالي مجرد خيال أو عذر، ويجب وضع بعض الحدود لسلطة مجلس الأمن لأنه من السهل تقديم حالة دولية موضوع جدالات كبيرة بأنها تشكل تهديداً للسلم والأمن حتى لو كانت بعيدة جداً عن مفهوم التهديد الحقيقي.
يراجع بهذا المعنى ما جاء في الموسوعة المشار إليها أعلاه Jurisclasseur Droit International 2004- Fasc122, no. 30-31-32:
» La menace ne doit être ni une simple fiction ni un prétexte «.
…..» Certaines limitations aux pouvoirs du Conseil de Sécurité sont nécessaires car il n’est que trop facile de présenter une situation internationale qui fait l’objet de vives controverses comme impliquant une menace latente contre la paix et la sécurité même si elle est trop éloignée pour paraître authentique «.
وعلى هذا الأساس، اعتبر بعض رجال القانون أن عدداً من قرارات مجلس الأمن لجهة تقدير حالة ما، بأنها تهديد للسلم، حملت في طيِّها إساءة لاستعمال السلطة المعطاة لهذا المجلس (Qualifications abusives) وقد وصفت هذا الأمر بأنه «انحراف سياسي» (Dérive politique) وليس قانونيا، بحيث لم يلتزم مجلس الأمن بأهداف وغايات ميثاق الأمم المتحدة في ممارسته مهمته المتمثلة أساساً في الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين بشكل صحيح وحيادي.
باء: توسيع نطاق التصرف بموجب الفصل السابع
تشير الدراسة الواردة في المرجع المشار إليه أعلاه الى أنه بعد العام 1990 حصلت عدة عمليات تَدَخُّل لمجلس الأمن بموجب الفصل السابع، إلا أن معظم القرارات التي اتخذت لحفظ السلام الدولي كانت تختلف عن سابقاتها بحيث ان طبيعة الخلافات التي تناولتها هي خلافات عرقية أو دينية أو قومية، وأصبح بالتالي مبدأ حفظ السلام الذي وُضِع أساساً لمنع الخلافات بين الدول يُطبَّق أكثر على الخلافات الداخلية والحروب الأهلية، كما تبين أنه منذ عام 1991 تَوسَّعَ نطاق تطبيق الفصل السابع من قبل مجلس الأمن مُبرَّراً بشاغل إنساني، ومثال على ذلك القرار الرقم 827/1993 بإنشاء المحكمة الجنائية الدولية بموجب الفصل السابع لمحاكمة المسؤولين عن الانتهاكات الفادحة والخطيرة للقانون الدولي الإنساني التي ارتكبت في يوغوسلافيا سابقاً منذ تاريخ 1/1/1991 وحتى تاريخ يحدده مجلس الأمن بعد إعادة السلام. ولذات الشواغل الإنسانية صدر القرار الرقم 955/1994 عن مجلس الأمن تحت غطاء الفصل السابع بإنشاء محكمة جنائية دولية لمحاكمة المسؤولين عن جرائم الإبادة وانتهاكات القانون الدولي الإنساني في رواندا والدول المجاورة المرتكبة بين 1/1/1994 و 31/12/1994. أما الأمثلة الأخرى لتطبيق الفصل السابع، فهي حالات تتناول مساعدات إنسانية في الصومال وكردستان العراق والبوسنة، وذلك لتسهيل أعمال المنظمات الإنسانية الدولية في هذه البلاد.
ونظراً لهذا التوسع في نطاق تطبيق الفصل السابع، تبيَّن حصول تعارض بين هذا التدخل لمبررات إنسانية ومبدأ السيادة الوطنية التي يرعاها القانون الدولي رغم أهمية الشاغل الإنساني. إلا أنه تبيَّن للمراقبين أن السيادة الوطنية في الدول المعنية بهذه القرارات الملزمة بموجب الفصل السابع (الصومال، البوسنة، رواندا ويوغوسلافيا) كانت معدومة أو منقوصة بسبب انهيار أو تفكك المؤسسات الدستورية فيها (تراجع الدراسة المشار إليها في المرجع أعلاه الفقرات من 69 إلى 72).
جيم: تطبيق الفصل السابع
على الحالة اللبنانية الحاضرة
بالنسبة لقرار مجلس الأمن الرقم 1757/2007 المشار إليه أعلاه والمتعلق بإنشاء المحكمة ذات الطابع الدولي الخاصة للبنان بموجب الفصل السابع، يقتضي مناقشة مدى احترام قرار مجلس الأمن المذكور لبنود ميثاق الأمم المتحدة ولقواعد القانون الدولي العام ومدى وجود تشابه بين الحالة اللبنانية الحاضرة والحالات المشار إليها أعلاه والتي سبق لمجلس الأمن أن عالجها واستَوجَبت تطبيق الفصل السابع لانتهاك القانون الدولي الإنساني أو لمبررات إنسانية.
-1- مدى إحترام القرار الرقم 1757/2007 بنود ميثاق الأمم المتحدة وقواعد القانون الدولي.
يتبيَّن أنه في بداية الأمر صدر القرار الرقم 1664/2006 عن مجلس الأمن بالموافقة على طلب الحكومة اللبنانية إنشاء محكمة ذات طابع دولي لمحاكمة المسؤولين عن الجريمة الإرهابية التي أودت بحياة الرئيس الحريري ورفاقه وكلَّف هذا المجلس الأمين العام التفاوض مع الحكومة اللبنانية وتقديم مشروع اتفاق بين الأمم المتحدة والدولة اللبنانية لإنشاء هذه المحكمة استناداً لأعلى المعايير الدولية في مجال العدل الجنائي.
وقد جاء في مقدمة هذا القرار التأكيد على احترام استقلال لبنان وسيادته، وهذا الأمر يستتبع حتماً وجوب اتباع الإجراءات الدستورية اللازمة لإبرام الاتفاقيات الدولية وفقاً للدستور اللبناني، لتصبح هذه الاتفاقية الثنائية نافذة. إلا أن مجلس الأمن لم ينتظر إتمام هذه الإجراءات الدستورية اللبنانية فأصدر القرار الرقم 1757/2007 المستند إلى الفصل السابع ببدء نفاذ الاتفاقية الثنائية. وأجرى بالتالي اتفاقاً مع نفسه وحلَّ مكان الدولة اللبنانية في هذا الأمر متجاوزاً الأصول الدستورية الوطنية وقواعد القانون الدولي العام التي لا تسمح لأية جهة خارجية بانتهاك سيادة دولة ما من خلال فرض اتفاق عليها بدون أن يتم إبرامه وفقاً لدستورها، ومخالفاً أيضاً أحكام المادة 2 فقرة (7) من ميثاق الأمم المتحدة التي نصت على أنه ليس في هذا الميثاق ما يسوِّغ للأمم المتحدة أن تتدخل في الشؤون التي تكون من صميم السلطان الداخلي لدولة ما، إلا في حال تطبيق التدابير القسرية.
كما تقتضي الإشارة إلى أن تأخر الدولة اللبنانية في إنجاز الإجراءات الدستورية اللازمة لإبرام الاتفاق المشار إليه أعلاه، كان سببه أمرا جدّيا، كونه يتعلق بمخالفات دستورية ارتكبتها الحكومة اللبنانية أدَّت إلى خلافات سياسية داخلية وعقبات قانونية، وبالتالي لا يوجد مبرِّر قانوني ولا واقعي ليتصرف مجلس الأمن، بموجب الفصل السابع لوضع الاتفاق حيِّز التنفيذ.
-2- هل الحالة اللبنانية شبيهة بالحالات السابقة التي استوجبت تطبيق الفصل السابع؟
في البداية، يُطرح السؤال عما إذا كانت الجريمة الإرهابية التي أودت بحياة الرئيس الحريري ورفاقه والآثار المترتبة عليها تشكل حقاً وفعلاً تهديداً للسلم والأمن الدوليين.
للإجابة عن هذا السؤال، تقتضي الإشارة إلى أن الأمين العام للأمم المتحدة في تقريره الرقم 893/2006/S تاريخ 15/11/2006 المتعلق بإنشاء المحكمة الخاصة للبنان (الفقرة 25) قد استبعد بالاستناد إلى آراء أعضاء مجلس الأمن المهتمين بالأمر، إدراج الجرائم ضد الإنسانية ضمن موضوع اختصاص المحكمة واقتصر تعريف الجرائم التي ستنظر فيها المحكمة بأنها جرائم عامة وفقاً لقانون العقوبات اللبناني، ما يعني أنه نتيجة للمفاوضات والمشاورات مع أعضاء مجلس الأمن لم يُصَنَّف الهجوم الإرهابي الذي أودى بحياة الرئيس الحريري ورفاقه بأنه جريمة ضد الإنسانية وانتهاكاً للقانون الإنساني الدولي، وإلا لكان يقتضي إنشاء المحكمة بموجب الفصل السابع، وليس بموجب معاهدة ثنائية مع لبنان، لأن الجرائم ضد الإنسانية هي التي تشكل تهديداً للسلم والأمن الدوليين، وأنه مع ضخامة وهول هذه الجريمة وآثارها الكارثية على لبنان، فإنها ليست جريمة ضد الإنسانية بل جريمة إرهابية سياسية فردية وطنية، ولا تشكل بالتالي خطراً وضرراً على الإنسانية جمعاء وتهديداً للسلم والأمن الدوليين.
على ضوء ما تقدم، فإن الحالة اللبنانية موضوع القرار الرقم 1757/2007 لا تشبه مطلقاً أيا من الحالات السابقة المشار إليها أعلاه والتي تَصرَّف فيها مجلس الأمن بموجب الفصل السابع بحيث انه لم تحصل في لبنان انتهاكات خطيرة للقانون الإنساني الدولي بسبب ارتكاب جرائم ضد الإنسانية أو جرائم إبادة جماعية. كما أنه لم تتعرَّض الدولة اللبنانية لحرب أهلية أو اقتتال دموي داخلي بسبب نزاع عرقي أو ديني أو قومي، كما أن السيادة الوطنية اللبنانية ليست معدومة الوجود بسبب انهيار وتفكك مؤسسات الدولة.
لذلك، فإن على مجلس الأمن الذي يتمتع بسلطة تقدير مطلقة للتصرُّف بموجب الفصل السابع أن يلتزم بأهداف وغايات ميثاق الأمم المتحدة في ممارسة مهمته في الحفاظ على السلم والأمن الدوليين بشكل صحيح وحيادي، وهذا الالتزام غير متوفر في القرار الرقم 1757/2007، وبالفعل فإن مجلس الأمن رغم وجود خلاف وانقسام بين المؤسسات الدستورية اللبنانية بخصوص أحكام الاتفاق ونظام المحكمة وعدم إتمام الإجراءات الدستورية وفقاً للأصول المنصوص عليها في المادة 52 من الدستور، قرر وضع هذا الاتفاق حيِّز التنفيذ بناءً لطلب فريق سياسي واحد، متجاهلاً المؤسسات الدستورية، في حين أنه كان عليه حفاظاً على مصداقيته التمسك بعقد الاتفاقية الدولية لإنشاء المحكمة وفقاً للأصول الدستورية اللبنانية، تفادياً لفقدان الثقة بلبنان والمس بوحدته وسيادته واستقراره الوطني. إن إقرار المحكمة بموجب الفصل السابع هو إقرار بانعدام مقوِّمات السيادة الوطنية وهذا مخالف لواقع الحال، ولما تؤكده جميع قرارات مجلس الأمن المتعلقة بقضية اغتيال الرئيس الحريري ورفاقه.
وتأكيداً على ذلك، لا بد من إيراد بعض ما جاء في مداخلات مندوبي بعض الدول الأعضاء في المجلس أثناء مناقشة القرار المذكور من قبله، وقد امتنعت هذه الدول نتيجة المناقشة عن التصويت إلى جانب هذا القرار: فقد ارتأى مندوب الصين لدى المجلس «أن اللبنانيين منقسمون حول هذا الشأن فلماذا لا نقلق على مضاعفات قرار كهذا؟»، أما المندوب الروسي فرأى أن «القرار غير متوازن» وحذَّر من عواقبه على المنطقة بكاملها مشيراً إلى «أن هذا القرار ينال من سيادة لبنان وموضحاً أن الفصل السابع استخدم في محكمتي يوغوسلافيا ورواندا حيث كانت هناك مذابح في مستوى مجازر عالمية وهذا لا ينطبق على الوضع في لبنان».
وقال ان «المجلس تجاهل رسالة الرئيس إميل لحود واعتمد رسالة الرئيس فؤاد السنيورة وعليه فإن القرار منحاز». كما أن المندوب القطري قال ان «القرار خَرق قانوني ويمكن أن يعقِّد الأمور في دولة بحاجة ماسة إلى تماسك في هذا الظرف، وإن اعتماد المحكمة بموجب الفصل السابع يخالف الهدف الحقيقي من المحكمة ولن يؤمن الفصل السابع الاستقرار في هذه الدولة». وقال مندوب جنوب إفريقيا ان «هناك إجماعاً على ضرورة العدالة وإقامة محكمة عادلة من أعلى المواصفات، لكن لا يجوز فرض المحكمة بموجب الفصل السابع ولا يحق للمجلس تجاهل الدستور اللبناني ووحدة لبنان». وأضاف انه لا يجوز للمجلس أخذ موقف من النزاع الداخلي اللبناني وهذا الموقف يؤثر سلباً على استقرار لبنان ويتعارض مع ركائز القانون الدولي».
مناقشة مضمون القرار الرقم 1757/2007 لبيان التحوير في الوقائع، والمخالفات القانونية المرتكبة.
قبل مناقشة مضمون القرار رقم 1757/2007 سنتناول في البداية الآلية الدستورية التي ترعى المفاوضة في عقد المعاهدات الدولية لإبرامها سنداً لأحكام المادة 52 من الدستور اللبناني والقوانين الأخرى ذات الصلة، ومدى تطبيق هذه الآلية على مشروع المعاهدة مع الأمم المتحدة لإنشاء المحكمة الخاصة وفي ما بعد مناقشة مضمون مقدمة القرار المذكور ومن ثم مناقشة بنود قسمه التنفيذي، وآثارها القانونية.
ألف: آلية المفاوضة في عقد المعاهدات الدولية وإبرامها وفقاً لأحكام الدستور اللبناني والقوانين ذات الصلة ومدى تطبيقها على الاتفاقية الدولية لإنشاء المحكمة الخاصة للبنان
-1- آلية المفاوضة في عقد المعاهدات الدولية وإبرامها وفقاً للدستور والقوانين ذات الصلة.
نصت المادة 52 من الدستور المعدلة بموجب القانون الدستوري الرقم 18 تاريخ 21/9/1990 على الآلية الدستورية الواجب اتباعها لعقد وإبرام المعاهدات الدولية وهي التالية:
«يتولى رئيس الجمهورية المفاوضة في عقد المعاهدات الدولية وإبرامها بالاتفاق مع رئيس الحكومة، ولا تصبح مبرمة إلا بعد موافقة مجلس الوزراء. وتُطلع الحكومة مجلس النواب عليها حينما تمكنها من ذلك مصلحة البلاد وسلامة الدولة. أما المعاهدات التي تنطوي على شروط تتعلق بمالية الدولة والمعاهدات التجارية وسائر المعاهدات التي لا يجوز فسخها سنة فسنة فلا يمكن إبرامها إلا بعد موافقة مجلس النواب».
تمرّ المعاهدات الدولية وفقاً للمادة 52 من الدستور بثلاث مراحل لا يمكن الانتقال من مرحلة إلى أخرى إلا بعد استنفاد تنفيذ المرحلة ما قبلها إيجاباً:
ـ المرحلة الأولى هي مرحلة تَولّي المفاوضة وإبرام المعاهدة الدولية من قبل رئيس الجمهورية بالاتفاق مع رئيس الحكومة. ومن الطبيعي أن لا يتولى رئيس الجمهورية شخصياً القيام بالمفاوضة بل المقصود أن يُشرف حصرياً وشخصياً على مراحل المفاوضة وتطوراتها تمكيناً لتقويم العملية وإعطاء الملاحظات والتوجيهات، وعملية التفاوض والإبرام هذه يقودها منذ البدء رئيس الجمهورية بالاتفاق مع رئيس الحكومة بحيث يقفان على كل مرحلة من مراحلها ويجريان التقويم اللازم للمعاهدة قبل إبرامها من قبلهما.
إلا أنه لا يجوز لأي وزير غير وزير الخارجية أو أي شخص تقني أو دبلوماسي تمثيل الدولة اللبنانية في مرحلة المفاوضة إلا إذا كان مزوَّداً بتفويض صريح وخطّي صادر عن رئيس الدولة شخصياً، باعتبار أن وزير الخارجية وحده يمثِّل قانوناً رئيس الدولة بشأن إجراء المفاوضات لعقد اتفاقات دولية وذلك تطبيقاً لأحكام المرسوم الرقم 2885 تاريخ 16/12/1959، المتعلق بتنظيم وزارة الخارجية ولا يحتاج بالتالي إلى تفويض خطّي.
(تراجع بهذا المعنى الاستشارة الرقم 2000/1996 تاريخ 4/4/1996 الصادرة عن هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل منشورة في مجموعة صادر لاجتهادات هذه الهيئة ـ ص. 10188 جزء 10).
كما أنه لا يدخل ضمن صلاحية الحكومة اللبنانية أساساً بمقتضى المادة 52 من الدستور اللبناني، حق المفاوضة والتوقيع على المعاهدات. ولا يكون بالتالي لهذه الحكومة الحق بتفويض مثل هذه الصلاحيات التي تعود لرئيس الجمهورية بالاتفاق مع رئيس الحكومة. (تراجع بهذا المعنى الاستشارة الرقم 1180/94 تاريخ 4/5/1994 في مجموعة هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل ـ القاضيان صادر وبريدي ـ ص 10171)
ـ المرحلة الثانية هي مرحلة الإبرام الإجرائي بحيث انه في حال توافق رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء وأبرَما المعاهدة معاً تُعرض على مجلس الوزراء مجتمعاً للموافقة، فإما أن يوافق عليها فتصبح مبرمة إجرائياً، وإما يردّها، مع الإشارة الى أنه في هذه المرحلة لا يجوز لمجلس الوزراء أن يجري أي تعديل في نص المعاهدة.
ـ المرحلة الثالثة هي مرحلة الإبرام التشريعي بحيث تُعرض المعاهدة المبرمة من قبل مجلس الوزراء على مجلس النواب للموافقة فقط عندما تنطوي هذه المعاهدة على شروط تتعلق بمالية الدولة أو تكون معاهدة تجارية أو معاهدة لا يجوز فسخها سنة فسنة. فيحيل رئيس الجمهورية على مجلس النواب مشروع القانون الرامي إلى الإجازة للحكومة إبرام المعاهدة الذي يُرفع له من مجلس الوزراء سنداً لأحكام المادة 53 من الدستور، فإما أن يُصدر مجلس النواب قانوناً يُجيز للحكومة إبرام المعاهدة أو يَرد مشروع القانون ولا يحق له إجراء أي تعديل في نص المعاهدة.
-2- مدى تطبيق الأصول الدستورية والقانونية من قبل الحكومة اللبنانية على آلية إبرام الاتفاقية بإنشاء المحكمة الخاصة للبنان
إن الحكومة اللبنانية تولَّت بالإنفراد المفاوضات لوضع مشروع الاتفاقية مع الأمم المتحدة لإنشاء المحكمة الخاصة للبنان، وفوَّضت وزير العدل وقضاة للقيام بهذه المفاوضات دون إشراك وزارة الخارجية، وبدون أن يُزوِّد رئيس الجمهورية الجهة المفاوضة بتفويض رسمي وخطّي كما تقتضيه الأصول القانونية، وتكون هذه الحكومة قد خالفت الأصول الدستورية والقانونية في هذه المرحلة بالاستناد إلى ما بيَّنا أعلاه.
وأثناء مرحلة المفاوضات بين الأمم المتحدة والحكومة اللبنانية والمخالفة للقانون وُضعت عدّة مسودات تباعاً وقد اطلع رئيس الجمهورية عليها وأبلغ ملاحظاته والتعديلات القانونية الواجب إجراؤها على المسودة إلى وزير العدل ورئيس الحكومة، وقد نُشرت في حينه في وسائل الإعلام، إلا أنه لم تتم حتى مناقشتها وفقاً للأصول في ما بين رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء، وقد أهمل وزير العدل والوفد القضائي المفاوض هذه الملاحظات أيضاً ولم يتمكن بالتالي رئيس الجمهورية من الإشراف على سير المفاوضات كما تقتضيه المادة 52 من الدستور، مع الإشارة إلى أن تكليف مجلس الوزراء القضاة لإجراء المفاوضات مع الأمم المتحدة بموجب قرار صدر في جلسة لهذا المجلس، كان يترأسها رئيس الجمهورية دون أن يكون له حق التصويت، لا يشرّع هذا التكليف لأنه صادر عن مجلس الوزراء الذي ليس له صلاحية التفاوض التي تعود حصراً لرئيس الجمهورية ورئيس الوزراء بمقتضى المادة 52 من الدستور. وبمطلق الأحوال إن التفويض المطلق للصلاحيات الممنوحة لسلطة ما بموجب الدستور يُحظر بصورة تامة وفقاً للمبادئ العامة التي استقر عليها الفقه والاجتهاد في فرنسا.
(تراجع بهذا المعنى الاستشارة الرقم 1180/94 المشار إليها أعلاه).
لذلك، كان يجب على رئيس الوزراء الأخذ بعين الاعتبار التعديلات التي طرحها رئيس الجمهورية ومناقشتها معه حتى التوصل إلى اتفاق بشأنها، إلا أنه انفرد في تولّي المفاوضات واعتمد مع وزير العدل والفريق القضائي المفاوض نصاً لمشروع الاتفاقية بإنشاء المحكمة الخاصة للبنان دون موافقة رئيس الجمهورية على هذا المشروع وفقاً لما تقتضيه الأصول الدستورية المنصوص عليها في المادة 52 من الدستور.
وبتاريخ 9/11/2006، وجَّه الأمين العام للأمم المتحدة رسالة إلى الحكومة اللبنانية أرفق بها الصيغة النهائية لمشروع الاتفاقية ومشروع نظام المحكمة الأساسي للموافقة عليها في حين أن الأصول الدبلوماسية والعلاقات الدولية الصحيحة تقضي بإبلاغ مثل هذه الوثائق إلى وزير الخارجية أو رئيس الجمهورية كونه رئيس الدولة وليس لرئيس الحكومة. إذاً، لم يتبلَّغ رئيس الجمهورية رسمياً هذه الوثائق إلا بعد أن نشرت في وسائل الإعلام وبعد أن طلبها رسمياً من وزير العدل، وهذه مخالفة تزاد على المخالفات القانونية والدستورية السابقة.
وضع رئيس الجمهورية ملاحظات جوهرية وخطِّية على هذين المشروعـين وأبلغــها رسمياً لرئيس الحــكومة تمكيناً لمناقشتها معه والتوصل إلى اتفــاق بشأن إبرام مشروع الاتفاقية الثنائية كما تقتضيه أحكام المادة 52 من الدستور، وذلك بصرف النظر عن المخالفات الدستورية والقانونية التي ارتكبها رئيس الحكومة جهاراً ومراراً في السابق، ولم يستجب رئيس الحكومة لطلب رئيس الجمهورية.
بتاريخ 12/11/2006، حصلت تطورات في ما يتعلق بوضع الحكومة بحيث استقال منها جميع الوزراء الذين يمثلون الطائفة الشيعية ووزير أرثوذكسي، وفقدت هذه الحكومة شرعيتها الدستورية بسبب استقالة هؤلاء الوزراء، لأنها أصبحت سلطة بوضع مخالف للدستور يتناقض مع ميثاق العيش المشترك المنصوص عنه في الفقرة «ي» من مقدمة الدستور وهو احدى ركائز وثيقة الوفاق الوطني الموقعة في الطائف في 22/10/1989 التي كرَّست انتهاء الحرب الأهلية في لبنان.
(للبحث تتمة)

No comments:

Background - خلفية

On 13 December 2005 the Government of the Lebanese Republic requested the UN to establish a tribunal of an international character to try all those who are alleged responsible for the attack of 14 february 2005 that killed the former Lebanese Prime Minister Rafiq Hariri and 22 others. The United Nations and the Lebanese Republic consequently negotiated an agreement on the establishment of the Special Tribunal for Lebanon.

Liens - Links - مواقع ذات صلة

The Washington Institute for Near East Policy, David Schenker , March 30, 2010 . Beirut Spring: The Hariri Tribunal Goes Hunting for Hizballah


Frederic Megret, McGill University, 2008. A special tribunal for Lebanon: the UN Security Council and the emancipation of International Criminal Justice


International Center for Transitional Justice Handbook on the Special Tribunal for Lebanon, April 10, 2008


United Nations
Conférence de presse de Nicolas Michel, 19 Sept 2007
Conférence de presse de Nicolas Michel, 27 Mars 2008


Département d'Etat américain
* 2009 Human Rights report
* 2008 Human Rights report
* 2007 Human Rights report
* 2006 Human Rights report
* 2005 Human Rights report



ICG - International Crisis Group
The Hariri Tribunal: Separate the Political and the Judicial, 19 July, 2007. [Fr]


HCSS - Hague Centre for strategic studies
Hariri, Homicide and the Hague


Human Rights Watch
* Hariri Tribunal can restore faith in law, 11 may 2006
* Letter to Secretary-General Kofi Annan, april 27, 2006


Amnesty International
* STL insufficient without wider action to combat impunity
* Liban : le Tribunal de tous les dangers, mai 2007
* Jeu de mecano


Courrier de l'ACAT - Wadih Al Asmar
Le Tribunal spécial pour le Liban : entre espoir et inquiétude


Georges Corm
La justice penale internationale pour le Liban : bienfait ou malediction?


Nadim Shedadi and Elizabeth Wilmshurt, Chatham House
The Special Tribunal for Lebanon : the UN on Trial?, July 2007


Issam Michael Saliba, Law Library of Congress
International Tribunals, National Crimes and the Hariri Assassination : a novel development in International Criminal Law, June 2007


Mona Yacoubian, Council on Foreign Relations
Linkages between Special UN Tribunal, Lebanon, and Syria, June 1, 2007