This blog of the Lebanese Center for Human Rights (CLDH) aims at granting the public opinion access to all information related to the Special Tribunal for Lebanon : daily press review in english, french and arabic ; UN documents, etc...

Ce blog du
Centre Libanais des droits humains (CLDH) a pour objectif de rendre accessible à l'opinion publique toute l'information relative au Tribunal Spécial pour le Liban : revue de presse quotidienne en anglais, francais et arabe ; documents onusiens ; rapports, etc...
.

PRESS REVIEW

April 9, 2010 - Annahar - Special Tribunal for Lebanon

الجمعة 09 نيسان 2010 - السنة 77 - العدد 24010
قضايا النهار
المحكمة الخاصة بلبنان
بين نظام القانون المدني والقانون الإنكليزي العام
بقلم الأب فادي فاضل
يقارب نظام القانون الإنكليزي العام ومن بعده القانون المدني أصول المحاكمات الجنائية من منظارين مختلفين تماما. ويلتقي هذان النظامان في مجال جديد يشهد تطورا مستمرا هو مجال القانون الجنائي الدولي حيث يحاول رجال القانون في كل من النظامين إيجاد نموذج جديد يعمل به. وفي هذا الإطار، تطالعنا المساهمات الجمة بما تنطوي عليه من مغالطات تنتج عن هذه المقاربة.
كما تأتي عملية بلورة نظام دولي في إطار من الإحترام الدولي للضمانات القضائية الواردة في الصكوك والوثائق المعنية بحماية حقوق الأشخاص. أخيرا، تؤثر المقتضيات الخاصة للعدالة الدولية على النموذج الإجرائي المتبع. سنتطرق إلى هذه المواضيع الثلاثة في ضوء ممارسة محكمتين خاصتين هما محكمة يوغوسلافيا السابقة ومحكمة رواندا، ومن ثم المحكمة الجنائية الدولية ونظام روما الأساسي، بالإضافة إلى دراسة مقارنة من الناحية النظرية مع نظام وقواعد الإجراءات والإثبات الخاصين بالمحكمة الخاصة بلبنان التي لم تباشر عملها على الصعيد القضائي حتى الساعة.
وتطمح هذه الدراسة المقتضبة بتواضع إلى مقاربة إحدى نواحي هذه العدالة الجنائية الدولية الجديدة، أي تأثر نظامي القانون الجنائي الرئيسين ببعضهما البعض وهما النظام الإتهامي في القانون الإنكليزي العام والنظام التحقيقي أو المدني والعلاقات القائمة بينهما، خصوصا من حيث التفاعل.
1- إستقصائي - تحقيقي أو إتهامي؟
إنشاء وظيفة "قاضي الإجراءات التمهيدية" الحاضرة في المحكمة الخاصة بلبنان
لقد كانت قواعد الإجراءات المعتمدة في بداية عمل المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة والواردة في نظام المحكمة تؤيد بوضوح النظام الإتهامي الخاص بالقانون الإنكليزي العام. وبموجب هذه القواعد، يقوم المدعي العام بإعداد ملفه لغايات المحاكمة، ولكن من دون أن يتمتع بسلطة قسرية أو بحق استجواب الشهود تحت القسم بهدف جمع الأدلة لأغراض المحاكمة. نتيجة لذلك، كانت جلسة المحاكمة تنطلق، وملف القاضي لا يزال فارغا وأشبه بصفحة بيضاء لا تحتوي مبدئيا إلا على القرار الإتهامي، كما هي الحال في محاكم القانون الإنكليزي العام. وبموجب نظام المحكمة، كان يتعين على طرف الدفاع أخذ العلم بأي عنصر من عناصر الإثبات القائمة، من دون أن يكون ملزما بالمعاملة بالمثل. وهذه الميزة لمصلحة طرف الدفاع واردة في المادة 112 من قواعد الإجراءات والإثبات في حالة المحكمة الخاصة بلبنان.
لقد أدرك مع الوقت القضاة المنتسبون إلى كل من التقليدين، تقليد القانون الإنكليزي العام والتقليد الأوروبي، صعوبات العمل بالقواعد المذكورة. وقد بدا وكأن المحاكمات الكبرى الأولى بحق تاديتش ودولاليك وأكاييسو تدوم إلى ما لا نهاية. فرأى القاضي جوردا حينذاك أن "ثمة واقعا لا مفر منه: فلما كانت المحاكمة ثقيلة وطويلة ومكلفة إلى أبعد الحدود، كان لا بد من إدخال الإصلاحات عليها وإعادة تحديد دور القاضي".
فخلال المراجعة التي حصلت في تموز 1998 أنشئت غرفة تحقيق لديها أوجه تطابق واضحة كل الوضوح مع أداء قاضي التحقيق في النظام المدني، وإن استمرت في العمل داخل النظام الإتهامي. واستنادا إلى هذه المراجعة، عين القاضي المسؤول "قاضيا للإجراءات التمهيدية" ومهمته بموجب المادة 65 كانت تقع "تحت سلطة ورقابة المحكمة المولجة بالنظر في القضية وتقضي بتنسيق عمليات التبادل بين الطرفين خلال المرحلة التمهيدية للمحاكمة. ويتأكد قاضي الإجراءات التمهيدية من أن المحاكمة لا تتعرض لأي تأخير غير مبرر ويأخذ كل التدابير اللازمة لكي تكون القضية جاهزة في سبيل محاكمة عادلة وسريعة".
وبحسب النظام المذكور، يتعين على القاضي أن يبت في مقبولية الأدلة وأن يشرف على عملية الإطلاع عليها. كما يتعين على الطرفين، أي الإدعاء والدفاع، تقديم لوائح مسبقة تسمح بالإطلاع على النقاط الأساسية للخلاف وبتوضيح الوسائل التي من المقرر الإحتجاج بها.
إن هذا الجهاز موجود في حالة المحكمة الخاصة بلبنان على صعيدي النظام الأساسي وقواعد الإثبات والإجراءات، ما يعزز حتما حقوق الدفاع والمتهمين، من خلال عمل الرقابة القضائية ونقد قرارات المدعي العام الدولي. لربما هذه الآلية هي من احد أسباب تأني المدعي العام في اصدار القرار الأتهامي.
2- أصول تحديد العقوبة
يرى بيار روبير أن فصل الحكم، أي التمييز القاطع بين إصدار الحكم بالإدانة وحكم العقوبة يأتي من تقليد القانون الإنكليزي العام حيث تعطي المحاكمة من خلال هيئة المحلفين إلى المحلفين وحدهم باعتبارهم "قضاة الأمر الواقع" (juges de faits) صلاحية تحديد الذنب وتمنح القاضي المحترف صلاحية الحكم بالقانون والعقوبة. إن مسألة فصل الحكم مرتبطة بالتالي بقرينة البراءة، إذ لا يمكن تزويد المحلفين بأدلة تتعلق بشخصية متهم ما من دون أن نولد عندهم أحكاما مسبقة لا بل نوعا من الحذر تجاهه.
وفيما كان نظام المحاكم الخاصة يخضع للتعديل بهدف استحداث وظيفة قاضي الإجراءات التمهيدية، حدث انحراف جديد في اتجاه النظام المدني. فقد جرى إلغاء المحاكمات المنفصلة التي بموجبها لا تقدم الأدلة الصحيحة التي تستوجب العقاب إلا بعد إصدار حكم بالذنب، واستبدلت بجلسة واحدة فقط. وقد بات اليوم على المتهم أن يقدم دليلا على حسن سلوكه، إضافة إلى بعض العناصر التخفيفية –كالتعرض للضغط والأوامر العليا وغيرها - قبل أن تتمكن محكمة البداية من الحكم في الموضوع. ومن أجل تقديم هذه الحجة أو هذه العناصر التخفيفية، قد يضطر المتهم أحيانا إلى الإقرار ببعض الأفعال التي يكون مذنبا فيها. كما يمكن لجهة الإدعاء بطبيعة الحال أن تقدم أدلة مضادة ردا على حجج حسن السلوك التي أبرزها المتهم، ما يولد إمكان تأثر حكم القاضي بسوابق المتهم. إن هذه المقاربة الجديدة لإجراءات تحديد العقوبة تنتج مباشرة عن النظام التحقيقي وهي لم يقع الخيار عليها في مؤتمر روما الذي آثر في مسألة تحديد العقوبة عقد جلسة مستقلة تلي الإدانة.
أما في المحكمة الخاصة بلبنان، فقد جرى الإبقاء على بصمة القانون الإنكليزي العام من خلال تقسيم الإجراءات قسمين: دعوى الإدانة ودعوى الحكم بالعقوبة (راجع المادتين 171-172)، وهذا يقع في مصلحة المتهم إذ يبقي على عناصر ووسائل الدفاع المتاحة له.
3- جواب الإقرار بالذنب
(Plea Bargaining -Plaidoyer de culpabilité)
من المعروف أن إحد أبرز الإختلافات القائمة بين نظام القانون الإنكليزي العام ونظام القانون المدني هو إمكان اللجوء إلى ما يعرف بـ"جواب الإقرار بالذنب" في الحالة الأولى، وهذا ما تسميه لجنة إصلاح القانون في كندا بـ"الإتفاق على المرافعة". ففي الواقع، يجوز للمتهم قبل المحاكمة وخلالها أن يقترح على مدعي عام الملاحقة تقديم "جواب بالإقرار بالذنب" مقابل خفض حجم الإتهام (من القتل عمدا إلى القتل عن غير قصد على سبيل المثال) والإتفاق على مدة العقوبة الواقعة عليه. ففي الدول التي تقع تحت القانون الإنكليزي العام من دون أن تعتمد "الجواب بالإقرار بالذنب" بالمعنى الحصري للكلمة، يجوز للمتهم أن يترافع على أساس الإعتراف بالجريمة في بداية المحاكمة ما يسمح تاليا باختصار وقت المحاكمة بشكل ملحوظ. في حالة كهذه، يقبل القاضي بيانا مختصرا عن الدليل ولا يفرض الحصول على إفادة شخصية من شهود الإدعاء، على أن تقبل جهة الدفاع نوعا ما بمضمون هذا الدليل. أما قاضي التحقيق في نظام القانون المدني، فتراه مصدوما لفكرة الإعتراف الطوعي بالذنب. وهو يتابع تحقيقه، أقله من الناحية النظرية، حتى ولو أقر المتهم بذنبه. وبحسب القاضي أنطونيو كاسيزي، فإن "هذا النوع من الممارسة ليس له ما يعادله بشكل مباشر في تقليد القانون الروماني حيث يرد الإقرار بالذنب كمجرد عنصر من عناصر الإثبات التي يتعين على المحكمة دراستها وتقويمها".
لقد أبقى النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة على الغموض حول مسألة الجواب بالإقرار بالذنب، وقد أشارت المادة 20 (3) إلى حصول المحاكمة حتى في حال إقرار المتهم بذنبه. غير أن المادة 62 تلحظ خيارين عندما يتم دعوة المتهم إلى الدفاع عن نفسه لدى مثوله أمام المحكمة. ففي حال الجواب بالإقرار بالذنب، يعين تاريخ لتحديد العقوبة. غير أن الوضع تبدل بشكل مأسوي في العام 1996 حين اعترف درازين إرديموفيك، وهو أحد الشهود المستقدمين إلى لاهاي في إطار قضية كاراديتش وملاديتش، بمسؤوليته المباشرة والشخصية عن عشرات عمليات الإعدام العشوائية في سبرينيكا في تموز 1995. وفي شهر أيار 1996، مثل إرديموفيك أمام محكمة البداية برئاسة القاضي الفرنسي كلود جوردا، وهو لم يكن يشعر بالإرتياح على ما يبدو إزاء هذا النوع من الإجراءات. فتحقق على عجلة من أن جواب المتهم جاء حرا وبكامل إرادته وأعلنه مذنبا باقتراف جرائم ضد الإنسانية.
بعد مرور عام، نقضت محكمة الإستئناف حكم الإدانة الصادر عن القاضي جوردا وزميليه في غرفة البداية لأنها اعتبرت أن إرديموفيك لم يكن مطلعا بما يكفي على طبيعة وماهية إدانته بجرائم ضد الإنسانية التي ثبت عليه الذنب فيها. إلى ذلك، وبحسب محكمة الإستئناف، لم يبلغ المستأنف بوضوح بأنه، إذ يرافع على أساس اعترافه بالذنب، يفقد حقه في الحصول على محاكمة، وحقه في أن يعتبر بريئا حتى ثبوت العكس وحقه في إعلان براءته وعدم مسؤوليته الجنائية عن الجرائم المنسوبة إليه. وقد قيل للمستأنف أنه، في حال تمسك ببراءته، سيضطر إلى دحض الإتهامات الموجهة إليه، أما في حال اعترف بالذنب، فستتاح له فرصة تعليل الأسباب التي دفعته إلى اقتراف جريمته.
وترد الحصيلة الأخيرة لهذا التطور وللتسوية بين النظامين بشكل واضح في حالة المحكمة الخاصة بلبنان حيث يتضح وجود مبدأ الجواب بالإقرار بالذنب (من باب الإحترام للتقليد الأنغلوسكسوني) ولكن بشكل منظم، في إشارة إلى أثر النظام التحقيقي. فالمحكمة من جهة، غير ملزمة البتة بالإتفاق القائم بين المدعي العام والمتهم، وهي من جهة أخرى تعمد إلى تقويم الجواب بالإقرار بالذنب وبتحليله في ضوء إرادة المتهم وأخذه علما بمجمل المعلومات ذات الصلة ووجود وقائع كافية لإثبات الجريمة. تلك هي معايير تراكمية (إستخدام أداة الربط "و") وليس إختيارية (استخدام "أو") (راجع المادتين 99-100 من قواعد الإجراءات والإثبات).
خلاصة
في مرحلة أولى كانت العدالة الجنائية الدولية تبدو، أقله في الشكل الحالي للمحاكم الخاصة، مقدرة لتؤول ساحة صراع بين رجال القانون التابعين لهذا التقليد أو ذاك.
وقد أصبحت الأجواء يسودها احترام متبادل يقدم لنا فرصة التعلم من الغير بما يخولنا تقدير فوائد النظام الآخر وليس فقط انتقاد سلبياته وشوائبه.
ويجري هذا التطور، قل هذا الإنصهار بين القانون الإنكليزي العام والقانون المدني، في إطار إنفاذ معايير العدالة الإجرائية المعترف بها دوليا. على هذا الصعيد، وعلى حد ما ذكرت به المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان مرارا وتكرارا، يتضمن النظامان القضائيان نقاط قوة ونقاط ضعف على حد سواء. وقد شكلت هذه المعايير الدولية نقطة انطلاق للقانونيين الدوليين في بحثهم عن نظام يعتبر مقبولا.
وعليه، فإن قواعد الإجراءات في القانون الجنائي الدولي هي وليدة ثلاثة تيارات رئيسة تتمثل في روح جديدة من التعاون بين القانونيين من التقليدين القضائيين، واحترام المعايير الأساسية لمحاكمة عادلة كما فسرتها أجهزة الرقابة، وأخيرا الفائدة من إيجاد آليات مميزة تستجيب للحاجات الخاصة والفريدة لعملية المكافحة الدولية لأكثر الإنتهاكات خطورة ضد حقوق الإنسان. وبعد أن جرى توضيح الأسس النظرية المتعلقة بالقواعد الإجرائية للمحكمة الخاصة بلبنان، نأمل أن نتمكن من إجراء تحليل لعملها القضائي الفعلي على الأرض.

(أستاذ جامعي في القانون الدولي - نائب رئيس الجامعة الأنطونية للشؤون الأكاديمية والعلاقات الدولية)



.........................................................................................................................................................................................
جميع الحقوق محفوظة - © جريدة النهار 2010

No comments:

Background - خلفية

On 13 December 2005 the Government of the Lebanese Republic requested the UN to establish a tribunal of an international character to try all those who are alleged responsible for the attack of 14 february 2005 that killed the former Lebanese Prime Minister Rafiq Hariri and 22 others. The United Nations and the Lebanese Republic consequently negotiated an agreement on the establishment of the Special Tribunal for Lebanon.

Liens - Links - مواقع ذات صلة

The Washington Institute for Near East Policy, David Schenker , March 30, 2010 . Beirut Spring: The Hariri Tribunal Goes Hunting for Hizballah


Frederic Megret, McGill University, 2008. A special tribunal for Lebanon: the UN Security Council and the emancipation of International Criminal Justice


International Center for Transitional Justice Handbook on the Special Tribunal for Lebanon, April 10, 2008


United Nations
Conférence de presse de Nicolas Michel, 19 Sept 2007
Conférence de presse de Nicolas Michel, 27 Mars 2008


Département d'Etat américain
* 2009 Human Rights report
* 2008 Human Rights report
* 2007 Human Rights report
* 2006 Human Rights report
* 2005 Human Rights report



ICG - International Crisis Group
The Hariri Tribunal: Separate the Political and the Judicial, 19 July, 2007. [Fr]


HCSS - Hague Centre for strategic studies
Hariri, Homicide and the Hague


Human Rights Watch
* Hariri Tribunal can restore faith in law, 11 may 2006
* Letter to Secretary-General Kofi Annan, april 27, 2006


Amnesty International
* STL insufficient without wider action to combat impunity
* Liban : le Tribunal de tous les dangers, mai 2007
* Jeu de mecano


Courrier de l'ACAT - Wadih Al Asmar
Le Tribunal spécial pour le Liban : entre espoir et inquiétude


Georges Corm
La justice penale internationale pour le Liban : bienfait ou malediction?


Nadim Shedadi and Elizabeth Wilmshurt, Chatham House
The Special Tribunal for Lebanon : the UN on Trial?, July 2007


Issam Michael Saliba, Law Library of Congress
International Tribunals, National Crimes and the Hariri Assassination : a novel development in International Criminal Law, June 2007


Mona Yacoubian, Council on Foreign Relations
Linkages between Special UN Tribunal, Lebanon, and Syria, June 1, 2007