حملة لإطلاق الضباط الأربعة قبيل انطلاق المحكمة الدولية
المستقبل - الجمعة 25 تموز 2008 - العدد 3028 - مخافر و محاكم - صفحة 10
عمر حرقوص
يتوقع مراقبون قانونيون متابعون لتطورات التحقيق في ملف اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري أن تمر هذه القضية بمخاض صعب وحاسم في الأشهر الأربعة المقبلة، والمرتقب أن تكون مرحلة انتقالية ما بين انتهاء التحقيق الدولي ومعه التحقيق اللبناني وبدء عمل المحكمة الدولية في لاهاي لمحاكمة من يقدمهم المدعي العام الدولي دانيال بلمار كمتهمين في هذه الجريمة، والمتوقع أن تنطلق مطلع السنة المقبلة وعلى أبعد تقدير في الفصل الأول منها.وفي اعتقاد المراقبين القانونيين فإن الأشهر المقبلة خصوصاً أيلول والتشرينين ستشهد حملة قد تكون الأعنف والأشمل بهدف إطلاق سراح الضباط الأربعة جميل السيد وعلي الحاج ومصطفى حمدان وريمون عازار ليكون هؤلاء أحراراً قبل انطلاقة المحكمة، باعتبار أن رواد هذه الحملة يدركون تماماً أن رفع وتيرة الضغط على القضاء اللبناني تبقى حظوظه أكثر نجاحاً من ممارسة مثل هذه الوسائل مع المحكمة الدولية يقيناً منهم أن الأخيرة لا تنفع معها وسائل الترغيب والترهيب مهما عظمت، لأنها محصنة بقضاة لم يعرف تاريخهم هكذا أساليب اعتاد على ممارستها مجرمون ظنوا أن عدالة الأرض لن تعرف طريقها إليهم.ولعل إنذار القانونيين المبكر حيال الحملات المنتظرة لم يأت من تحليلات أو توقعات، بل يستند الى معطيات ومؤشرات ناجمة عن تراكم مواقف قوى المعارضة الرافضة للمحمكة الدولية التي تسيس سلفاً عملها والأحكام التي ستصدر عنها. ويذكّر هؤلاء القانونيون بأن الأزمة التي فجرتها المعارضة على مدى السنتين المنصرمتين مردها الى رفض المحكمة الدولية وقانونها الخاص، وليس المشاركة كما كان يدعي البعض.وأكدوا "أن مطلب الثلث "الضامن" في حكومة الوحدة الوطنية التي طالبوا بتأليفها في بداية الأزمة كان هدفها ضمان تعطيل هذه المحكمة وإفشال إبرام اتفاقيتها مع الأمم المتحدة"، وسأل هؤلاء "أين أصبحت الملاحظات التي أبداها "حزب الله" على نظام المحكمة وأبقاها طي الكتمان، وتعهد بنشرها إذا ما أقرت تحت الفصل السابع"؟وبرأي القانونيين أن الضغوط التي بدأت تمارس على القضاء اللبناني من قوى نافذة ولها سطوتها الواسعة بهدف الاسراع في إطلاق سراح الضباط الأربعة، لا توازي شيئاً من المصاعب التي تنتظر الحكومة الجديدة في هذا الشأن، بعد أن نال رافضو المحكمة الدولية الثلث المعطل داخل الحكومة، وبات لهم تأثير قوي على قراراتها المتصلة بالتعاون مع الأمم المتحدة بشأن المحكمة، خصوصاً إذا ما تذرع الفريق المعادي للمحكمة بـ"القرارات السيادية".ويعتبر المراقبون "أن ملف المحمكة الدولية سيكون الاستحقاق الأصعب الذي يواجه حكومة العهد الأولى إذ ليس صحيحاً أن المحكمة باتت خارج التأثير اللبناني. فثمة أمور أساسية ينبغي على الحكومة تقديم المساعدة فيها مثل التمويل، ونقل الموقوفين من عهدة القضاء اللبناني الى مكان التوقيف لدى المحكمة والمساعدة في تعقب أي مشتبه به على الأراضي اللبنانية وسوقه الى مقر المحكمة وكذلك نقل الشهود، وهذه أمور ستكون موضع خلافات قد تعصف داخل مجلس الوزراء وتلقى رفضاً مطلقاً من وزراء الثلث المعطل، خصوصاً إذا تعلق الأمر بنقل الضباط الأربعة وباقي الموقوفين إذا ما طلب المدعي العام الدولي ذلك، وهذا ما يثير مخاوف من تفجر الحكومة وربما استقالتها والعودة الى منطق الفوضى المسلحة وكل ذلك قد يحصل تحت شعار "الدفاع عن السيادة اللبنانية"، ولم ينسَ اللبنانيون ما سبق وأعلنه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله قبل سنة عندما حمل بعنف على المحكمة الدولية ووصفها بـ"الهيئة السياسية" التي ستركب لإصدار أحكام جاهزة، وهو السبّاق أيضاً الى تسميته الضباط الأربعة بالمعتقلين السياسيين".هذا السيناريو المستند الى مواجهة داخلية لإسقاط المحكمة وإظهار لبنان كبلد غير متعاون مع العدالة الدولية وما يرتب عليه من تبعات، يترافق مع سيناريو آخر يروّجه "أعداء" المحكمة الدولية. ويخفف مروجو النظرية الأخيرة من الخوف الذي يمتلك البعض من انطلاقة المحكمة، لأن السيناريو يقول ان المنطقة مقبلة على واحد من احتمالين: إما حرب أميركية اسرائيلية ضد ايران تولد جحيماً يحرق المنطقة ومعه المحكمة التي لن تبقى ذات جدوى، وإما التوصل الى صفقة أميركية إيرانية، واتفاقية سلام سورية اسرائيلية وتكون المحكمة أحد بنود هذه الصفقة.من هنا يشدد القانونيون على أهمية أخذ كل هذه الاحتمالات على محمل الجد، ويدعون المدافعين عن المحكمة والمؤيدين للعدالة الدولية الى عدم الاستسلام للحروب السياسية والنفسية وحتى العسكرية التي قد يخوضها الفريق الآخر، باعتبار ان المحكمة ورغم الأخطار التي تحدق بها تبقى ملاذ غالبية اللبنانيين الذين يتشوقون ليوم يوضع فيه حد لجرائم الاغتيال السياسي التي طالت خيرة قياداتهم وفي مقدمهم الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
المستقبل - الجمعة 25 تموز 2008 - العدد 3028 - مخافر و محاكم - صفحة 10
عمر حرقوص
يتوقع مراقبون قانونيون متابعون لتطورات التحقيق في ملف اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري أن تمر هذه القضية بمخاض صعب وحاسم في الأشهر الأربعة المقبلة، والمرتقب أن تكون مرحلة انتقالية ما بين انتهاء التحقيق الدولي ومعه التحقيق اللبناني وبدء عمل المحكمة الدولية في لاهاي لمحاكمة من يقدمهم المدعي العام الدولي دانيال بلمار كمتهمين في هذه الجريمة، والمتوقع أن تنطلق مطلع السنة المقبلة وعلى أبعد تقدير في الفصل الأول منها.وفي اعتقاد المراقبين القانونيين فإن الأشهر المقبلة خصوصاً أيلول والتشرينين ستشهد حملة قد تكون الأعنف والأشمل بهدف إطلاق سراح الضباط الأربعة جميل السيد وعلي الحاج ومصطفى حمدان وريمون عازار ليكون هؤلاء أحراراً قبل انطلاقة المحكمة، باعتبار أن رواد هذه الحملة يدركون تماماً أن رفع وتيرة الضغط على القضاء اللبناني تبقى حظوظه أكثر نجاحاً من ممارسة مثل هذه الوسائل مع المحكمة الدولية يقيناً منهم أن الأخيرة لا تنفع معها وسائل الترغيب والترهيب مهما عظمت، لأنها محصنة بقضاة لم يعرف تاريخهم هكذا أساليب اعتاد على ممارستها مجرمون ظنوا أن عدالة الأرض لن تعرف طريقها إليهم.ولعل إنذار القانونيين المبكر حيال الحملات المنتظرة لم يأت من تحليلات أو توقعات، بل يستند الى معطيات ومؤشرات ناجمة عن تراكم مواقف قوى المعارضة الرافضة للمحمكة الدولية التي تسيس سلفاً عملها والأحكام التي ستصدر عنها. ويذكّر هؤلاء القانونيون بأن الأزمة التي فجرتها المعارضة على مدى السنتين المنصرمتين مردها الى رفض المحكمة الدولية وقانونها الخاص، وليس المشاركة كما كان يدعي البعض.وأكدوا "أن مطلب الثلث "الضامن" في حكومة الوحدة الوطنية التي طالبوا بتأليفها في بداية الأزمة كان هدفها ضمان تعطيل هذه المحكمة وإفشال إبرام اتفاقيتها مع الأمم المتحدة"، وسأل هؤلاء "أين أصبحت الملاحظات التي أبداها "حزب الله" على نظام المحكمة وأبقاها طي الكتمان، وتعهد بنشرها إذا ما أقرت تحت الفصل السابع"؟وبرأي القانونيين أن الضغوط التي بدأت تمارس على القضاء اللبناني من قوى نافذة ولها سطوتها الواسعة بهدف الاسراع في إطلاق سراح الضباط الأربعة، لا توازي شيئاً من المصاعب التي تنتظر الحكومة الجديدة في هذا الشأن، بعد أن نال رافضو المحكمة الدولية الثلث المعطل داخل الحكومة، وبات لهم تأثير قوي على قراراتها المتصلة بالتعاون مع الأمم المتحدة بشأن المحكمة، خصوصاً إذا ما تذرع الفريق المعادي للمحكمة بـ"القرارات السيادية".ويعتبر المراقبون "أن ملف المحمكة الدولية سيكون الاستحقاق الأصعب الذي يواجه حكومة العهد الأولى إذ ليس صحيحاً أن المحكمة باتت خارج التأثير اللبناني. فثمة أمور أساسية ينبغي على الحكومة تقديم المساعدة فيها مثل التمويل، ونقل الموقوفين من عهدة القضاء اللبناني الى مكان التوقيف لدى المحكمة والمساعدة في تعقب أي مشتبه به على الأراضي اللبنانية وسوقه الى مقر المحكمة وكذلك نقل الشهود، وهذه أمور ستكون موضع خلافات قد تعصف داخل مجلس الوزراء وتلقى رفضاً مطلقاً من وزراء الثلث المعطل، خصوصاً إذا تعلق الأمر بنقل الضباط الأربعة وباقي الموقوفين إذا ما طلب المدعي العام الدولي ذلك، وهذا ما يثير مخاوف من تفجر الحكومة وربما استقالتها والعودة الى منطق الفوضى المسلحة وكل ذلك قد يحصل تحت شعار "الدفاع عن السيادة اللبنانية"، ولم ينسَ اللبنانيون ما سبق وأعلنه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله قبل سنة عندما حمل بعنف على المحكمة الدولية ووصفها بـ"الهيئة السياسية" التي ستركب لإصدار أحكام جاهزة، وهو السبّاق أيضاً الى تسميته الضباط الأربعة بالمعتقلين السياسيين".هذا السيناريو المستند الى مواجهة داخلية لإسقاط المحكمة وإظهار لبنان كبلد غير متعاون مع العدالة الدولية وما يرتب عليه من تبعات، يترافق مع سيناريو آخر يروّجه "أعداء" المحكمة الدولية. ويخفف مروجو النظرية الأخيرة من الخوف الذي يمتلك البعض من انطلاقة المحكمة، لأن السيناريو يقول ان المنطقة مقبلة على واحد من احتمالين: إما حرب أميركية اسرائيلية ضد ايران تولد جحيماً يحرق المنطقة ومعه المحكمة التي لن تبقى ذات جدوى، وإما التوصل الى صفقة أميركية إيرانية، واتفاقية سلام سورية اسرائيلية وتكون المحكمة أحد بنود هذه الصفقة.من هنا يشدد القانونيون على أهمية أخذ كل هذه الاحتمالات على محمل الجد، ويدعون المدافعين عن المحكمة والمؤيدين للعدالة الدولية الى عدم الاستسلام للحروب السياسية والنفسية وحتى العسكرية التي قد يخوضها الفريق الآخر، باعتبار ان المحكمة ورغم الأخطار التي تحدق بها تبقى ملاذ غالبية اللبنانيين الذين يتشوقون ليوم يوضع فيه حد لجرائم الاغتيال السياسي التي طالت خيرة قياداتهم وفي مقدمهم الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
No comments:
Post a Comment