This blog of the Lebanese Center for Human Rights (CLDH) aims at granting the public opinion access to all information related to the Special Tribunal for Lebanon : daily press review in english, french and arabic ; UN documents, etc...

Ce blog du
Centre Libanais des droits humains (CLDH) a pour objectif de rendre accessible à l'opinion publique toute l'information relative au Tribunal Spécial pour le Liban : revue de presse quotidienne en anglais, francais et arabe ; documents onusiens ; rapports, etc...
.

PRESS REVIEW

March 8, 2010 - Alanwar - Cassese confident the STL will start prosecution this year

الانوار
الاثنين 8 آذار 2010 العدد – 17393

محليات لبنان


تقرير المحكمة الدولية الى مجلس الامن في الذكرى الاولى لانطلاقتها
كاسيزي يكشف عن شبكة كبيرة جندت شبكات اصغر اغتالت رفيق الحريري
التقرير يؤكد ان التحقيق يحرز تقدما... والعدالة تعزز ثقافة المحاسبة في لبنان
280 استجوابا و53 مهمة ميدانية في لبنان و60 طلب مساعدة من 24 دولة
تعاون لبنان جيد والمحكمة تنتقل الى العمل القضائي الفعال في السنة المقبلة

قدمت المحكمة الدولية الخاصة بمحاكمة مرتكبي جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه تقريرها السنوي الأول إلى مجلس الأمن الدولي، حول الإنجازات التي تحققت منذ انطلاقتها في الأول من آذار 2009، ويتضمن التقرير الذي يقع في 74 صفحة فولسكاب إحاطة شاملة بكل النواحي المتعلقة بالتحضيرات التي تخوّل هيئة المحكمة الانطلاق بالمحاكمات القضائية فور تقديم المدعي العام الدولي القاضي دانيال بلمار قراراته الاتهامية.
وكشف عن وجود شبكة كبيرة حرّكت شبكات أصغر بينها تلك التي نفذت اغتيال الرئيس الحريري، فضلاً عن التوصل إلى وضع رسم تقريبي لمنفذ الجريمة وتحديد ملامح وجهه وأصله الجغرافي، مشيراً إلى ان الاتفاقية التي أبرمتها المحكمة مع الانتربول الدولي مكّنتا التحقيق من الوصول إلى قواعد البيانات.
وأكد ان مكتب المدعي العام يكثف التحقيقات وسيكتشف كل خيوطها بغية إظهار الحقيقة بشأن الاعتداءات الداخلة ضمن اختصاصه، بحيث أحرز تقدماً ملموساً بما يخص الاعتداء الذي استهدف الحريري والاعتداءات الأخرى. كما ان مكتب المدعي العام تمكن من الوصول إلى قواعد بيانات الانتربول بفضل اتفاق تعاون ابرمته المحكمة مع المنظمة الدولية للشرطة الجنائية الانتربول، وهو أرسل (مكتب المدعي العام) ما يزيد عن 240 طلباً إلى المدعي العام التمييزي في لبنان للمساعدة، ونُظمت 53 مهمة ميدانية، كما وجّه أكثر من 60 طلب مساعدة إلى 24 دولة، وأجريت مقابلات مع 280 شاهداً.



وأوضح التقرير ان تسريع مكتب المدعي العام لتحقيقاته يهدف إلى تعجيل تقديم قرارات الاتهام إلى قاضي الاجراءات التمهيدية، وبناء عليه فإنّ المحكمة قامت بكل الاستعدادات الفعالة من أجل وضع البنية التحتية اللازمة، وهي تستعد الآن لتطبيق العدالة بصورة ملائمة وعادلة وسريعة، مبدية ثقتها بأنها ستنتقل إلى العمل القضائي بشكل فعال في السنة المقبلة، لافتاً إلى أن المحكمة مصممة على مواجهة التحديات وهي تنوي ان تحقق عدالة خالية من أي قيد سياسي أو ايديولوجي.
ولدى تناوله تعاون لبنان مع المحكمة يذكر التقرير بأن السلطات اللبنانية ملزمة بالتعاون مع المحكمة الدولية بموجب قرار مجلس الأمن 1757 الذي اعتمد وفق الفصل السابع، وبالتالي فإنه في حال عدم امتثال لبنان لأي طلب أو أمر من المحكمة والاستمرار في الرفض، يعد قاضي الاجراءات التمهيدية محضراً قضائياً بعدم التعاون ويحال بواسطة رئيس المحكمة الى مجلس الأمن لاتخاذ الإجراءات المناسبة.
واشار التقرير الى ان مكتب المدعي العام احرز تقدماً ملموساً في تحضير القضية التي سوف تقدم مرتكبي الجريمة الى العدالة، وقد تحقق ذلك بالرغم من انضباط من يقفون وراء الاعتداء وتطورهم الواضحين ويمكن لمكتب المدعي العام ان يقدم تقريراً عن المؤشرات الآتية بشأن التقدم في التحقيق ضمن نطاق التزامه بالقيود الضرورية لحماية سرية التحقيق.
1- لا يقدم هذا التقرير السنوي مجرد عرض للنشاطات التي أنجزتها مختلف أجهزة المحكمة خلال السنة الفائتة فحسب، فإضافة إلى تعداد الخطوات التي تم اتخاذها والإنجازات التي تحققت والعقبات التي واجهتها المحكمة خلال السنة الفائتة، يهدف هذا التقرير إلى مناقشة بعض المشاكل والتحديات العامة التي تواجهها المحكمة وإلى البحث في الانعكاسات المترتبة عن تأسيسها، وذلك لضمان الشفافية والمساءلة إزاء الأمم المتحدة وحكومة لبنان والمجتمع المدني اللبناني والدول الأعضاء والمجتمع العالمي بشكل عام.
2- تسعى المحكمة لإنجاز مهمة إظهار الحقيقة المناطة بها بموجب الصكوك المؤسسة لها ولإقامة عدالة حقيقية وسريعة. وبما أن هذا هو التقرير السنوي الأول، سنركز قبل استعراض الأعمال التي أنجزتها المحكمة خلال السنة الماضية، على أبرز سمات المحكمة وأهم العناصر الجديدة في نظامها الأساسي وفي قواعد الإجراءات والإثبات، وعلى الخطوات التي اتخذتها مختلف الأجهزة لتضفي على عمل هذه المحكمة الجنائية الدولية طابعا جديدا. فنمكن بذلك القارئ من وضع المحكمة في إطارها الصحيح.
3- من الضروري فهم أوجه الاختلاف بين هذه المحكمة التي تنظر بشكل حصري في قضايا الإرهاب كجريمة بحد ذاتها، وبين المحاكم الجنائية الدولية الأخرى التي تفصل في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية. إذ يسمح إبراز أوجه الاختلاف هذه بتسليط الضوء على أصعب العقبات التي لا بد أن تواجهها المحكمة في تأديتها لمهامها.
4- على ضوء الهدف من هذا التقرير، لن نتطرق إلى إنجازات السنة الفائتة فحسب، بل سنتناول أيضا العقبات التي واجهتها المحكمة وبعض العثرات التي وقعت فيها. فلا بد أن ينطوي كل تحد جديد يسير المرء فيه في المجهول على عنصر التجربة والخطأ، ولكن ليس صوابا عدم التصرف خوفا من الوقوع في الخطأ. ونستشهد في هذا الصدد بقول الفيلسوف الألماني هيغل (ترجمة): أكثر ما يضر الإنسان رغبته في أن يكون معصوما عن الخطأ، فيدفعه ميله إلى الراحة للامتناع عن التصرف خوفا من اقتراف الأخطاء. ولكن هذا النوع من الخوف يتسبب باقتراف أخطاء ناتجة عن عدم الفعل المحض.
فالحجارة وحدها لا ترتكب أخطاء الفعل1. وبالتالي، لن نتفادى أخطاء الفعل طالما يسعنا المضي قدما وإنجاز مهمتنا بأسرع صورة ممكنة وأكثرها عدالة.
5- لا بد لي بداية أن أرفع جزيل الشكر والامتنان إلى لجنة الإدارة ورئيسها، وإلى حكومة لبنان والأمم المتحدة لجهودهم والتزامهم بقضية العدالة والمساءلة. فبفضلهم وبفضل دعم بلدان أخرى والمفوضية الأوروبية (التي ساهمت بمنحة كبيرة)، والعمل الدؤوب لكل فرد في المحكمة، استطعنا أن نحرز تقدما بارزا في عملنا.
6- تجسد المحكمة فرصة قيمة للبنان والمجتمع الدولي بأسره فهي تسعى لتحقيق العدالة بإنصاف وشفافية، ولإظهار الحقيقة للمتضررين ولكل أفراد المجتمع اللبناني، متخذة قول أفلاطون المأثور (ترجمة): العدالة أثمن الكنوز2 قاعدة لها. ولكي نبني على الجهود الناجحة التي بذلناها حتى الآن ونحصد ثمارها، لا بد أن يستمر دعم الأمم المتحدة ولبنان، لا بل أن يزداد زخما.
الجزء الأول: ميزات المحكمة
(ألف) لمحة سريعة عن أبرز ميزات المحكمة
7- تتمتع المحكمة باختصاص على الأشخاص المسؤولين عن الاعتداء الذي وقع في 14 شباط 2005 وأدى إلى مقتل رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري وإلى مقتل أو إصابة أشخاص آخرين، وعلى اعتداءات أخرى مترابطة وفقا للمبادئ المنصوص عليها في المادة 1 من نظام الأساسي للمحكمة.
8- تتمتع المحكمة ببعض الميزات المشتركة مع غيرها من المحاكم الدولية المختلطة. أ) فهي محكمة ذات طابع دولي; ب) وهي مؤّلفة من قضاة وأجهزة أساسية أخرى (المدعي العام ورئيس مكتب الدفاع ورئيس قلم المحكمة) مستقلة وحيادية; ج) ومن موظفين دوليين; د) كما تخضع إجراءاتها لأحكام دولية وتدار بأكثر من لغة.
9- تتميز المحكمة من جهة أخرى ببعض الخاصيات الفريدة والجديرة بالذكر إذ يبرز عرضها بعض المشاكل التي تواجهها:
أ) تشابه المحكمة بعض المحاكم الأخرى (كالمحكمة الخاصة لسيراليون والدوائر الاستثنائية في المحاكم الكمبودية) في كونها محكمة ذات طابع مختلط إذ إنها تضم قضاة دوليين ووطنيين على السواء. ولكنها بعكس هذه المحاكم، ولأسباب أمنية، لم تتخذ من الأراضي التي ارتكبت فيها الجرائم مقرا لها، بل كان مقرها في هولندا; ب) تختلف المحكمة عن بعض المحاكم الأخرى (كالمحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة والمحكمة الجنائية الدولية لرواندا والمحكمة الجنائية الدولية)، بإنها لا تطبق القوانين الدولية الموضوعية. فلا تجمع في قانونها الواجب التطبيق بين القوانين الدولية والوطنية شإنها شأن المحاكم الأخرى (كالمحكمة الخاصة لسيراليون والدوائر الاستثنائية في المحاكم الكمبودية)، بل تطبق القانون اللبناني الموضوعي على الأعمال الإرهابية التي يعتبرها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تهديدا للسلم والأمن الدوليين; ج) تمارس المحكمة اختصاصها بشأن جريمة لم تكن تدخل ضمن اختصاص محكمة دولية، وهي الإرهاب، كجريمة بحد ذاتها; د) لا تقوم إجراءات المحكمة على النظام الوجاهي بشكل أساسي بعكس غيرها من المحاكم الدولية (كالمحكمة الجنائية الدولية لرواندا والمحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة)، بل تحاول الدمج بجرأة ما بين النظامين الوجاهي والتحقيقي، وتختلف بذلك عن الدوائر الاستثنائية في المحاكم الكمبودية القائمة على النظام التحقيقي المطبق في القانون المدني; هـ) تتميز المحكمة عن المحاكم الأخرى في أن نظامها الأساسي يضع مكتب الدفاع على قدم المساواة مع مكتب المدعي العام، مما يضمن حماية حقوق الدفاع بفعالية أكبر; و) تختلف المحكمة عن معظم المحاكم الدولية الأخرى في إنها تجيز المحاكمة في غياب المتهم. غير أن المادة 22 من النظام الأساسي للمحكمة تخضع المحاكمة غيابيا لشروط صارمة لضمان حماية حقوق المتهم الأساسية التي كرسها القانون الدولي لحقوق الإنسان، وأهمها أنه يحق للمتهم أن يطلب إعادة محاكمته حضوريا إذا مثل أمام المحكمة في مرحلة لاحقة، وتختلف بذلك عن محكمة نورمبرغ العسكرية الدولية التي تجيز إقامة المحاكمات الغيابية. كما تنص قواعد الإجراءات والإثبات على جواز إجراء المحاكمات في غياب المتهم شخصيا، ولكن يحق لهذا الأخير المشاركة قانونيا بعدم التنازل صراحة عن حقه في المشاركة في الإجراءات أمام المحكمة، وتعيين محامي دفاع وتوجيهه، وعبر المشاركة، عند الاقتضاء، في الإجراءات من خلال نظام المؤتمرات المتلفزة. ز) تنظم المادة 10 من النظام الأساسي للمحكمة ممارسة تعتمدها معظم المحاكم الجنائية الدولية، عبر منح رئيس المحكمة صلاحيات واسعة إذ تنص على أنه (...) مسؤول عن سير أعمالها (المحكمة) بفعالية وعن حسن سير العدالة.
نتوسع في أبرز العناصر الجديدة للمحكمة في البنود المبينة أدناه.
(باء) أبرز العناصر الجديدة في المحكمة
1- مقدمة
10- تجسد المحكمة مرحلة جديدة في العدالة الجنائية الدولية على أكثر من صعيد، ليس فقط بسبب موضوع اختصاصها الذي يتضمن مهمة ملاحقة أعمال الإرهاب، بل أيضا بسبب بنيتها وإجراءاتها التي صممت خصيصا لتتماشى ومهمة المحكمة وللاستناد إلى الخبرة القضائية الراسخة التي اكتسبتها المحاكم المختلطة والدولية على مر العقدين الأخيرين. يسّلط هذا الجزء الضوء على أبرز العناصر الجديدة المكرسة في النظام الأساسي وقواعد الإجراءات والإثبات على ثلاثة أصعدة:
أ) العناصر الجديدة المتعلقة بالقانون الموضوعي; ب) الجوانب الجديدة في بنية المحكمة; وج) العناصر الجديدة المتعلقة بالإجراءات.
2- العناصر الجديدة المتعلقة بالقانون الموضوعي
11- يتضمن النظام الأساسي للمحكمة عدة ميزات جديدة في ما يتعلق بقانونها الموضوعي. وتميز هذه الخاصيات المحكمة عن غيرها من المحاكم المختلطة والدولية القائمة، وفي ما يلي شرح لاثنتين من بينها.
12- أولا، تعتبر المحكمة أول محكمة من نوعها تنظر في الأعمال الإرهابية كجريمة بحد ذاتها، أي ما يشكل تهديدا للسلم والأمن الدوليين وفقا لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. فقد اعتبرت المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة والمحكمة الخاصة لسيراليون، الإرهاب جريمة حرب، ولكن اندرج ذلك في إطار اعتداءات واسعة النطاق وغيرها من الجرائم المرتكبة ضد أشخاص لم يشاركوا بشكل فاعل في الأعمال العدائية. تبتعد الأعمال الإرهابية التي ترتكب في زمن السلم عن مفهوم الإرهاب خلال النزاعات المسلحة، إذ إنها لا تستلزم، على سبيل المثال، أي صلة بنزاع مسلح أو باعتداء ضد مدنيين. ونستعرض أدناه تأثير هذا التباين على مستوى التحقيق والملاحقة.
13- ثانيا، تتمتع المحكمة باختصاص بشأن الجرائم كما حددها القانون اللبناني المحلي. وبينما تضطلع المحاكم المختلطة الأخرى، كالمحكمة الخاصة لسيراليون والدوائر الاستثنائية في المحاكم الكمبودية، بمهمة النظر في الجرائم الدولية والجرائم الجنائية المحلية، تبقى المحكمة الخاصة بلبنان المحكمة المختلطة الوحيدة التي تتمتع باختصاص بشأن جريمة، كجريمة الإرهاب، كما حددها القانون المحلي. وتنص المادة 2 من النظام الأساسي للمحكمة بشكل خاص على وجوب أن تطبق المحكمة أحكام قانون العقوبات اللبناني المتعلقة بالملاحقة والمعاقبة على الأعمال الإرهابية والجرائم والجنح التي ترتكب ضد حياة الأشخاص وسلامتهم الشخصية، والتجمعات غير المشروعة، وعدم الإبلاغ عن الجرائم والجنح. وتبرز بين هذه الأحكام المادة 314 من قانون العقوبات اللبناني التي تنص على أنه يقصد بالأعمال الإرهابية جميع الأفعال التي ترمي إلى إيجاد حالة ذعر وترتكب بوسائل كالأدوات المتفجرة والمواد الملتهبة والمنتجات السامة أو المحرقة والعوامل الوبائية أو المكروبية التي من شإنها أن تحدث خطرا عاما.
3- الجوانب الجديدة في بنية المحكمة
14- لكل محكمة مختلطة دولية بنية تميزها عن غيرها من المحاكم، وللمحكمة الخاصة بلبنان ميزتان تجعلانها مختلفة عن المحاكم التي سبقتها، وهما: مكتب الدفاع ومشاركة المتضررين في الإجراءات.
15- تعتبر المحكمة أول محكمة دولية تتضمن مكتب دفاع يتمتع بنظام خاص ويعمل كجهاز مستقل عن قلم المحكمة، ويضطلع بمهمة حماية حقوق الدفاع، وتقديم الدعم الإداري والقانوني للدفاع، ووضع قائمة بأسماء محامي الدفاع الذين قد يمثلون أمام المحكمة (المادة 13 من النظام الأساسي). تدرك سائر المحاكم القائمة (وخاصة المحكمة الخاصة لسيراليون) هي أيضا أهمية وجود مكتب مخصص لمسائل الدفاع، ولكن هذه المرة الأولى التي يؤدي فيها هذا الإدراك إلى إنشاء جهاز مستقل وعلى قدم المساواة مع مكتب المدعي العام.
16- تقضي أبرز مهام مكتب الدفاع بتعزيز حقوق المتهمين والمشتبه بهم، كما تنص عليه المادتان 15 و16 من النظام الأساسي للمحكمة. وتجدر الإشارة هنا إلى أن الهدف من تأسيس مكتب الدفاع ليس تمثيل مشتبه به واحد أو أكثر فحسب، بل أيضا تقديم المساعدة خارج المحكمة وضمان احترام حقوق المشتبه بهم والمتهمين في مراحل الإجراءات كافة.
17- يتمتع مكتب الدفاع بالصلاحيات التنظيمية والقانونية اللازمة لتعزيز حقوق المشتبه بهم والمتهمين، بما يضمن أسمى معايير العدالة في الإجراءات اُلمقامة أمام المحكمة. ونشدد هنا على أنه سبق لرئيس مكتب الدفاع أن مارس صلاحياته في هذا الصدد في ما يتعّلق بظروف احتجاز الضباط اللبنانيين الأربعة، حيث طلب من رئيس المحكمة أن يضمن حماية بعض حقوقهم الأساسية.
18- تتميز المحكمة بخاصية بنيوية أخرى، إذ إنها تسمح للمتضررين بالمشاركة في الإجراءات لعرض آرائهم وهواجسهم (المادة 17 من النظام الأساسي للمحكمة اُلمعنونة حقوق المجني عليهم). ففي حين يسمح للمتضررين بالمشاركة بصفتهم مدعين شخصيين أمام الدوائر الاستثنائية للمحاكم الكمبودية لغرض دعم الإدعاء، وكذلك للمطالبة بالتعويضات الجماعية والمعنوية (المادة 23 من القواعد الداخلية)، لا يعتبر المتضررون أمام المحكمة مدعين شخصيين ولا يحق لهم المطالبة بالتعويضات عن أي ضرر ناتج عن جريمة. ولكن بالطبع، لا يمنعهم ذلك من رفع دعوى أمام محكمة وطنية لاحقا للمطالبة بالتعويض، بناء على حكم أصدرته المحكمة.
19- ترتكز المحكمة على خبرة المحكمة الجنائية الدولية، بحيث تتيح مشاركة المتضررين في الإجراءات بعد تصديق قرار الاتهام فقط، بينما كانت القرارات التمهيدية الأولى للمحكمة الجنائية الدولية تمنح المتضررين طيفا واسعا من الحقوق حتى قبل صديق قرار الاتهام.
20- بسبب ما قد تحمله مشاركة المتضررين من أثر على الإجراءات، ينبغي على المتضررين الراغبين في المشاركة في الإجراءات الخضوع لتمحيص مسبق من قبل قاضي الإجراءات التمهيدية. ويحق للقاضي 1) أن يستبعد أشخاصا يشك في صفتهم كمتضررين; 2) أن يحدد عدد المتضررين المخولين المشاركة في الإجراءات; 3) وأن يعين ممثلا قانونيا مشتركا لعدة متضررين. في كل الأحوال وكما ذكر أعلاه، لا يمنح المتضررون صفة المشاركين إلا بعد تصديق قرار الاتهام وعندما تشرف مرحلة التحقيق على الانتهاء. وقد صممت خاصيات المحكمة هذه لضمان حق فعلي للمتضررين في المشاركة في الإجراءات، ولمحاولة تجنب أن ينعكس حضور المتضررين سلبا على حقوق المتهمين أو على إستراتيجية المدعي العام.
4- العناصر الجديدة المتعلّقة بالإجراءات
21- يتمّثل العنصر الجديد الثالث في المحكمة في إجراءاتها، إذ يرمي النظام الأساسي للمحكمة إلى إقامة توازن جديد بين القواعد المعتمدة في أنظمة القانون العام (النظام الوجاهي) والقواعد المستمدة من أنظمة القانون المدني (النظام التحقيقي).
وبينما تشتمل الدوائر الاستثنائية في المحاكم الكمبودية، وإلى حد ما، المحكمة الجنائية الدولية على عناصر بارزة مستقاة من الأنظمة القانونية القائمة على العرف الروماني الجرماني، حاول محررو النظام الأساسي للمحكمة الاستفادة من هذه الخبرات بهدف ضمان إجراءات أكثر عدالة وسرعة وتوازنا. يعالج هذا الجزء من التقرير باقتضاب أبرز العناصر الجديدة في النظام الأساسي وفي قواعد الإجراءات والإثبات، وبشكل خاص: أ) مركز قاضي الإجراءات التمهيدية; ب) دور القضاة الفاعل في سير الإجراءات; ج) التدابير البديلة للاحتجاز; د) استخدام الأدلة الخطية; ه) حماية المعلومات الحساسة; و) والمحاكمات الغيابية.
(أ) مركز قاضي الإجراءات التمهيدية
22- يكمن أحد العناصر الجديدة المكرسة في نظام الأساسي للمحكمة في أن قاضي الإجراءات التمهيدية، وهو القاضي المكّلف النظر في قرارات الاتهام وإعداد القضايا للمحاكمة، ليس قاضيا من قضاة الغرفتين، بل هو قاض منفصل ومستقل لا يحق له أن يكون قاضيا في غرفة الدرجة الأولى (راجع المادة 2 من الاتفاق بين الأمم المتحدة والجمهورية اللبنانية والمادة 7، الفقرة (أ) والمادة 18 من النظام الأساسي). ففي الوقت الذي يجوز لنظيره في المحكمة الجنائية الدولية لرواندا والمحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة على سبيل المثال، أن يصبح عضوا في دائرة المحاكمة مما يستوجب منه الحرص على عدم التأّثر بسبب اطلاعه على الأدلة، فإن لقاضي الإجراءات التمهيدية في المحكمة الحرية في التعامل مع المواد الثبوتية التي يقدمها الفريقان ويمكنه أن يضطلع بدور أكثر فعالية في المراحل الإجرائية الأولية. وبما أن مركز قاضي الإجراءات التمهيدية هذا لا يشابه مركز قاضي التحقيق اللبناني (لأن النظام الأساسي لا ينص على ذلك)، لا يقوم قاضي الإجراءات التمهيدية بجمع الأدلة تلقائيا، لكن يجوز له أن يجمع الأدلة في حالتين فقط: أولا، بناء على طلب من أحد الفريقين أو من المتضررين المشاركين في الإجراءات إذا أثبت مقدمو الطلب أنهم لن يستطيعوا، على الأرجح، جمعها بأنفسهم، شرط أن يرى قاضي الإجراءات التمهيدية أن في ذلك خدمة لمصلحة العدالة (المادة 92، الفقرة (ألف) من القواعد); وثانيا، إن عجز أحد الفريقين أو المتضررين المشاركين في الإجراءات عن جمع أدلة مهمة ورأى قاضي، الإجراءات التمهيدية ذلك ضروريا لمصلحة العدالة ولضمان مبدأ تكافؤ وسائل الدفاع ولإظهار الحقيقة (المادة 92 الفقرة (جيم) من القواعد). في الحالة الأخيرة، يتوّقف تدخل قاضي الإجراءات التمهيدية على عجز أحد الفريقين أو المتضررين عن جمع الأدلة بأنفسهم، شرط أن يتم تقديم الأدلة التي يضبطها قاضي الإجراءات التمهيدية على هذا النحو من قبل أحد الفريقين أو أحد المتضررين المشاركين في الإجراءات، ويحق للمشاركين في الإجراءات الامتناع عن تقديمها.
23- يتمتع قاضي الإجراءات التمهيدية بصلاحيات أخرى هي: أ) تقييم التهم التي يوجهها المدعي العام والواردة في قرار الاتهام وإذا اقتضت الحاجة، ب) مطالبة المدعي العام بتخفيض هذه التهم أو بإعادة تصنيفها; ج) تسهيل الاتصال بين الفريقين; د) إصدار دعوات الحضور والمذكرات وأية أوامر أخرى بطلب من أي من الفريقين; ه) استجواب الشهود الذين لم تكشف هويتهم; و) إعداد ملف كامل لصالح غرفة الدرجة الأولى يسرد فيه أوجه الاختلاف الرئيسة بين الفريقين بشأن المسائل القانونية والواقعية، ويبين فيه رأيه من المسائل القانونية والواقعية الأساسية التي تطرحها القضية.
ومن أهم العناصر التي استحدثت في تشرين الأول 2009، أحد الأحكام الجديدة في المادة 88 من القواعد، الذي يمكن المدعي العام، حتى قبل تصديق قرار الاتهام، من أن يحيل إلى قاضي الإجراءات التمهيدية أية مواد يعتبرها ضرورية لممارسة مهام قاضي الإجراءات التمهيدية.
(ب) دور القضاة الفاعل
24- يمنح النظام الأساسي قضاة غرفة الدرجة الأولى دورا فاعلا خلال الإجراءات، باعتبار أم سيقودون عملية استجواب الشهود. كما يمنح القضاة صلاحية استدعاء الشهود أو الأمر بتقديم أدلة إضافية (المادة 20) وباتخاذ تدابير صارمة للحؤول دون التسبب بأي تأخير غير مبرر (المادة 21، الفقرة (1)). وتلحظ المادة 20، الفقرة (2) من النظام الأساسي نمطا للاستماع إلى الشهود بما ينسجم مع النظم التحقيقية: يقوم أولا رئيس الغرفة وسائر القضاة باستجوابهم فالفريقان.
غير أن ذلك يفترض توافر ملف كامل للقضية dossier de la cause لدى غرفة الدرجة الأولى، يمكِّنها من التعرف على الأدلة المضبوطة وعلى كل المشكلات القانونية والواقعية التي قد تنشأ. إذا عجز قاضي الإجراءات التمهيدية عن إعداد مثل هذا الملف الشامل ليحيله إلى غرفة الدرجة الأولى، تقضي المادة 145 الفقرة (باء) من القواعد بالعودة إلى الأسلوب اُلمتبع في الأنظمة الوجاهية، مما يسمح للقضاة بالتصرف بالطريقة التي يرونها مناسبة لضمان محاكمة سريعة ومنصفة.
(ج) التدابير البديلة للاحتجاز



25- تقضي القاعدة العامة التي تنطبق على الشهود والمتهمين الذين يمثلون أمام المحكمة، بعدم احتجازهم رهن المحاكمة، إذ يتمتع الأشخاص المحتجزون بقرينة البراءة. فالحرية هي المبدأ العام والاحتجاز هو الاستثناء، وقد يبرر بحسب الظروف الملموسة للقضية لغرض ضمان مثول الشخص أمام المحكمة في حال وجود خطر جدي بأن أ) يتوارى عن الأنظار، ب) لمنعه من عرقلة سير التحقيق أو الإجراءات أمام المحكمة، أو تعريضها للخطر، أو ج) للحؤول دون تصرفه تصرفا مماثلا للذي يشتبه بقيامه به. ولكن غالبا ما تهمل المحاكم الوطنية والدولية مفهوم وجوب إبقاء المتهمين أحرارا أثناء محاكمتهم، لا سيما في بعض البلدان التي تعتمد الأنظمة القائمة على العرف الروماني الجرماني، كما تشهد له احتجاجات فولتير3. العنيفة ضد نظام العقوبات الفرنسي في العام 1764.
26- مع مراعاة هذه المبادئ، بدلا من احتجاز المشتبه بهم أو المتهمين، يمكن استدعائهم للحضور أمام المحكمة، مما يسمح بعدم احتجازهم في مرفق الاحتجاز التابع للمحكمة. إذا تم احتجاز مشتبه به أو متهم بأمر من المحكمة في بلد إقامته أو في مرفق الاحتجاز التابع للمحكمة، يجوز لقاضي الإجراءات التمهيدية (أو لإحدى الغرفتين) الأمر بإخلاء سبيله مؤقتا وبإعادته إلى الدولة التي يحمل جنسيتها أو إلى بلد إقامته.
27. إضافة إلى ذلك، أدرجت أحكام تمنح المشتبه بهم والمتهمين تصاريح مرور (بموافقة الدولة المضيفة) تعطيهم الحصانة من التوقيف والملاحقة، وتسمح لهم بالعودة إلى بلدأنهم بعد استجوابهم ومثولهم الأولي أمام غرفة الدرجة الأولى أو قاضي الإجراءات التمهيدية. كما يحق للمتهم أيضا أن يشارك في إجراءات المحاكمة أو الاستئناف عبر نظام المؤتمرات المتلفزة، فلا يضطر إلى المجيء إلى هولندا، لكنه يبقى خاضعا لاختصاص المحكمة.
28. وتبدو هذه الحاجة إلى السماح بتطبيق مختلف أشكال الحضور القانوني أكثر إلحاحا في ما يخص المحكمة بسبب الصعوبات الفريدة التي ستواجهها في إطار توقيف المتهمين ومن ثم تسليمهم إلى المحكمة. ويفترض أن تكون الدول الثالثة أقل ترددا في التعاون مع المحكمة إذا ما عرفت أن مواطنيها قد يحاكمون بدون احتجازهم وأن يشاركوا في الإجراءات من دولة إقامتهم.
29. تتيح كل هذه التدابير إقامة إجراءات لا يكون فيها المتهم متواجدا بالضرورة لكنه يستطيع توجيه محاميه بعد مثوله الأولي أمام المحكمة.
(د) استخدام الأدلة الخطية
30. تتمتع المحكمة بالسلطة القانونية لاستلام الأدلة خطيا (المادة 21، الفقرة (2) من النظام الأساسي). وبالرغم من اتباعها مبدأ الشفوية في عدة نواح، إلا إنها تأخذ في الاعتبار خبرة الأنظمة الجزائية كالنظام الجزائي اللبناني الذي يميل إلى قبول الأدلة الخطية بدون استدعاء الشاهد شخصيا وبدون إخضاعه للاستجواب المضاد رهنا بشروط معينة. وبما أن حقوق الإنسان الأساسية تقضي بأن يدرس المتهم كل الأدلة التي تستخدم ضده (المادة 16، الفقرة (4)، الفقرة الفرعية (و))، كان لا بد من إيجاد توازن ما.
ولذلك تضمنت قواعد الإجراءات والإثبات مواد معينة تنظم مختلف فئات الأدلة الخطية، فتنص المادة 154 من القواعد على جواز القبول بالمستندات كالرسائل والنصوص المدونة لمكالمات هاتفية خضعت للتنصت ومحاضر الاجتماعات، كأدلة، شرط ألا تكون قيمتها الثبوتية دون متطلبات المحكمة العادلة. أما المادة 155 من القواعد فتجيز قبول الإفادات الخطية والنصوص المدونة في دعاوى أخرى بدلا من الشهادة الشفهية، طالما إنها لا تتعّلق بأفعال المتهم أو سلوكه كما هي مدونة في قرار الاتهام. وتشير المادة 156 من القواعد إلى الإفادات الخطية للشهود الحاضرين في جلسة المحاكمة والمستعدين للإدلاء بشهادتهم وللخضوع للاستجواب المضاد وتجيز قبول هذه الإفادات الخطية حكما حتى إذا كانت تهدف إلى إثبات أفعال المتهم وسلوكه ما لم يعترض الفريق الآخر على ذلك بسبب توّفر الشاهد للاستجواب المضاد. كما يجوز أيضا قبول الإفادات الخطية أو النصوص المدونة للأشخاص المتخلفين عن الحضور (المادة 158 من القواعد)، لكن إذا كانت الأدلة تميل إلى إثبات أفعال وسلوك المتهم كما أوردها قرار الاتهام، قد يشكل ذلك عاملا مؤّثرا في رفض قبول تلك الشهادة كليا أو جزئيا.
31. ترعى أحكام أخرى وضع الشهود الذين لم يتم الكشف عن هويتهم، والذين قد يكون حضورهم في محاكمات تتعلق بقضايا إرهابية حاسما (إما لأنهم أشخاص يخشون على حياتهم أو لأنهم ممن يعملون في المخابرات وليسوا مستعدين للكشف عن هوياتهم أو لأنه لم يسمح لهم بذلك). تنص المادة 93 من القواعد على إجراء يدلي بموجبه الشاهد الذي لم تكشف هويته بشهادته في غرفة المذاكرة أمام قاضي الإجراءات التمهيدية بحيث يكون القاضي هو وحده من يعرف هويته. إضافة إلى ذلك، تنص القواعد على إمكانية توجيه الفريقين وممثل المتضررين المشاركين في الإجراءات أسئلة خطية إلى الشاهد عن طريق قاضي الإجراءات التمهيدية. وتجيز المادة 159 من القواعد لغرفة الدرجة الأولى القبول بإفادة أدلى بها شاهد لم تكشف هويته، ولكن لا يمكن أن تستند الإدانة، بشكل حصري أو بشكل حاسم، على هذه الأدلة.
(هـ) حماية المعلومات الحساسة
32. ننتقل من مسألة الشهود الذين لم تكشف هويتهم إلى مسألة حماية المعلومات الحساسة التي تقدمها إحدى الدول أو الهيئات الدولية إلى المحكمة. قد تتطلب الإجراءات الجزائية المتعلقة بالإرهاب حماية بعض المعلومات التي تقدم إلى الفريقين بصفة سرية، غير أنه من الضروري أن تكون التدابير المتخذة لحماية تلك المعلومات متطابقة تماما مع حقوق المتهمين.
ففي المادتين 117 و118 من القواعد، جرت محاولة لتحقيق توازن بين ضرورة عدم الكشف عن المصدر أو عن
المحتوى الدقيق للمعلومات السرية التي بحوزة المدعي العام أو الدفاع، وبين الحاجة إلى ضمان محاكمة عادلة تحترم حقوق الفريق الآخر بشكل كامل. أما التأكد من أن استخدام تلك المعلومات لن يؤثر على حقوق الفريق الآخر، فهي مهمة قاضي الإجراءات التمهيدية أو مستشار خاص يعينه رئيس المحكمة من ضمن لائحة اقترحها مقدم المعلومات.
33. تتطرق المادة 117 من القواعد إلى المعلومات التي بحوزة أحد الفريقين، والتي قد يؤدي الإبلاغ عنها إلى المساس بالمصالح الأمنية لإحدى الدول أو لإحدى الهيئات الدولية. يجوز للمدعي العام، في هذه الحالات، التقدم بطلب من قاضي الإجراءات التمهيدية في غرفة المذاكرة وبصورة غير وجاهية، فيقيم هذا الأخير بصورة غير وجاهية إجراءات ليحدد إمكانية إعفاء المدعي العام كليا أو جزئيا من موجب الإبلاغ عن المعلومات. عند الحاجة، يصدر قاضي الإجراءات التمهيدية أمرا باتخاذ تدابير موازية، أي تدابير تجد حلا للمواد التي ينبغي إبلاغها ولا يمكن الكشف عنها فتضمن بذلك احترام حقوق الفريق الآخر. ومن بين هذه التدابير، تقديم المعلومات بشكل مختصر أو مموه أو عرض الشق الأهم منها.
34. تتطرق المادتان 118 و119 من القواعد إلى إبلاغ المعلومات التي تقدم بصفة سرية والتي قد تمس بالمصالح الأمنية لإحدى الدول أو الهيئات الدولية. لا يمكن إبلاغ تلك المعلومات إلا بموافقة مقدمها. ومن دون الغوص في دقائق هذا البند، فإذا لم يوافق مقدم المعلومات على إبلاغها ويكون الفريق ملزما بإبلاغ المواد، ينبغي على الفريق أن يقدم طلبا إلى قاضي الإجراءات التمهيدية. يجوز للفريق أن يعرض على قاضي الإجراءات التمهيدية فحسب الخطوات التي تم اتخاذها للحصول على موافقة مقدم المعلومات، وبيانا حول ما إذا كانت المعلومات من شإنها نفي التهمة، والأسباب التي تبرر ذلك ولائحة بالتدابير الموازية المقترحة. يتوجب على قاضي الإجراءات التمهيدية أن يفصل في هذه المسألة ويطلب اتخاذ التدابير الموازية الملائمة التي قد تتضمن، عند الاقتضاء، تعديل قرار الاتهام أو الرجوع عن تهمة أو أكثر فيه. كما يمكن لرئيس المحكمة أن يعين مستشارا خاصا (من ضمن لائحة سرية بأشخاص وافق عليها مقدم المعلومات السرية)، ليقوم بمراجعة المعلومات وإبلاغ قاضي الإجراءات التمهيدية بالتدابير الموازية الأكثر ملائمة. في كلتا الحالتين، يبّلغ قاضي الإجراءات التمهيدية غرفة الدرجة الأولى بالوضع وبالأوامر الصادرة عنه. أما المواد، فلن يطلع عليها القضاة أبدا.
35. من الأهمية بمكان التشديد على أن للمدعي العام، بشكل خاص، مصلحة تامة في الحرص على أن يتم إبلاغ المعلومات أو أن تكون التدابير الموازية كافية لحماية حقوق المتهم. يحيل قاضي الإجراءات التمهيدية تقريرا مفصلا بالإجراء (لكن بدون وصف المواد السرية بحد ذاتها) إلى غرفة الدرجة الأولى، التي ينبغي أن تقتنع بأن لا مساس بحقوق المتهم وبأن عدم الإبلاغ بحد ذاته لا يولد شكا معقولا حول ذنبه.
36. تتخذ تدابير أخرى أقل تدخلا بالنسبة إلى المعلومات التي قد تلحق الضرر بالتحقيقات، أو تشكل تهديدا خطيرا لسلامة أحد الشهود أو سلامة عائلته أو تكون لسبب أو لآخر مخالفة للمصلحة العامة (المادة 116 من القواعد). في هذه الحالات، قد يأخذ قاضي الإجراءات التمهيدية المواد في الاعتبار ويأمر باتخاذ تدابير الحماية المناسبة.
(و) المحاكمات في غياب المتهم
37. وفقا للمادة 22 من النظام الأساسي، يجوز للمحكمة أن تجري المحاكمة غيابيا إذا كان المتهم 1) قد تنازل صراحة عن حقه في الحضور، 2) لم يتم تسليمه من قبل الدولة التي يقيم فيها، أو 3) قد توارى عن الأنظار أو تعذر العثور عليه. إن المبدأ المنطقي الذي يرتكز عليه هذا البند القانوني واضح، إذ لا ينبغي عرقلة سير العدالة الدولية، أكان ذلك من خلال رغبة المتهم في الهروب من العدالة أو نية الدولة احتضان هذا المتهم عبر رفض تسليمه إلى المحكمة الدولية.
38. غير أن المتهم المتغيب عن المحاكمة يتمتع ببعض الحقوق الأساسية، وذلك بموجب النظام الأساسي والقواعد. فيجوز له 1) أن يعين محامي دفاع من اختياره; 2) أن يضع حدا لغيابه ويحضر أمام المحكمة (المادة 108 من القواعد); و3) إن لم يعين محاميا من اختياره، يجوز له الطلب بأن يصار إلى محاكمته مجددا (المادة 109 من القواعد); و4) إن عين محامي دفاع من اختياره، يجوز له أن يستأنف حكم غرفة الدرجة الأولى. إضافة إلى هذه الحقوق، ينص كذلك النظام القانوني للمحاكمات الغيابية أمام المحكمة على بعض الموجبات التي تقع على عاتق المحكمة. فيتوجب على المحكمة: أ) أن تعين محامي دفاع للمتهم، وب) ألا تختلف إجراءات المحاكمة الغيابية عن الإجراءات المطبقة بحضور المتهم.
39. وبالتالي، ينص النظام القانوني للمحاكمات الغيابية على تفرع إذا تنازل المتهم صراحة وخطيا عن حقه في حضور المحاكمة. فيمكنه إما الامتناع عن تعيين محامي دفاع وإما تعيين محامي دفاع من اختياره. وفي الحالة الأخيرة، بدا من الضروري أن نمنع المتهم أولا من التأثير على إجراءات المحاكمة من خلال محامي الدفاع (والذي سيتمكن أيضا من خلاله الاطلاع على الأدلة التي تقدم بها الإدعاء)، وثانيا من طلب إبطال المحاكمة. ولهذه الغاية، ينص النظام الأساسي على أنه لا يجوز للمتهم الذي عين محامي دفاع من اختياره، أن يطلب محاكمة جديدة.
40. من المهم جدا التشديد على أن نظام المحكمة الأساسي يوضح بأن المحاكمات التي تجري في غياب المتهم تختلف بشكل كبير ولافت عن المحاكمات الغيابية التقليدية (محاكمة المتهم الفار) التي جرت سابقا في بلدان تعتمد العرف الروماني-الجرماني، وعن المحاكمات الغيابية التي تجري حاليا في بعض المحاكم التي تطبق القانون العام. إن هذه الاختلافات في غاية الأهمية، وتستحق تسليط الضوء عليها.
41. يسمح بالمحاكمات الغيابية (التي تسمى proces par contumace في البلدان الناطقة باللغة الفرنسية) في بعض البلدان التي تتبع القانون المدني. فكانت هذه المحاكمات تجري في غياب المتهم (الذي توارى عن الأنظار أو تعذر العثور عليه)، لكن بدون تعيين محامي دفاع لتمثيله. وغالبا ما كانت تسقط الحقوق المدنية للمتهم في حال إدانته. عرف هذا الإجراء في فرنسا 4 (بين العامين 1808 و2004) وفي بلدان أوروبية أخرى، لكن بعد القرارات المحورية المتكررة التي أصدرتها المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان(5)، استبدل هذا الإجراء بالمحاكمات غيابيا (procہs par dہfaut) بحيث تحفظ حقوق المتهم بشكل كامل.
42. في المملكة المتحدة وفي الولايات المتحدة، لا تعتبر المحاكمات الغيابية، والمسموح بها عموما عندما يحضر المدعى عليه المحاكمة مرة على الأقل، نوعا من التسهيلات أو الفرصة لإجراء محاكمة من دون احتجاز المتهم، بل إنقاصا من حقوق المتهم كرد على الجرم الذي ارتكبه. أما إذا تغيب المتهم عن المحاكمة بشكل عام في النظام الوجاهي، فقد يسقط حقه في الاستئناف.
43. في المقابل، وكما ذكر آنفا، فإن المواد التي ترعى المحاكمات الغيابية في نظام المحكمة الأساسي والقواعد، لا تجعل إجراءات المحاكمة استثنائية فحسب، بل تمنح المتهم المتغيب عن المحاكمة مجموعة من الحقوق الهامة، ولا سيما الحق في طلب محاكمة جديدة إن تم إبلاغه بإجراءات المحاكمة غيابيا أو قرر الحضور، والحق من باب أولى في استئناف الحكم.
44. يجدر بالذكر أيضا أن قواعد المحكمة قد قلصت من نطاق إجراءات المحاكمة في غياب المتهم، على اعتبار أن حضور المتهم بالذات ليس بالضرورة متوجبا وأن وجوده القانوني قد يكون كافيا في ظروف معينة. لذلك ووفقا للقواعد، لا تعتبر الحالتان الآتيتان محاكمات غيابية:
أ) إذا حضر المتهم جلسة المثول الأولى (مع تصريح مرور أو من دونه) ثم تغيب من بعدها، على أن يستمر محامي الدفاع في تمثيله وفي حضور الجلسات شخصيا (المادتان 104 و105 من القواعد).
ب) إذا مثل المتهم أمام المحكمة، ولو فقط في جلسة المثول الأولى، بواسطة نظام المؤتمرات المتلفزة أو بواسطة محام وكله هو أو َقبل بأن يعين له، من دون أن يكون قد تنازل صراحة وخطيا عن حقه في الحضور (المادة 104 من القواعد). في هذه الحالة، وبالرغم من عدم حضور المتهم شخصيا أمام الغرفة، إلا أنه لا يعتبر متغيبا عن الإجراءات بالمعنى القانوني، ولا يستفيد من حقه في محاكمة جديدة.
45. تستند هذه المواد إلى كون المتهم يتمتع بقرينة البراءة وإلى عدم ضرورة احتجازه خلال المحاكمة. لذلك، يجوز له أن يشارك في الإجراءات إما شخصيا، أو بواسطة نظام المؤتمرات المتلفزة، أو بواسطة محامي الدفاع الذي يوكله ويوجهه، مع الإشارة إلى عدم توجب حضوره شخصيا إلى المحكمة. وبما أنه قرر ألا يتنازل عن حقه في المشاركة (صراحة وخطيا)، وأظهر نيته المشاركة في الإجراءات بشكل فاعل، فلا يمكن الاعتبار أن المحاكمة جرت غيابيا. إن مشاركة المتهم القانونية المتعمدة في الإجراءات هي الأهم، ما يعني أنه يجوز له، إما بواسطة نظام المؤتمرات المتلفزة أو محامي الدفاع، أن يدلي بإفادات أمام الغرفة، ويخضع الشهود للاستجواب والاستجواب المضاد، أو يجيب على أسئلة معينة يطرحها القضاة. إذا شارك بواسطة نظام المؤتمرات المتلفزة، يجوز له أيضا ممارسة حقه في الإدلاء بشهادته دفاعا عن نفسه وفي الخضوع للاستجواب والاستجواب المضاد.
(جيم) الحاجة الملحة إلى تعاون الدول
1. مقدمة
46. يعتبر تعاون الدول أساسيا لنجاح أي محكمة جنائية دولية في إنجاز مهمتها، ويتبع عادة نموذجين 6
أ) النموذج الأفقي المبني على المساواة بين الدول في السيادة، حيث لا تلزم الدول على التعاون إلا إذا اتفقت على ذلك. وتستند عادة المعاهدات الثنائية أو المتعددة الأطراف حول التعاون القضائي أو التسليم بين الدول إلى هذا النموذج. وبناء على هذا النموذج، تعمل الدولة التي يطلب منها تنفيذ أعمال قضائية أو أعمال متعلقة بالتحقيق من أجل تقديم المساعدة في الإجراءات الجنائية في الدولة الطالبة (على سبيل المثال استجواب شهود أو دعوتهم للحضور، إجراء بحث، تنفيذ مذكرات توقيف، الخ.)، من خلال سلطاتها القضائية أو سلطات الإدعاء، لتقدم بعدئذ نتيجة تلك المهمات إلى الدولة الطالبة.
ب) النموذج العمودي حيث تكون الدول ملزمة قانونيا بالامتثال للأوامر الصادرة عن محكمة دولية من دون اتفاق مسبق، بل بناء على قرار ملزم صادر عن هيئة دولية (وفي حال عدم الالتزام تواجه احتمال صدور عقوبات بحقها).
بموجب النموذج العمودي، لا يجوز للدول أن ترفض التعاون على أسس تنطبق عادة على معاهدات التسليم أو المساعدة القانونية (كعدم تسليم المواطنين، أو استثناء الجريمة السياسية، أو وجوب أن يكون الجرم معاقبا عليه فيالدولتين أو شرط عدم جواز المحاكمة على الجرم نفسه مرتين).
47. يتجزأ النموذج العمودي إلى نموذجين فرعيين:
أ) نموذج فرعي قائم على السيادة، حيث تكون الدول ملزمة قانونيا بالتعاون، إلا إنها تنفذ الأعمال القضائية أو الأعمال المتعلقة بالتحقيق للمحكمة الدولية الطالبة من خلال سلطاتها القضائية وسلطات الإدعاء الخاصة بها، وإندعت الحاجة، بحضور مسؤولين من المحكمة الدولية.
ب) نموذج فرعي قائم على الهرمية، حيث تسمح الدول لمحكمة دولية أن تنفذ الأعمال القضائية أو الأعمال المتعلقة بالتحقيق على أراضيها من دون مساعدة سلطاتها لمرة واحدة فقط، باستثناء الأعمال التي تتطلب بطبيعتها تعاون أو حماية السلطات المحلية المعنية بإنفاذ القانون، كالتفتيش وتنفيذ مذكرات التوقيف ومذكرات دعوة.
48. يعتبر نظام التعاون الخاص بالمحكمة فريدا في أربع نواح. إنه أولا قائم على نموذجي التعاون معا. فبينما يرعى النموذج العمودي علاقة المحكمة بلبنان، يحدد النموذج الأفقي طبيعة علاقة المحكمة بالدول الثالثة. ثانيا، استندت العلاقة بين المحكمة ولبنان إلى النموذج العمودي القائم على الهرمية، كون المادة 11، الفقرة (5) من النظام الأساسي تسمح على ما يبدو للمحكمة بإجراء التحقيقات، وإذا اقتضى الأمر بدون مساعدة السلطات القضائية وسلطات الإدعاء اللبنانية. ثالثا، تعززت فعالية النموذج الأفقي عبر الإعداد لعقد الاتفاقات أو الترتيبات مع دول ثالثة، ليس فقط من خلال الرئيس ممثلا المحكمة، لكن أيضا بواسطة المدعي العام ورئيس مكتب الدفاع ورئيس القلم. ورابعا، اعتمدت في القواعد آليات مبتكرة أعدت لتجنب الصعوبات الأكبر في مجال التعاون.
2. التعاون العمودي مع لبنان
49. ينطبق نموذج التعاون العمودي على لبنان، على ضوء الاتفاق بين الأمم المتحدة ولبنان الذي دخل حيز النفاذ بموجب قرار مجلس الأمن رقم 1757 (2007) الذي اعتمد وفقا للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة. تلزم السلطات اللبنانية بالتعاون مع المحكمة، وبالتالي يتوجب عليها أن تمتثل، وبدون تأخير، لأي طلب مساعدة أو أمر صادر عن المحكمة. وتماشيا مع هذا النموذج، تنص المادة 4، الفقرة (1) من النظام الأساسي على أنه تكون للمحكمة الخاصة (أيضا) ضمن اختصاصها أسبقية على المحاكم الوطنية في لبنان.
50. في حال عدم امتثال لبنان لأي طلب أو أمر من المحكمة، تقترح المادة 20 من القواعد آلية ثلاثية. تحفظ هذه الآلية احترام سيادة لبنان، وهي في الوقت ذاته مبنية على طبيعة علاقته العمودية مع المحكمة، وبالتالي فهي تعتبر ملزمة. أولا، يتشاور الرئيس مع السلطات اللبنانية المعنية بهدف الحصول على التعاون. ثانيا، أي في حال استمر رفض التعاون، يعد قاضي الإجراءات التمهيدية أو غرفة الدرجة الأولى محضرا قضائيا بعدم التعاون. وثالثا، يحيل الرئيس هذا المحضر القضائي إلى مجلس الأمن لاتخاذ الإجراءات المناسبة.
51. يعزز النظام الأساسي للمحكمة طبيعة العلاقة العمودية بينها وبين لبنان لتمكينها من تنفيذ مهمتها، وذلك من خلال تطبيق النموذج العمودي القائم على الهرمية المشار إليه أعلاه، مما طور النهج الذي أسسته المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة. في هذا الإطار، تسمح المادة 11، الفقرة (5) من النظام الأساسي للمدعي العام بأن يقرر ما إذا كان يحتاج إلى مساعدة السلطات اللبنانية في إجراء تحقيقاته، التي قد تتطلب منه حسب الاقتضاء اتخاذ تدابير تدخلية كإجراء تحقيقات ميدانية واستجواب المشتبه بهم أو المتهمين. لكن ولغرض ضمان حفظ مصالح لبنان بالكامل وعدم التعدي الجائر على سيادته، يخضع قرار المدعي العام للتدقيق القضائي وفقا للمادة 77، الفقرة (باء) من القواعد، حيث على قاضي الإجراءات التمهيدية أن يرخص للمدعي العام، عندما يكون الأمر ضروريا ومناسبا، بإجراء تدابير تحقيقية بدون مشاركة السلطات الوطنية.
52. ينص الاتفاق والنظام الأساسي والقواعد على الآليات السابق ذكرها، ولكن يسرني القول إن لبنان لم يوفر جهدا حتى يومنا هذا في تقديم التعاون الفعال لنا.
3. التعاون الأفقي مع الدول الثالثة
53. ينطبق النموذج الأفقي للتعاون على الدول الثالثة، ما لم يطلب مجلس الأمن من الدول الثالثة التعاون وفقا لقرار تم اعتماده بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة. فتقدم الدول الثالثة المساعدة إلى المحكمة فقط إن اتفق الطرفان، على ذلك، على سبيل المثال من خلال ترتيبات أو اتفاقات تبرمها هذه الدول مع المحكمة، كما تنص عليه المواد 13، 14 و15 من القواعد.
54. إذا امتنعت دولة ثالثة عن الاستجابة لطلب من المحكمة، يتوجب التمييز بين الدول التي أبرمت هذه الاتفاقات أو الترتيبات وتلك التي لم تفعل. ووفقا للمادة 21، الفقرة (ألف) من القواعد، يتوجب على الفئة الأولى من الدول تقديم المساعدة إلى المحكمة ضمن الحدود المتفق عليها في الاتفاقات أو الترتيبات. يحل أي خلاف فقط وفقا للآلية المحددة في الاتفاقات أو الترتيبات ذات الصلة. لذلك، تجري مناقشة نطاق التعاون وواجب التعاون، إضافة إلى عواقب التخلف عن التعاون من قبل الدولة الثالثة بحسب كل حالة. أما الفئة الثانية من الدول فهي غير ملزمة بالتعاون مع المحكمة، وإذا امتنعت عن الاستجابة لطلب مساعدة صادر عن المحكمة، يمكن للرئيس أن يدخل في مشاورات مع السلطات المختصة في الدولة للحصول على التعاون المطلوب، كما تنص عليه المادة 21، الفقرة (باء) من القواعد.
55. من هنا يرتدي التوقيع على الاتفاقات أو الترتيبات التي ترعى التعاون بين المحكمة ودول ثالثة أهمية خاصة. وتسهل القواعد عقد هذه الصكوك من خلال منح المدعي العام (المادة 14 من القواعد)، ورئيس مكتب الدفاع (المادة 15 من القواعد) ورئيس القلم مخولا من قبل رئيس المحكمة (المادة 39 من القواعد) السلطة لطلب التعاون مباشرة من أي دولة، بما يتماشى مع النظام الأساسي. ولا داعي للقول إن رئيس المحكمة الذي يمثل (...) المحكمة في العلاقات الدولية مع الأمم المتحدة والمنظمات الحكومية الدولية الأخرى والدول والمنظمات غير الحكومية، يجوز له أيضا دعوة دولة ثالثة (...) إلى تقديم المساعدة بناء على ترتيبات خاصة أو اتفاقات تبرمها مع هذه الدولة أو بناء على أي أسس أخرى ملائمة (المادة 13 من القواعد). وبناء على ما تقدم، قامت المحكمة بصياغة اتفاق تعاون عام واتفاقات حول تنفيذ الأحكام وقدمتها إلى الدول للنظر فيها.
56. وتماشيا مع الاجتهاد الخاص بالمحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة، الذي يفرض موجبات على الهيئات غير الحكومية(7) والمنظمات الدولية(8)، يجوز أيضا إبرام الاتفاقات أو الترتيبات مع هذه الهيئات أو المنظمات الدولية (المادتان 13 و14 من القواعد). وشكل هذا دافعا لي كرئيس للمحكمة للتوقيع 1) على اتفاق مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر حول زيارة الأشخاص المحرومين من حريتهم الداخل ضمن اختصاص المحكمة الخاصة بلبنان (الذي دخل حيز النفاذ في 12 حزيران/يونيو 2009)، و2) على اتفاق تعاون مع المنظمة الدولية للشرطة الجنائية (الإنتربول)، (الذي دخل حيز النفاذ في 17 كانون الأول/ديسمبر 2009).
57. أخيرا، ويهدف تجنب مواجهة أية صعوبات في مجال التعاون نتيجة لتضمن الدستور أو التشريعات في بعض دول المنطقة أحكاما تحظر تسليم رعايا البلد على سبيل المثال، وجدت في القواعد آليات مبتكرة كالسماح للمتهم بالمشاركة بواسطة نظام المؤتمرات المتلفزة (المواد 103 إلى 105 من القواعد)، وضبط الإفادات بواسطة نظام المؤتمرات المتلفزة (المادة 124) وجمع الأدلة للمحكمة من قبل السلطات القضائية في دولة ثالثة (المادة 125).
(دال) المشاكل الرئيسية التي قد تواجه أي محكمة جنائية دولية تنظر في قضية إرهابية
58. ولعل ما يجدر بنا الآن تفسير الأسباب الرئيسية لامتداد فترة التحقيقات التي أجراها مكتب مدعي عام المحكمة في الجرائم الإرهابية الداخلة ضمن اختصاص المحكمة، إظهار كيفية معالجة المحكمة للمشاكل التي تعاني منها أية محكمة جنائية دولية من جهة، وتلك التي تواجهها كمحكمة دولية حين تنظر في جرائم الإرهاب من جهة أخرى .
1. المشاكل العامة التي تعاني منها أية محكمة جنائية دولية




(أ) البيئة الدولية
59. سوف

No comments:

Background - خلفية

On 13 December 2005 the Government of the Lebanese Republic requested the UN to establish a tribunal of an international character to try all those who are alleged responsible for the attack of 14 february 2005 that killed the former Lebanese Prime Minister Rafiq Hariri and 22 others. The United Nations and the Lebanese Republic consequently negotiated an agreement on the establishment of the Special Tribunal for Lebanon.

Liens - Links - مواقع ذات صلة

The Washington Institute for Near East Policy, David Schenker , March 30, 2010 . Beirut Spring: The Hariri Tribunal Goes Hunting for Hizballah


Frederic Megret, McGill University, 2008. A special tribunal for Lebanon: the UN Security Council and the emancipation of International Criminal Justice


International Center for Transitional Justice Handbook on the Special Tribunal for Lebanon, April 10, 2008


United Nations
Conférence de presse de Nicolas Michel, 19 Sept 2007
Conférence de presse de Nicolas Michel, 27 Mars 2008


Département d'Etat américain
* 2009 Human Rights report
* 2008 Human Rights report
* 2007 Human Rights report
* 2006 Human Rights report
* 2005 Human Rights report



ICG - International Crisis Group
The Hariri Tribunal: Separate the Political and the Judicial, 19 July, 2007. [Fr]


HCSS - Hague Centre for strategic studies
Hariri, Homicide and the Hague


Human Rights Watch
* Hariri Tribunal can restore faith in law, 11 may 2006
* Letter to Secretary-General Kofi Annan, april 27, 2006


Amnesty International
* STL insufficient without wider action to combat impunity
* Liban : le Tribunal de tous les dangers, mai 2007
* Jeu de mecano


Courrier de l'ACAT - Wadih Al Asmar
Le Tribunal spécial pour le Liban : entre espoir et inquiétude


Georges Corm
La justice penale internationale pour le Liban : bienfait ou malediction?


Nadim Shedadi and Elizabeth Wilmshurt, Chatham House
The Special Tribunal for Lebanon : the UN on Trial?, July 2007


Issam Michael Saliba, Law Library of Congress
International Tribunals, National Crimes and the Hariri Assassination : a novel development in International Criminal Law, June 2007


Mona Yacoubian, Council on Foreign Relations
Linkages between Special UN Tribunal, Lebanon, and Syria, June 1, 2007