بعدما حولوا المنابر الإعلامية وشاشات التلفزة "أقواس محاكم"
نقيب المحامين يمنع الإدلاء بأيّ تصاريح بدعاوى قضائيةبعد تجاوز وكلاء الضباط الموقوفين مبادئ المهنة وسلوكها
المستقبل - الجمعة 11 تموز 2008 - العدد 3014 - مخافر و محاكم - صفحة 10
كاتيا توا
"أقسم ان أحافظ على سرّ المهنة وآدابها وتقاليدها وان أتقيّد بالقوانين والأنظمة، وأن أحترم القضاء".هذا القسم الذي يؤديه المحامون قبل دخولهم باب النقابة لم يأتِ من العدم، إنما يدخل في صلب عمل المحامي الذي يفرض عليه الالتزام بمبادئ القسم الذي أدّاه قبل ممارسته مهنة المحاماة.غير ان البعض يحاول أن يحور هذا القسم بعد وقوع زلزال اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه في الرابع عشر من شباط عام 2005.فمنذ ذلك الحين، وعلى مدى ثلاث سنوات اثر توقيف الضباط الأربعة اللواءين جميل السيد وعلي الحاج والعميدين ريمون عازار ومصطفى حمدان، تحوّلت المنابر الإعلامية وشاشات التلفزة والمحطات الإذاعية إلى أقواس محاكم يصول فيها وكلاء الضباط الأربعة ويجولون ويرافعون من خلالها، "يقيّمون" ملف التحقيق في جريمة الاغتيال ويوجهون الرأي العام باتجاه مصالح موكليهم، ويبدون وجهات نظرهم في القضية، وينتقدون مسار التحقيقات ليس اللبنانية وحسب إنما أيضاً التحقيقات الدولية.وبعد عشرات المقابلات والمؤتمرات التي عقدها وكلاء الضباط الأربعة، والتي كانت بمثابة مرافعات، مكانها أقواس المحاكم فقط، كان لا بد من وضع حد لتلك التجاوزات التي باتت تهدد مصداقية المحامي، أي محام، لجهة عدم التزامه بمبادئ القسم.ففي الخامس من كانون الأول عام 2005 أصدر النقيب السابق للمحامين بطرس ضومط تعميماً قضى بالطلب من المحامين الامتناع عن الادلاء بأيّ تصاريح إعلامية تتعلق بدعاوى أو ملفات عالقة امام القضاء.لم يلتزم وكلاء الضباط الأربعة منذ ذلك التاريخ بهذا التعميم، وضربوا بالقسم الذي أدوه عرض الحائط، ليصلوا في الفترة الأخيرة إلى أوج التجاوزات في محاولة منهم للضغط على المعنيين لإطلاق سراح موكليهم.وإزاء ذلك، تحركت نقابة المحامين في بيروت مجدداً، لإصدار تعميم مماثل، حيث أصدر النقيب رمزي جريج في الحادي والعشرين من نيسان الماضي تعميماً طلب فيه من المحامين "الامتناع عن الادلاء بتصاريح إعلامية على مختلف أنواعها تتعلق بدعاوى أو ملفات عالقة أمام القضاء وعدم مناقشتها إلا أمام المحاكم وفقاً لما تفرضه القوانين، واعداً بالسهر على حسن تطبيق هذا التعميم من قبل زملائه المحامين".ولم يتقيد وكلاء الدفاع عن الموقوفين الضباط بهذا التعميم، حيث صدرت عدة بيانات وتصاريح، وظهرت اطلالات إعلامية لعدد منهم مدافعين، مرافعين عن موكليهم.وبعد هذه التجاوزات لآداب مهنة المحاماة وسلوكها، قرر نقيب المحامين في بيروت وضع حد لها، فحين يؤكد التعميم الذي أصدره اخيرا على السهر على حسن تطبيقه، فهذا يعني أن لديه صلاحيات تأديبية، ومن النقيب، اتخاذ اجراء تأديبي بالمخالفين.وفي هذا الاطار، يعتبر عضو مجلس نقابة المحامين في بيروت المحامي نبيل طوبيا أن أسباب إصدار النقيب جريج للتعميم يأتي على خلفية مسّ بعض الزملاء بكثير من المبادئ العامة، من خلال ملف التحقيق باغتيال الرئيس الحريري وغيره من الملفات. ويضيف ان هذا المسّ قد طال أيضاً الآداب المهنية وقانون تنظيم المهنة الذي يرتكز على حسن ممارسة حق الدفاع ضمن الأصول امام المحاكم والحرص على ممارسة المحامي لهذا الحق، وليس أمام المنابر الإعلامية.وإذ شدّد على مبدأ احترام حرية التعبير والرأي للمحامي كمشاركته في ندوة أو مؤتمر قانوني، بعد استئذان النقيب، اعتبر طوبيا ان حرية المحامي ومزاولته المهنة ليست مطلقة، إنما ترتبط بضوابط عدة منها: تقيّد المحامي بمبدأ سرية التحقيق، التزامه بالمحافظة على السرية المهنية، فضلاً عن عدم الدعاية والاعلان في المهنة، لأن الظهور الاعلامي يأخذ مراراً طابعاً اعلاميا واعلانيا الأمر الذي يتناقض مع آداب المهنة وسلوكها.وأكد طوبيا على أن قانون المهنة يلزم المحامي عدم الافصاح عن أية محادثات تجري بينه وبين وكيله أو بينه وبين وكيل المحامي الخصم، وأن هذا الأمر يتم فقط أمام المحاكم.ورأى طوبيا، انه انطلاقاً من ذلك، أصدر النقيب جريج التعميم حفاظاً على قانون مهنة المحاماة وآدابها، مشيراً إلى صلاحيات النقيب في اتخاذ اجراءات تأديبية لكل من يخالف التعميم.وقال ضومط ان هناك أربعة اجراءات يمكن أن يتخذها النقيب بحق المخالفين بدءاً بتوجيه تأنيب للمخالف ثم احالته على المجلس التأديبي، ومنعه ثلاث سنوات من ممارسة المهنة، ليصل كحد أقصى إلى شطبه من الجدول العام.وعما اذا كان ثمة اجراء من الاجراءات الأربعة قد اتخذ اخيرا بحق أي محام مخالف لنص التعميم قال طوبيا لا يوجد حتى الآن، إنما لم يستبعد قيام النقيب جريج بتوجيه "لوم أخوي" للمخالفين بعد إصدار التعميم الأخير، وذلك بعد استدعاء المحامي المخالف الذي في حال لم يلتزم بالتعميم ويكرّر مخالفته له يصار إلى تشديد العقوبة بحقه.ثمة آراء كثيرة في قضية اغتيال الرئيس الحريري ورفاقه، تسعى إلى مقارعة الحجة بالحجة والرأي بالرأي، إنما ضمن الأصول القانونية، وتبدي وجهة نظرها في هذه الجريمة التي لا تعني طرفاً واحداً، بل جميع اللبنانيين الذين يتطلعون إلى الحقيقة لمعرفة من اغتال رفيق الحريري.
نقيب المحامين يمنع الإدلاء بأيّ تصاريح بدعاوى قضائيةبعد تجاوز وكلاء الضباط الموقوفين مبادئ المهنة وسلوكها
المستقبل - الجمعة 11 تموز 2008 - العدد 3014 - مخافر و محاكم - صفحة 10
كاتيا توا
"أقسم ان أحافظ على سرّ المهنة وآدابها وتقاليدها وان أتقيّد بالقوانين والأنظمة، وأن أحترم القضاء".هذا القسم الذي يؤديه المحامون قبل دخولهم باب النقابة لم يأتِ من العدم، إنما يدخل في صلب عمل المحامي الذي يفرض عليه الالتزام بمبادئ القسم الذي أدّاه قبل ممارسته مهنة المحاماة.غير ان البعض يحاول أن يحور هذا القسم بعد وقوع زلزال اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه في الرابع عشر من شباط عام 2005.فمنذ ذلك الحين، وعلى مدى ثلاث سنوات اثر توقيف الضباط الأربعة اللواءين جميل السيد وعلي الحاج والعميدين ريمون عازار ومصطفى حمدان، تحوّلت المنابر الإعلامية وشاشات التلفزة والمحطات الإذاعية إلى أقواس محاكم يصول فيها وكلاء الضباط الأربعة ويجولون ويرافعون من خلالها، "يقيّمون" ملف التحقيق في جريمة الاغتيال ويوجهون الرأي العام باتجاه مصالح موكليهم، ويبدون وجهات نظرهم في القضية، وينتقدون مسار التحقيقات ليس اللبنانية وحسب إنما أيضاً التحقيقات الدولية.وبعد عشرات المقابلات والمؤتمرات التي عقدها وكلاء الضباط الأربعة، والتي كانت بمثابة مرافعات، مكانها أقواس المحاكم فقط، كان لا بد من وضع حد لتلك التجاوزات التي باتت تهدد مصداقية المحامي، أي محام، لجهة عدم التزامه بمبادئ القسم.ففي الخامس من كانون الأول عام 2005 أصدر النقيب السابق للمحامين بطرس ضومط تعميماً قضى بالطلب من المحامين الامتناع عن الادلاء بأيّ تصاريح إعلامية تتعلق بدعاوى أو ملفات عالقة امام القضاء.لم يلتزم وكلاء الضباط الأربعة منذ ذلك التاريخ بهذا التعميم، وضربوا بالقسم الذي أدوه عرض الحائط، ليصلوا في الفترة الأخيرة إلى أوج التجاوزات في محاولة منهم للضغط على المعنيين لإطلاق سراح موكليهم.وإزاء ذلك، تحركت نقابة المحامين في بيروت مجدداً، لإصدار تعميم مماثل، حيث أصدر النقيب رمزي جريج في الحادي والعشرين من نيسان الماضي تعميماً طلب فيه من المحامين "الامتناع عن الادلاء بتصاريح إعلامية على مختلف أنواعها تتعلق بدعاوى أو ملفات عالقة أمام القضاء وعدم مناقشتها إلا أمام المحاكم وفقاً لما تفرضه القوانين، واعداً بالسهر على حسن تطبيق هذا التعميم من قبل زملائه المحامين".ولم يتقيد وكلاء الدفاع عن الموقوفين الضباط بهذا التعميم، حيث صدرت عدة بيانات وتصاريح، وظهرت اطلالات إعلامية لعدد منهم مدافعين، مرافعين عن موكليهم.وبعد هذه التجاوزات لآداب مهنة المحاماة وسلوكها، قرر نقيب المحامين في بيروت وضع حد لها، فحين يؤكد التعميم الذي أصدره اخيرا على السهر على حسن تطبيقه، فهذا يعني أن لديه صلاحيات تأديبية، ومن النقيب، اتخاذ اجراء تأديبي بالمخالفين.وفي هذا الاطار، يعتبر عضو مجلس نقابة المحامين في بيروت المحامي نبيل طوبيا أن أسباب إصدار النقيب جريج للتعميم يأتي على خلفية مسّ بعض الزملاء بكثير من المبادئ العامة، من خلال ملف التحقيق باغتيال الرئيس الحريري وغيره من الملفات. ويضيف ان هذا المسّ قد طال أيضاً الآداب المهنية وقانون تنظيم المهنة الذي يرتكز على حسن ممارسة حق الدفاع ضمن الأصول امام المحاكم والحرص على ممارسة المحامي لهذا الحق، وليس أمام المنابر الإعلامية.وإذ شدّد على مبدأ احترام حرية التعبير والرأي للمحامي كمشاركته في ندوة أو مؤتمر قانوني، بعد استئذان النقيب، اعتبر طوبيا ان حرية المحامي ومزاولته المهنة ليست مطلقة، إنما ترتبط بضوابط عدة منها: تقيّد المحامي بمبدأ سرية التحقيق، التزامه بالمحافظة على السرية المهنية، فضلاً عن عدم الدعاية والاعلان في المهنة، لأن الظهور الاعلامي يأخذ مراراً طابعاً اعلاميا واعلانيا الأمر الذي يتناقض مع آداب المهنة وسلوكها.وأكد طوبيا على أن قانون المهنة يلزم المحامي عدم الافصاح عن أية محادثات تجري بينه وبين وكيله أو بينه وبين وكيل المحامي الخصم، وأن هذا الأمر يتم فقط أمام المحاكم.ورأى طوبيا، انه انطلاقاً من ذلك، أصدر النقيب جريج التعميم حفاظاً على قانون مهنة المحاماة وآدابها، مشيراً إلى صلاحيات النقيب في اتخاذ اجراءات تأديبية لكل من يخالف التعميم.وقال ضومط ان هناك أربعة اجراءات يمكن أن يتخذها النقيب بحق المخالفين بدءاً بتوجيه تأنيب للمخالف ثم احالته على المجلس التأديبي، ومنعه ثلاث سنوات من ممارسة المهنة، ليصل كحد أقصى إلى شطبه من الجدول العام.وعما اذا كان ثمة اجراء من الاجراءات الأربعة قد اتخذ اخيرا بحق أي محام مخالف لنص التعميم قال طوبيا لا يوجد حتى الآن، إنما لم يستبعد قيام النقيب جريج بتوجيه "لوم أخوي" للمخالفين بعد إصدار التعميم الأخير، وذلك بعد استدعاء المحامي المخالف الذي في حال لم يلتزم بالتعميم ويكرّر مخالفته له يصار إلى تشديد العقوبة بحقه.ثمة آراء كثيرة في قضية اغتيال الرئيس الحريري ورفاقه، تسعى إلى مقارعة الحجة بالحجة والرأي بالرأي، إنما ضمن الأصول القانونية، وتبدي وجهة نظرها في هذه الجريمة التي لا تعني طرفاً واحداً، بل جميع اللبنانيين الذين يتطلعون إلى الحقيقة لمعرفة من اغتال رفيق الحريري.
No comments:
Post a Comment