Aliwaa - Judge Mounief about the STL, 3 march 2008
القاضي منيف عويدات في حوار مع "اللواء":المحكمة الدولية انطلقت وليس بإمكان أحد تعطيلهاأستغرب إتهام ميرزا بالتحيز فلا صلاحية له في مجرى التحقيق
القاضي منيف عويدات
عصام الحجار - اقليم الخروب:
ربط مدّعي عام التمييز الأسبق القاضي منيف عويدات الجسم القضائي في الكشف عن الجرائم بالضابطة العدلية المنوط بها السهر على الأمن وما يُحضر من جرائم·
واستنكر التطاول على مدّعي عام التمييز الحالي القاضي سعيد ميرزا واتهامه بالتحيّز والتأييد لجهة سياسية معينة خاصة في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري متجاهلين ان ليس لديه اي صلاحية في مجرى التحقيق لدى المجلس العدلي أكان في إخلاء السبيل أو مضبطة الإتهام ··
وعن الموضوع المتعلق بالمحكمة الدولية والإنتقادات في عملية تشكيلها وتعيين قضاتها اعتبر القاضي عويدات ان هذا الإنتقاد مبني على أمرين: إما انها تلاحق اشخاصاً بدافع سياسي والعكس ان هدف المحكمة هو الملاحقة والمعاقبة للأعمال الإرهابية التي تُرتكب ضد حياة الأفراد، والمحكمة لا يحق لها إلا بملاحقة الأشخاص الذين تطالهم مضبطة الإتهام·
وتحدث عن الأمر الثاني في ما يتعلق بعلاقة الرئيس بمرؤوسيه فحمّل الرئيس المسؤولية الجنائية عن أي جريمة من الجرائم المنصوص عنها في النظام الدولي، كما تمنى لو أحيلت جريمة اغتيال الرئيس الحريري الى محكمة الجنايات الدولية حيث لا تعفي هذه المحكمة اي مسؤول من المسؤولية الجنائية مهما علا شأنه، مع الإشارة ان ليس بإمكان أحد العمل على تعطيل المحكمة الدولية وهذا امر مستحيل لصدور قرار تأليفها من مجلس الأمن الدولي بناءً على طلب من مجلس الوزراء اللبناني·
كلام القاضي منيف عويدات جاء في سياق ردّه على أسئلة مندوب "اللواء" في اقليم الخروب فقال رداً على سؤال حول عمل القضاء والضوابط العدلية وما يتعرض له القضاء وخاصة مدّعي عام التمييز:
إن النظر الى الجسم القضائي في ما يتعلق بالكشف عن الجرائم ينبغي ان ينظر معه الى الضابطة العدلية التي من وظائفها الأساسية السهر على الأمن وعلى ما يساعد في السر وفي العلن من تحضير لإرتكاب الجرائم وما أكثرها في الأيام التي نعيشها الآن وذلك عن طريق المخبرين والمعلوماتية أو المخابرات مع الإشارة الى ان هذه المؤسسات هي التي عليها اطلاع النيابات العامة على ما يعرفون وعليها أيضاً تنفيذ الاستنابات القضائية التي تكلفهم بها النيابة العامة او قاضي التحقيق وعليه إذاً أن ننظر الى هذا الموضوع نظرة واحدة مهمة·
إن القضاء اللبناني في ماضيه وحاضره يتنزه عن اتهامه بالتقصير في كشف مرتكبي الاحداث وبتدخل السياسة في شؤونه· وانني أرفع الرأس عالياً لمن تسلم بعدي وظيفة مدعي عام التمييز أخص بالذكر منهم الرئيس سعيد ميرزا· أفلا ترون ما تمر به البلاد من خراب بالمؤسسات وما تقع عليها من جرائم متتابعة وبربرية وهل تلكأ أحد من القضاة الذين من صلاحيتهم في كل مرة يحاطون بها علماً بوقوع جريمة فيسهرون الليالي ويقدمون ما يستطيعون من جهد للوصول الى اكتشاف المجرمين الفاسقين الذين عاثوا فساداً في الأرض ولم يتنكر بعضهم من التطاول على القضاء بالإفتراء والإتهام بشتى الأنواع التي تطال من كرامتهم وشرفهم· وكم مرة سمعنا من يتطاول على مدعي عام التمييز الرئيس سعيد ميرزا ناسباً اليه التحيّز والموقف المؤيد لمن أوقف على ذمة التحقيق في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري· وانهم لا يعلمون ان مدعي عام التمييز ليست لديه اي صلاحية في مجرى التحقيق لدى المجلس العدلي أكان في إخلاء سبيل أو مضبطة الإتهام·
صلاحيات المحقق العدلي
وأضاف: ان المحقق العدلي هو الذي يعطي القرار بإخلاء السبيل او برده او بمضبطة الإتهام وقراره هذا لا يقبل اي طريق من طرق المراجعة وهو قرار مبرم غير قابل من جميع الفرقاء ومن النيابة العامة باستئنافه او تمييزه، وفي النهاية الأمر يعود الى المجلس العدلي المؤلف من رئيس مجلس القضاء الأعلى ومن رؤساء من محاكم التمييز· وكل هذا لا يعني أن المحقق العدلي هو أيضاً يقوم بوظيفته بل يقوم بها بكل تجرد وبعيداً عن السياسة والسياسيين·
وليخشَ الله كل من يتطاول ويفتري على القاضي وعلى وسائل الإعلام رفض إعلان هذا التطاول والإفتراء وليذهب كل من لديه مأخذ بحق القاضي أو دليل على تأثره سياسياً أو طائفياً أو حزبياً الى هيئة التفتيش القضائي وعلى الهيئة أن تنشر في جميع وسائل الاعلام القرار الذي تتخذه بحق القاضي مهما علا شأنه ليكون عبرة لمن اعتبر·
وعن الموضوع المتعلق بمحكمة العدل الدولية أجاب:
إن لجوء لبنان الى المطالبة من مجلس الأمن الدولي بإنشاء محكمة ذات طابع دولي لم يكن يستهدف هذا الطلب إتهام القضاء اللبناني بالعجز او التجرد· ولكن الجريمة النكراء التي حلّت بالبلاد باغتيال دولة الرئيس الشهيد رفيق الحريري ومن طالهم الإغتيال معه بتفجير هائل كالزلزال دمر حياً بكامله، وان ما رافقها من إحاطتها للأسف الشديد بالسياسة والتحازب جعلت ان يكون لذلك التأثير على القضاة وإتهامهم وفقاً لما سبق ذكره فضلاً عما لا يتيسر وجوده في لبنان من وسائل فنية وحديثة أكان ذلك كيماوياً أو آلياً، وما لا يمكن القضاء اللبناني إن كان التحقيق يتطلب اعمالاً لا يمكن التطرق اليها إن لم تكن قد وقعت في لبنان بل في خارجه· وإن هذا الرجل الذي اغتالوه قد تبين بعد الاغتيال وقبله ان لبنان والعالم العربي والعالمي قد تأثروا بفقدانه فهو في هذا الممات تنطبق عليه الآية القرآنية التي على قواعدها توصل العالم بأسره الى إنشاء محاكم دولية والتي تقول "من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً"·
وفي لبنان ألم يبكه أولئك الأطفال والنساء الذين قتل آباؤهم وأمهاتهم وأزواجهم في قانا على أثر الاجتياح الإسرائيلي· وهل يمكن أن ينساه الفقراء والمعوزون الذين توصلوا في علومهم الى شهادات جامعية اغدقها عليهم هذا الرجل العظيم·
إن بعض من انتقد للوصول الى المحكمة ذات الطابع الدولي أرجو ان لا يفهم انتقادهم انه بدافع سياسي أو طائفي، وقد بنوا انتقادهم على أحد أمرين:
الأول: ان هذه المحكمة قد تلاحق اشخاصاً بدافع سياسي وهم على براءة من الجريمة· وان الرد على هذا الانتقاد ما نصت عليه المادة الثانية من نظام المحكمة التي تنص بصراحة وبكل وضوح على أن ما يطبق على الملاحقة والمعاقبة للأعمال الإرهابية وعلى جرائم الجنح والجرائم الجنائية التي ترتكب ضد حياة الأفراد وسلامتهم الشخصية والتجمعات غير المشروعة، يطبق عليها قانون العقوبات اللبناني·
وعليه فإن المحكمة الدولية لا حق لها إلا بملاحقة الأشخاص الذين تطالهم مضبطة الإتهام·
والأمر الثاني يتعلّق بعلاقة الرئيس بمرؤوسيه فيتحمّل الرئيس المسؤولية الجنائية عن أي جريمة من الجرائم المنصوص عنها في المادة الثانية من النظام الدولي المار ذكرها والتي يرتكبها العاملون تحت سلطته وسيطرته الفعليتين كنتيجة فشله في السيطرة على هؤلاء الأشخاص حيث ان الرئيس قد عرف او تجاهل معرفة معلومات اشارت بوضوح الى ان العاملين تحت سلطته كانوا يرتكبون أو كانوا على علم وشك بإرتكاب مثل هذه الجرائم·
ان هذا النص مأخوذ عن المادة 27 من قانون محكمة الجنايات الدولية التي كنت أتمنى لو أحيلت عليها جريمة الاغتيال وهي التي اصبح مكانها في لاهاي وقامت بمحاكمة ميلوزوفيتش بكل نزاهة وتجرد ومقدرة علمية· وأن هذه المادة تنص على تطبيق نظامها الأساسي على جميع الأشخاص بصورة متساوية من دون أي تمييز بسبب الصفة الرسمية وبوجه خاص فان الصفة الرسمية هذه للشخص سواء كان رئيساً لدولة أو حكومة أو عضواً في حكومة او برلمان او ممثلاً منتخباً او موظفاً حكومياً، لا يعفيه بأي حال من الأحوال من المسؤولية الجنائية وانها ايضاً لا تشكل في حد ذاتها سبباً لتخفيف العقوبة، فهل هذه المساواة إلا عدالة وهل ان عدم التستر وراء الحصانات إلا عدالة اكبر؟ ان القانون الذي اعلنته المحكمة الدولية اللبنانية وبنت جميع الملاحقات والعقوبات على ما نص عليه القانون اللبناني فهذا هو الرد على الأمر الثاني·
وأما في ما يتعلق بامكانيات تعطيل عمل المحكمة الدولية وكيف يمكن التعطيل، فان التعطيل امر مستحيل لصدوره من قبل مجلس الأمن الدولي بناء على طلب من مجلس الوزراء، فإن الغاءه لا يمكن لأحد غير الذين اقروه·
انتخاب رئيس الجمهورية
وعن عدم انتخاب رئيس للجمهورية من الناحية الدستورية والقانونية وعدم محاكمة الممتنعين وهل يحق محاكمتهم قال:
ان هذا الموضوع له طابع سياسي، فان الجواب عليه ان استطعنا ذلك ضمن خضم المتخاصمين السياسيين الذين لا يتركون لأحد اعطاء رأيه في اطار القانون والتجرّد ان كان هذا الرأي لا يرضي اي فريق منهم، ورغم ذلك فأنا ابدأ بالوقوف على حالة الشعب اللبناني المسكين الذي يخشى على وطنه ويسعى الى الهجرة ويتلوع على ما يراه ويسمعه من تهديد وما يعانيه من فقر وجوع نتيجة ارتفاع اسعار السلع وكل متطلبات الحياة والبطالة التي تحصل في كل بيت وتغلق في وجه اصحاب الشهادات العالية الحصول على أي عمل يقوم به ليستطيع السهر على متطلبات عائلته من طعام ودواء ورسوم وضرائب ومدارس وما شاكل ذلك·
وانني اتطلع الى الحالة التي توصلت اليها البلاد من اخلاء مركز رئيس الجمهورية وأرى ان البعض من النواب يتعمد عدم حضور جلسات انتخاب الرئيس بهدف التوصل الى ثلثي الحاضرين من عدد النواب وأرى البعض الآخر من النواب يهددون بانتخاب الرئيس على قاعدة النصف زائداً واحداً، فانني عدت الى الدستور وتفحصته بموقف المتجرد عن السياسات والخصومات والتطاحن بين الأحزاب وارهاب هذا الشعب المسكين الذي بدأ يذكر السنين الطويلة التي بلغت فيها الحرب الأهلية أشدها وويلاتها فيه وبدأ يرى الجرائم المدمرة المستمرة الواحدة تلو الأخرى وما بدأ يتفاعل في الشوارع كشرارات قد تؤدي الى الاشتعال والحروب بين مذهب وآخر وبين حزب وآخر·
ففي الدستور نصوص واضحة عندما تتطلب من مجلس النواب ومجلس الوزراء البت بأمور علّقها الدستور على حضور ثلثي اعضاء المجلس النيابي او مجلس الوزراء وهي ما سميت بالمواضيع الأساسية التي تحتاج الى موافقة ثلثي عدد اعضاء الحكومة او النيابة·
أفلا يفهم من عبارة "تحتاج" ان البت بهذه المواضيع لا يمكن ان يحصل إن تعمد الوزراء او النواب فقدان نصاب الثلثين؟ وإن نصاب الثلثين لا يتطلب تطبيقه فقط انتخاب رئيس الجمهورية بل بالمواضيع الأساسية التالية وهي:
المادة 66: المتعلقة بملاحقة رئيس الجمهورية والوزراء بجرائم الخيانة العظمى ومخالفة الدستور·
المادة 44: نزع الثقة من رئيس مجلس النواب ومن نائبه·
المادة 45: ليست لأعضاء المجلس النيابي حق الاقتراع ان لم يكونوا حاضرين في الجلسة ولا يجوز التصويت وكالة·
المادة 65: المواضيع الأساسية تحتاج الى موافقة ثلثي عدد اعضاء الحكومة وهي: تعديل الدستور واعلان حالة الطوارئ والغاؤها والحرب والسلم والتعبئة العامة والاتفاقات والمعاهدات الدولية والموازنة العامة للدولة والخطط الانمائية الشاملة والطويلة المدى وتعيين موظفي الفئة الأولى او ما يعادلها واعادة النظر في التقسيم الاداري وحل مجلس النواب وقانون الانتخاب وقانون الجنسية وقوانين الأحوال الشخصية واقالة الوزراء··· أفلا يفهم من ذلك ان تعمد عدم الوصول الى الثلثين يوقف عجلة الدولة ويزيل حركتها من الوجود·
المادة 70 و71: لمجلس النواب ان يصدر قرار الاتهام بارتكاب الوزراء الخيانة العظمى، وبإخلالهم بالموجبات المترتبة عليهم ولا يجوز الاتهام إلا بغالبية الثلثين من مجموع اعضاء المجلس·
أفليس في ذلك ان تعمّد بعض النواب عدم الحضور لمنع الثلثين، وبذلك تتوقف الملاحقة، يمكن للمحكمة الملاحقة عن هذه الجرائم الرهيبة وأخصها الخيانة العظمى امام المجلس الأعلى المختص لهذه المحاكمة؟·
انتخاب سليمان يُنهي المعاناة
وختم قائلاً: "والخلاصة اذاً، ان المناسبة حاصلة بعد الاختلاف على من يشكّل التوافق للوصول الى رئاسة الجمهورية على تسمية قائد الجيش الذي انتخبه الشعب بأسره طائفياً ومذهبياً وحزبياً آملاً بأن هذا القائد المقدام الذي أثبت موقفه منذ الآن، على الثقة التي يتمتع بها وتمكنه من انقاذ البلاد من كل ما يتآكل فيه العداء والخصام والتباغض"·
وختم: "وانني بمعرفتي الشخصية بهذا الرجل، انه الكفؤ لحل جميع هذه الخلافات بما يتصف به من ماض مشرف وتجرّد ونظرته الى الجميع بمنظار واحد··· عاجلوا الى انتخابه وسترون انه نعم الرجل وستعودون الى ماضيه الحافل بسلامة الوطنية وصدق التعهد ونظافة الكف· فعاجلوا الى انتخابه ووفروا على الشعب ما يعانيه من هوان"·
القاضي منيف عويدات في حوار مع "اللواء":المحكمة الدولية انطلقت وليس بإمكان أحد تعطيلهاأستغرب إتهام ميرزا بالتحيز فلا صلاحية له في مجرى التحقيق
القاضي منيف عويدات
عصام الحجار - اقليم الخروب:
ربط مدّعي عام التمييز الأسبق القاضي منيف عويدات الجسم القضائي في الكشف عن الجرائم بالضابطة العدلية المنوط بها السهر على الأمن وما يُحضر من جرائم·
واستنكر التطاول على مدّعي عام التمييز الحالي القاضي سعيد ميرزا واتهامه بالتحيّز والتأييد لجهة سياسية معينة خاصة في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري متجاهلين ان ليس لديه اي صلاحية في مجرى التحقيق لدى المجلس العدلي أكان في إخلاء السبيل أو مضبطة الإتهام ··
وعن الموضوع المتعلق بالمحكمة الدولية والإنتقادات في عملية تشكيلها وتعيين قضاتها اعتبر القاضي عويدات ان هذا الإنتقاد مبني على أمرين: إما انها تلاحق اشخاصاً بدافع سياسي والعكس ان هدف المحكمة هو الملاحقة والمعاقبة للأعمال الإرهابية التي تُرتكب ضد حياة الأفراد، والمحكمة لا يحق لها إلا بملاحقة الأشخاص الذين تطالهم مضبطة الإتهام·
وتحدث عن الأمر الثاني في ما يتعلق بعلاقة الرئيس بمرؤوسيه فحمّل الرئيس المسؤولية الجنائية عن أي جريمة من الجرائم المنصوص عنها في النظام الدولي، كما تمنى لو أحيلت جريمة اغتيال الرئيس الحريري الى محكمة الجنايات الدولية حيث لا تعفي هذه المحكمة اي مسؤول من المسؤولية الجنائية مهما علا شأنه، مع الإشارة ان ليس بإمكان أحد العمل على تعطيل المحكمة الدولية وهذا امر مستحيل لصدور قرار تأليفها من مجلس الأمن الدولي بناءً على طلب من مجلس الوزراء اللبناني·
كلام القاضي منيف عويدات جاء في سياق ردّه على أسئلة مندوب "اللواء" في اقليم الخروب فقال رداً على سؤال حول عمل القضاء والضوابط العدلية وما يتعرض له القضاء وخاصة مدّعي عام التمييز:
إن النظر الى الجسم القضائي في ما يتعلق بالكشف عن الجرائم ينبغي ان ينظر معه الى الضابطة العدلية التي من وظائفها الأساسية السهر على الأمن وعلى ما يساعد في السر وفي العلن من تحضير لإرتكاب الجرائم وما أكثرها في الأيام التي نعيشها الآن وذلك عن طريق المخبرين والمعلوماتية أو المخابرات مع الإشارة الى ان هذه المؤسسات هي التي عليها اطلاع النيابات العامة على ما يعرفون وعليها أيضاً تنفيذ الاستنابات القضائية التي تكلفهم بها النيابة العامة او قاضي التحقيق وعليه إذاً أن ننظر الى هذا الموضوع نظرة واحدة مهمة·
إن القضاء اللبناني في ماضيه وحاضره يتنزه عن اتهامه بالتقصير في كشف مرتكبي الاحداث وبتدخل السياسة في شؤونه· وانني أرفع الرأس عالياً لمن تسلم بعدي وظيفة مدعي عام التمييز أخص بالذكر منهم الرئيس سعيد ميرزا· أفلا ترون ما تمر به البلاد من خراب بالمؤسسات وما تقع عليها من جرائم متتابعة وبربرية وهل تلكأ أحد من القضاة الذين من صلاحيتهم في كل مرة يحاطون بها علماً بوقوع جريمة فيسهرون الليالي ويقدمون ما يستطيعون من جهد للوصول الى اكتشاف المجرمين الفاسقين الذين عاثوا فساداً في الأرض ولم يتنكر بعضهم من التطاول على القضاء بالإفتراء والإتهام بشتى الأنواع التي تطال من كرامتهم وشرفهم· وكم مرة سمعنا من يتطاول على مدعي عام التمييز الرئيس سعيد ميرزا ناسباً اليه التحيّز والموقف المؤيد لمن أوقف على ذمة التحقيق في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري· وانهم لا يعلمون ان مدعي عام التمييز ليست لديه اي صلاحية في مجرى التحقيق لدى المجلس العدلي أكان في إخلاء سبيل أو مضبطة الإتهام·
صلاحيات المحقق العدلي
وأضاف: ان المحقق العدلي هو الذي يعطي القرار بإخلاء السبيل او برده او بمضبطة الإتهام وقراره هذا لا يقبل اي طريق من طرق المراجعة وهو قرار مبرم غير قابل من جميع الفرقاء ومن النيابة العامة باستئنافه او تمييزه، وفي النهاية الأمر يعود الى المجلس العدلي المؤلف من رئيس مجلس القضاء الأعلى ومن رؤساء من محاكم التمييز· وكل هذا لا يعني أن المحقق العدلي هو أيضاً يقوم بوظيفته بل يقوم بها بكل تجرد وبعيداً عن السياسة والسياسيين·
وليخشَ الله كل من يتطاول ويفتري على القاضي وعلى وسائل الإعلام رفض إعلان هذا التطاول والإفتراء وليذهب كل من لديه مأخذ بحق القاضي أو دليل على تأثره سياسياً أو طائفياً أو حزبياً الى هيئة التفتيش القضائي وعلى الهيئة أن تنشر في جميع وسائل الاعلام القرار الذي تتخذه بحق القاضي مهما علا شأنه ليكون عبرة لمن اعتبر·
وعن الموضوع المتعلق بمحكمة العدل الدولية أجاب:
إن لجوء لبنان الى المطالبة من مجلس الأمن الدولي بإنشاء محكمة ذات طابع دولي لم يكن يستهدف هذا الطلب إتهام القضاء اللبناني بالعجز او التجرد· ولكن الجريمة النكراء التي حلّت بالبلاد باغتيال دولة الرئيس الشهيد رفيق الحريري ومن طالهم الإغتيال معه بتفجير هائل كالزلزال دمر حياً بكامله، وان ما رافقها من إحاطتها للأسف الشديد بالسياسة والتحازب جعلت ان يكون لذلك التأثير على القضاة وإتهامهم وفقاً لما سبق ذكره فضلاً عما لا يتيسر وجوده في لبنان من وسائل فنية وحديثة أكان ذلك كيماوياً أو آلياً، وما لا يمكن القضاء اللبناني إن كان التحقيق يتطلب اعمالاً لا يمكن التطرق اليها إن لم تكن قد وقعت في لبنان بل في خارجه· وإن هذا الرجل الذي اغتالوه قد تبين بعد الاغتيال وقبله ان لبنان والعالم العربي والعالمي قد تأثروا بفقدانه فهو في هذا الممات تنطبق عليه الآية القرآنية التي على قواعدها توصل العالم بأسره الى إنشاء محاكم دولية والتي تقول "من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً"·
وفي لبنان ألم يبكه أولئك الأطفال والنساء الذين قتل آباؤهم وأمهاتهم وأزواجهم في قانا على أثر الاجتياح الإسرائيلي· وهل يمكن أن ينساه الفقراء والمعوزون الذين توصلوا في علومهم الى شهادات جامعية اغدقها عليهم هذا الرجل العظيم·
إن بعض من انتقد للوصول الى المحكمة ذات الطابع الدولي أرجو ان لا يفهم انتقادهم انه بدافع سياسي أو طائفي، وقد بنوا انتقادهم على أحد أمرين:
الأول: ان هذه المحكمة قد تلاحق اشخاصاً بدافع سياسي وهم على براءة من الجريمة· وان الرد على هذا الانتقاد ما نصت عليه المادة الثانية من نظام المحكمة التي تنص بصراحة وبكل وضوح على أن ما يطبق على الملاحقة والمعاقبة للأعمال الإرهابية وعلى جرائم الجنح والجرائم الجنائية التي ترتكب ضد حياة الأفراد وسلامتهم الشخصية والتجمعات غير المشروعة، يطبق عليها قانون العقوبات اللبناني·
وعليه فإن المحكمة الدولية لا حق لها إلا بملاحقة الأشخاص الذين تطالهم مضبطة الإتهام·
والأمر الثاني يتعلّق بعلاقة الرئيس بمرؤوسيه فيتحمّل الرئيس المسؤولية الجنائية عن أي جريمة من الجرائم المنصوص عنها في المادة الثانية من النظام الدولي المار ذكرها والتي يرتكبها العاملون تحت سلطته وسيطرته الفعليتين كنتيجة فشله في السيطرة على هؤلاء الأشخاص حيث ان الرئيس قد عرف او تجاهل معرفة معلومات اشارت بوضوح الى ان العاملين تحت سلطته كانوا يرتكبون أو كانوا على علم وشك بإرتكاب مثل هذه الجرائم·
ان هذا النص مأخوذ عن المادة 27 من قانون محكمة الجنايات الدولية التي كنت أتمنى لو أحيلت عليها جريمة الاغتيال وهي التي اصبح مكانها في لاهاي وقامت بمحاكمة ميلوزوفيتش بكل نزاهة وتجرد ومقدرة علمية· وأن هذه المادة تنص على تطبيق نظامها الأساسي على جميع الأشخاص بصورة متساوية من دون أي تمييز بسبب الصفة الرسمية وبوجه خاص فان الصفة الرسمية هذه للشخص سواء كان رئيساً لدولة أو حكومة أو عضواً في حكومة او برلمان او ممثلاً منتخباً او موظفاً حكومياً، لا يعفيه بأي حال من الأحوال من المسؤولية الجنائية وانها ايضاً لا تشكل في حد ذاتها سبباً لتخفيف العقوبة، فهل هذه المساواة إلا عدالة وهل ان عدم التستر وراء الحصانات إلا عدالة اكبر؟ ان القانون الذي اعلنته المحكمة الدولية اللبنانية وبنت جميع الملاحقات والعقوبات على ما نص عليه القانون اللبناني فهذا هو الرد على الأمر الثاني·
وأما في ما يتعلق بامكانيات تعطيل عمل المحكمة الدولية وكيف يمكن التعطيل، فان التعطيل امر مستحيل لصدوره من قبل مجلس الأمن الدولي بناء على طلب من مجلس الوزراء، فإن الغاءه لا يمكن لأحد غير الذين اقروه·
انتخاب رئيس الجمهورية
وعن عدم انتخاب رئيس للجمهورية من الناحية الدستورية والقانونية وعدم محاكمة الممتنعين وهل يحق محاكمتهم قال:
ان هذا الموضوع له طابع سياسي، فان الجواب عليه ان استطعنا ذلك ضمن خضم المتخاصمين السياسيين الذين لا يتركون لأحد اعطاء رأيه في اطار القانون والتجرّد ان كان هذا الرأي لا يرضي اي فريق منهم، ورغم ذلك فأنا ابدأ بالوقوف على حالة الشعب اللبناني المسكين الذي يخشى على وطنه ويسعى الى الهجرة ويتلوع على ما يراه ويسمعه من تهديد وما يعانيه من فقر وجوع نتيجة ارتفاع اسعار السلع وكل متطلبات الحياة والبطالة التي تحصل في كل بيت وتغلق في وجه اصحاب الشهادات العالية الحصول على أي عمل يقوم به ليستطيع السهر على متطلبات عائلته من طعام ودواء ورسوم وضرائب ومدارس وما شاكل ذلك·
وانني اتطلع الى الحالة التي توصلت اليها البلاد من اخلاء مركز رئيس الجمهورية وأرى ان البعض من النواب يتعمد عدم حضور جلسات انتخاب الرئيس بهدف التوصل الى ثلثي الحاضرين من عدد النواب وأرى البعض الآخر من النواب يهددون بانتخاب الرئيس على قاعدة النصف زائداً واحداً، فانني عدت الى الدستور وتفحصته بموقف المتجرد عن السياسات والخصومات والتطاحن بين الأحزاب وارهاب هذا الشعب المسكين الذي بدأ يذكر السنين الطويلة التي بلغت فيها الحرب الأهلية أشدها وويلاتها فيه وبدأ يرى الجرائم المدمرة المستمرة الواحدة تلو الأخرى وما بدأ يتفاعل في الشوارع كشرارات قد تؤدي الى الاشتعال والحروب بين مذهب وآخر وبين حزب وآخر·
ففي الدستور نصوص واضحة عندما تتطلب من مجلس النواب ومجلس الوزراء البت بأمور علّقها الدستور على حضور ثلثي اعضاء المجلس النيابي او مجلس الوزراء وهي ما سميت بالمواضيع الأساسية التي تحتاج الى موافقة ثلثي عدد اعضاء الحكومة او النيابة·
أفلا يفهم من عبارة "تحتاج" ان البت بهذه المواضيع لا يمكن ان يحصل إن تعمد الوزراء او النواب فقدان نصاب الثلثين؟ وإن نصاب الثلثين لا يتطلب تطبيقه فقط انتخاب رئيس الجمهورية بل بالمواضيع الأساسية التالية وهي:
المادة 66: المتعلقة بملاحقة رئيس الجمهورية والوزراء بجرائم الخيانة العظمى ومخالفة الدستور·
المادة 44: نزع الثقة من رئيس مجلس النواب ومن نائبه·
المادة 45: ليست لأعضاء المجلس النيابي حق الاقتراع ان لم يكونوا حاضرين في الجلسة ولا يجوز التصويت وكالة·
المادة 65: المواضيع الأساسية تحتاج الى موافقة ثلثي عدد اعضاء الحكومة وهي: تعديل الدستور واعلان حالة الطوارئ والغاؤها والحرب والسلم والتعبئة العامة والاتفاقات والمعاهدات الدولية والموازنة العامة للدولة والخطط الانمائية الشاملة والطويلة المدى وتعيين موظفي الفئة الأولى او ما يعادلها واعادة النظر في التقسيم الاداري وحل مجلس النواب وقانون الانتخاب وقانون الجنسية وقوانين الأحوال الشخصية واقالة الوزراء··· أفلا يفهم من ذلك ان تعمد عدم الوصول الى الثلثين يوقف عجلة الدولة ويزيل حركتها من الوجود·
المادة 70 و71: لمجلس النواب ان يصدر قرار الاتهام بارتكاب الوزراء الخيانة العظمى، وبإخلالهم بالموجبات المترتبة عليهم ولا يجوز الاتهام إلا بغالبية الثلثين من مجموع اعضاء المجلس·
أفليس في ذلك ان تعمّد بعض النواب عدم الحضور لمنع الثلثين، وبذلك تتوقف الملاحقة، يمكن للمحكمة الملاحقة عن هذه الجرائم الرهيبة وأخصها الخيانة العظمى امام المجلس الأعلى المختص لهذه المحاكمة؟·
انتخاب سليمان يُنهي المعاناة
وختم قائلاً: "والخلاصة اذاً، ان المناسبة حاصلة بعد الاختلاف على من يشكّل التوافق للوصول الى رئاسة الجمهورية على تسمية قائد الجيش الذي انتخبه الشعب بأسره طائفياً ومذهبياً وحزبياً آملاً بأن هذا القائد المقدام الذي أثبت موقفه منذ الآن، على الثقة التي يتمتع بها وتمكنه من انقاذ البلاد من كل ما يتآكل فيه العداء والخصام والتباغض"·
وختم: "وانني بمعرفتي الشخصية بهذا الرجل، انه الكفؤ لحل جميع هذه الخلافات بما يتصف به من ماض مشرف وتجرّد ونظرته الى الجميع بمنظار واحد··· عاجلوا الى انتخابه وسترون انه نعم الرجل وستعودون الى ماضيه الحافل بسلامة الوطنية وصدق التعهد ونظافة الكف· فعاجلوا الى انتخابه ووفروا على الشعب ما يعانيه من هوان"·
No comments:
Post a Comment