Almustaqbal - Human Rights Council & detainees, 12 April 2008
بت مصير التوقيفات في ملف الحريري متروك للمحكمة و"فريق الشائعات" يخصص مخابراته بمراقبة لجنة التحقيق
لجنة حقوق الإنسان ترفض البحث في موضوع الجنرالات لعدم "جدية المآخذ"
المستقبل - السبت 12 نيسان 2008 - العدد 2931 - شؤون لبنانية - صفحة 2
فارس خشّان
في السابع والعشرين من آذار الماضي، التأم مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف، وكان جدول أعماله حافلا بالمواضيع، ومن بينها الرأي الذي أعده فريق العمل المعني بالتوقيف التعسفي الصادر في 03/11/7002.وقياسا على الحملة الإعلامية ـ السياسية الضخمة التي وفرها فريق الدفاع عن الجنرالات الأربعة الموقوفين في قضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، كان يُفترض أن يأخذ هذا الرأي حيّزا كبيرا من الاهتمام، لا بل ثمة من كان يتوقع له أن يحتل الأولوية في النقاش، على اعتبار أن كل أنواع الإغراء دخلت على الخط من خلال أعضاء يميلون الى المحور السوري ـ الإيراني.إلا أن كل التوقعات تبخّرت، ذلك أن إدارة مجلس حقوق الإنسان في جنيف وجدت في الرأي الصادر عن فريق العمل المنبثق منها الكثير من العيوب الشكلية والقانونية، فقررت وضع الموضوع جانبا واعتباره هامشياً.وكان فريق العمل في رأيه الرقم 73/7002 قد انتهى الى اعتبار ان الاستمرار بتوقيف ثمانية من المشتبه بهم في قضية اغتيال الحريري هو عمل تعسفي لأنه يستند الى قانون لبناني "لا يراعي المعايير الدنيا للإعلان العالمي لحقوق الإنسان".وعلى الرغم من مرور نحو أسبوعين على هذا الحدث، إلا أن أي طرف لبناني لم يكشف عنه، ففريق الدفاع عن الجنرالات التزم الصمت، ووسائل الإعلام اللبنانية ـ بما فيها التي تتعاطى إيجابا مع الملف ـ غفلت عن طرح ولو مجرد سؤال عما حصل في جنيف، وفريق الدفاع عن حقوق الضحية بدا وكأنه في "عالم آخر".ولأن المسألة كذلك، فإن اللبنانيين اليوم، بفعل تركهم فريسة سهلة للمعلومات المجتزأة أو للشائعات المنظمة، لا يستطيعون أن يقاوموا الهجوم المعنوي الذي يتعرضون له، سواء بما يتصل بالتوقيفات أو بالوقائع، كما أن لجنة التحقيق الدولية بالذات لا ترى نفسها معنية بتوضيح الحقائق طالما ان المتضررين من التشويه لا يحركون ساكنا، في مقابل استعداد متوافر لدى الجهة المتضررة من الحقائق لشن هجوم بلا ضوابط أخلاقية، وفق السيناريو الذي سبق اتباعه مع ديتليف ميليس، أول رؤساء لجنة التحقيق الدولية.وهذا مؤشر خطير على كثير من الوقائع التي تتربص بالتحقيق في قضية اغتيال الرئيس الحريري، بحيث يبدو واضحا أن مصير أهم ملف لبناني على الإطلاق متروك للشائعات هنا وللقضاء والقدر هناك وللأهداف السياسية هنالك، وللإحباط.. في كل مكان.وطريقة التعاطي هذه مع قرار مجلس حقوق الإنسان ليست مسألة قائمة بنفسها ـ والسلام ـ بل هي نموذج عن التعاطي مع كل المعطيات التي يتأثر بها حامي الملف الاول والأخير، اي الرأي العام اللبناني.وهذه الطريقة بالتحديد، سبق أن تمّ اعتمادها في قضية السوري الموقوف في السجون التركية لؤي السقا، بحيث تمّ شنّ حملة إعلامية على لجنة التحقيق الدولية من خلال إتهامها هي بالذات بفبركة الشهود من خلال إرسال من يغري السقا في سجنه التركي إن هو شهد ضد آصف شوكت في قضية الحريري، ليعم صمت القبور لاحقا عندما تحركت السلطات التركية ونفت هذه الواقعة جملة وتفصيلا ونظمت ملاحقة ضد محامي السقا، بعد اكتشاف ارتباطه المادي بالمخابرات العسكرية السورية.ثم جرى اعتماد هذه الطريقة في قضية حسام طاهر حسام، الذي استعادته المخابرات السورية بمساعدة من "حزب الله"، بحيث تمّ تضخيم ادعاءاته بحق شخصيات لبنانية للمس بالتحقيق الدولي ليصار بعد ذلك الى تهميش كل ما يُثبت التورط التضليلي للمخابرات السورية لـ"حزب الله".وقبل السقا وحسام، كانت دائما قضية زهير محمد الصديق في واجهة التضليل "الشائعاتي"، فحينا تتم فبركة حديث له مفاده انه يتراجع عن إفادته وحينا آخر تحاك حكايات خيالية حول طفولته وأحيانا تتم فبركة سيناريوات حول خطفه فقتله. كل ذلك، قبل نسج العقل الإجرامي "خبريات" حول اختطافه وقتله وتسمية قتلة من هو حيّ يُرزق.ومن يُدقق في أدبيات المدافعين عن القتلة المفترضين للرئيس الحريري يلاحظ من دون عناء أن كل المعطيات التي يتم اعتمادها هي مجرد خلاصات للشائعات والتضليل، ويكفي التوقف عند رد المحامي أكرم عازوري، وكيل اللواء جميل السيد على رئيس "اللقاء الديموقراطي" النائب وليد جنبلاط لتبيان هذه الحقيقة الساطعة، بحيث سند العازوري، على سبيل المثال، نظرية التوقيف التعسفي الى الأمم المتحدة، وهذا تزوير، في حين أن موكله لا يكف عن ذكر فبركة الشهود، وهذا أيضا مجرد تزوير. وعلى أساس هذا الضخ التزويري هنا والتضليلي هناك، تتمحور المساعي لإطلاق الجنرالات الأربعة من السجن.وفي اعتقاد مراقبين سياسيين، أنّ فريق الدفاع عن النظام اللبناني ـ السوري بات مقتنعا بأنّ الرأي العام اللبناني تهيّأ لخطوة من هذا القبيل، ولذلك يصبح مفهوما سبب إقتحام "حزب الله" لهذا الملف، ليس على مستويات مكبّرات الصوت فيه ـ أي الفريق النيابي والسياسي ـ بل على مستوى القيادة السياسية ـ العسكرية بالذات ممثلة بالأمين العام السيد حسن نصرالله.إلا أن إهمال الرأي العام الذي يميّز أداء فريق الدفاع عن الضحايا، لا يعني أن الملف هو بعهدة "أهل الشائعة" أو، وفق تسمية البعض "أهل الجريمة"، فلجنة التحقيق الدولية، على الرغم من كل ما قيل ويقال عنها، لا تزال تُغطي بلغة خاصة بها توقيف الموقوفين، فهي لا تُعرب عن ثقتها فقط بإجراءات القضاء اللبناني، مركزة على شخص المدعي العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا بالذات، بل هي بلغة قانونية خاصة تُذكر عمليا بمبدأ موازاة الصيغ، أي أن عدم إصدار توصية بوقف التوقيف يُبقي توصيتها التي أفضت الى التوقيف سارية المفعول.ومن هنا، يمكن فهم ما قاله المحقق دانيال بيلمار أمام مجلس الامن الدولي بداية وأمام الصحافيين لاحقا، ومفاده أن قضية توقيف الجنرالات لن تكون قابلة للبت، إستمرارا أو قطعا، سوى أمام المحكمة الدولية، وتحديدا أمام قاضي الإحالة بعد إحالة أوراق الإدعاء العام عليه.على أي حال، من الواضح أن التحقيق الدولي تحت مراقبة الجهة التي اقترفت الجريمة. هذا ما قاله بلمار بالذات ولكن هذا ما اتضح بشكل فاضح حين تبيّن أن المخابرات السورية هي أول من صرخ لدى اختفاء الصديق ـ ليس من الوجود ـ بل من تحت أنظارها، كما حين تخرج وسائل إعلام المخابرات السورية، بين الفينة والفينة، بأسماء الشهود لتشن حملة شعواء ضدهم.إلا أن هذه الحماية التي تتوافر للتحقيق من "فريق الشائعات" لا تعني أن التحقيق محمي بنتائجه النهائية، لأن إهمال فريق الدفاع عن الضحايا للرأي العام بالشكل الجاري حالياً، يعني عمليا ضرب نقطة استراتيجية تتحدث عنها بشكل دائم تقارير لجنة التحقيق الدولية: تشجيع تقدم شهود جدد إليها.
لجنة حقوق الإنسان ترفض البحث في موضوع الجنرالات لعدم "جدية المآخذ"
المستقبل - السبت 12 نيسان 2008 - العدد 2931 - شؤون لبنانية - صفحة 2
فارس خشّان
في السابع والعشرين من آذار الماضي، التأم مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف، وكان جدول أعماله حافلا بالمواضيع، ومن بينها الرأي الذي أعده فريق العمل المعني بالتوقيف التعسفي الصادر في 03/11/7002.وقياسا على الحملة الإعلامية ـ السياسية الضخمة التي وفرها فريق الدفاع عن الجنرالات الأربعة الموقوفين في قضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، كان يُفترض أن يأخذ هذا الرأي حيّزا كبيرا من الاهتمام، لا بل ثمة من كان يتوقع له أن يحتل الأولوية في النقاش، على اعتبار أن كل أنواع الإغراء دخلت على الخط من خلال أعضاء يميلون الى المحور السوري ـ الإيراني.إلا أن كل التوقعات تبخّرت، ذلك أن إدارة مجلس حقوق الإنسان في جنيف وجدت في الرأي الصادر عن فريق العمل المنبثق منها الكثير من العيوب الشكلية والقانونية، فقررت وضع الموضوع جانبا واعتباره هامشياً.وكان فريق العمل في رأيه الرقم 73/7002 قد انتهى الى اعتبار ان الاستمرار بتوقيف ثمانية من المشتبه بهم في قضية اغتيال الحريري هو عمل تعسفي لأنه يستند الى قانون لبناني "لا يراعي المعايير الدنيا للإعلان العالمي لحقوق الإنسان".وعلى الرغم من مرور نحو أسبوعين على هذا الحدث، إلا أن أي طرف لبناني لم يكشف عنه، ففريق الدفاع عن الجنرالات التزم الصمت، ووسائل الإعلام اللبنانية ـ بما فيها التي تتعاطى إيجابا مع الملف ـ غفلت عن طرح ولو مجرد سؤال عما حصل في جنيف، وفريق الدفاع عن حقوق الضحية بدا وكأنه في "عالم آخر".ولأن المسألة كذلك، فإن اللبنانيين اليوم، بفعل تركهم فريسة سهلة للمعلومات المجتزأة أو للشائعات المنظمة، لا يستطيعون أن يقاوموا الهجوم المعنوي الذي يتعرضون له، سواء بما يتصل بالتوقيفات أو بالوقائع، كما أن لجنة التحقيق الدولية بالذات لا ترى نفسها معنية بتوضيح الحقائق طالما ان المتضررين من التشويه لا يحركون ساكنا، في مقابل استعداد متوافر لدى الجهة المتضررة من الحقائق لشن هجوم بلا ضوابط أخلاقية، وفق السيناريو الذي سبق اتباعه مع ديتليف ميليس، أول رؤساء لجنة التحقيق الدولية.وهذا مؤشر خطير على كثير من الوقائع التي تتربص بالتحقيق في قضية اغتيال الرئيس الحريري، بحيث يبدو واضحا أن مصير أهم ملف لبناني على الإطلاق متروك للشائعات هنا وللقضاء والقدر هناك وللأهداف السياسية هنالك، وللإحباط.. في كل مكان.وطريقة التعاطي هذه مع قرار مجلس حقوق الإنسان ليست مسألة قائمة بنفسها ـ والسلام ـ بل هي نموذج عن التعاطي مع كل المعطيات التي يتأثر بها حامي الملف الاول والأخير، اي الرأي العام اللبناني.وهذه الطريقة بالتحديد، سبق أن تمّ اعتمادها في قضية السوري الموقوف في السجون التركية لؤي السقا، بحيث تمّ شنّ حملة إعلامية على لجنة التحقيق الدولية من خلال إتهامها هي بالذات بفبركة الشهود من خلال إرسال من يغري السقا في سجنه التركي إن هو شهد ضد آصف شوكت في قضية الحريري، ليعم صمت القبور لاحقا عندما تحركت السلطات التركية ونفت هذه الواقعة جملة وتفصيلا ونظمت ملاحقة ضد محامي السقا، بعد اكتشاف ارتباطه المادي بالمخابرات العسكرية السورية.ثم جرى اعتماد هذه الطريقة في قضية حسام طاهر حسام، الذي استعادته المخابرات السورية بمساعدة من "حزب الله"، بحيث تمّ تضخيم ادعاءاته بحق شخصيات لبنانية للمس بالتحقيق الدولي ليصار بعد ذلك الى تهميش كل ما يُثبت التورط التضليلي للمخابرات السورية لـ"حزب الله".وقبل السقا وحسام، كانت دائما قضية زهير محمد الصديق في واجهة التضليل "الشائعاتي"، فحينا تتم فبركة حديث له مفاده انه يتراجع عن إفادته وحينا آخر تحاك حكايات خيالية حول طفولته وأحيانا تتم فبركة سيناريوات حول خطفه فقتله. كل ذلك، قبل نسج العقل الإجرامي "خبريات" حول اختطافه وقتله وتسمية قتلة من هو حيّ يُرزق.ومن يُدقق في أدبيات المدافعين عن القتلة المفترضين للرئيس الحريري يلاحظ من دون عناء أن كل المعطيات التي يتم اعتمادها هي مجرد خلاصات للشائعات والتضليل، ويكفي التوقف عند رد المحامي أكرم عازوري، وكيل اللواء جميل السيد على رئيس "اللقاء الديموقراطي" النائب وليد جنبلاط لتبيان هذه الحقيقة الساطعة، بحيث سند العازوري، على سبيل المثال، نظرية التوقيف التعسفي الى الأمم المتحدة، وهذا تزوير، في حين أن موكله لا يكف عن ذكر فبركة الشهود، وهذا أيضا مجرد تزوير. وعلى أساس هذا الضخ التزويري هنا والتضليلي هناك، تتمحور المساعي لإطلاق الجنرالات الأربعة من السجن.وفي اعتقاد مراقبين سياسيين، أنّ فريق الدفاع عن النظام اللبناني ـ السوري بات مقتنعا بأنّ الرأي العام اللبناني تهيّأ لخطوة من هذا القبيل، ولذلك يصبح مفهوما سبب إقتحام "حزب الله" لهذا الملف، ليس على مستويات مكبّرات الصوت فيه ـ أي الفريق النيابي والسياسي ـ بل على مستوى القيادة السياسية ـ العسكرية بالذات ممثلة بالأمين العام السيد حسن نصرالله.إلا أن إهمال الرأي العام الذي يميّز أداء فريق الدفاع عن الضحايا، لا يعني أن الملف هو بعهدة "أهل الشائعة" أو، وفق تسمية البعض "أهل الجريمة"، فلجنة التحقيق الدولية، على الرغم من كل ما قيل ويقال عنها، لا تزال تُغطي بلغة خاصة بها توقيف الموقوفين، فهي لا تُعرب عن ثقتها فقط بإجراءات القضاء اللبناني، مركزة على شخص المدعي العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا بالذات، بل هي بلغة قانونية خاصة تُذكر عمليا بمبدأ موازاة الصيغ، أي أن عدم إصدار توصية بوقف التوقيف يُبقي توصيتها التي أفضت الى التوقيف سارية المفعول.ومن هنا، يمكن فهم ما قاله المحقق دانيال بيلمار أمام مجلس الامن الدولي بداية وأمام الصحافيين لاحقا، ومفاده أن قضية توقيف الجنرالات لن تكون قابلة للبت، إستمرارا أو قطعا، سوى أمام المحكمة الدولية، وتحديدا أمام قاضي الإحالة بعد إحالة أوراق الإدعاء العام عليه.على أي حال، من الواضح أن التحقيق الدولي تحت مراقبة الجهة التي اقترفت الجريمة. هذا ما قاله بلمار بالذات ولكن هذا ما اتضح بشكل فاضح حين تبيّن أن المخابرات السورية هي أول من صرخ لدى اختفاء الصديق ـ ليس من الوجود ـ بل من تحت أنظارها، كما حين تخرج وسائل إعلام المخابرات السورية، بين الفينة والفينة، بأسماء الشهود لتشن حملة شعواء ضدهم.إلا أن هذه الحماية التي تتوافر للتحقيق من "فريق الشائعات" لا تعني أن التحقيق محمي بنتائجه النهائية، لأن إهمال فريق الدفاع عن الضحايا للرأي العام بالشكل الجاري حالياً، يعني عمليا ضرب نقطة استراتيجية تتحدث عنها بشكل دائم تقارير لجنة التحقيق الدولية: تشجيع تقدم شهود جدد إليها.
No comments:
Post a Comment