March 14, 2009 - Almustaqbal - Michel Sleiman about the STL

رجل مكافحة الإرهاب في بلجيكا ينقل خبراته الى لاهاي
محكمة لبنان: دانيال فرانسون قاضي ما قبل المحاكمة
المستقبل - السبت 14 آذار 2009 - العدد 3246 - الصفحة الأولى - صفحة 1


لايسندام (لاهاي) ـ فارس خشّان
القاضي البلجيكي دانيال فرانسون، أصبح قاضي ما قبل المحاكمة في المحكمة الخاصة بلبنان.
أقسم اليمين في العاشر من آذار الحالي في لايسندام، وهو يشارك مع زملائه القضاة العشرة الباقين في الهيئة القضائية التابعة للمحكمة، في وضع اللمسات الأخيرة على النظام الداخلي، الذي يقود إرساء مبادئه الرئيس المخضرم أنطونيو كاسيزي.
سيكون "المراقب" لكل الطلبات التي سيقدمها المدعي العام دانيال بلمار، بدءاً بالأسبوع الثالث من آذار الحالي، سواء لإيداعه ملف التحقيق الخاص بقضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري بموقوفيه الأربعة، أم لتوقيف أي شخص يشتبه بعلاقة جرمية له بملف الاغتيال، أم لاخلاء سبيل أي شخص يمكن أن يودع قيد التوقيف الاحتياطي، وذلك قبل أن يوافق على إحالة أي مجموعة من المتهمين، موقوفين كانوا أو فارين، على المحاكمة غير المنتظرة فصولها الأولى قبل بدايات العام المقبل .
دانيال فرانسون، وهو بالكاد في العقد الرابع من العمر، عُرف في بلاده بأنه قاضي مكافحة الإرهاب.
منذ العام 2002 على الأقل، ومن منصب قاضي التحقيق في بروكسل، العاصمة البلجيكية، أمسك بمجموعة ملفات تتوزع على ثلاثة مواضيع متقاطعة: الإرهاب المتصل بتنظيم القاعدة، إرهاب الدولة الذي كان قد اقترفه الرئيس التشادي السابق حسين حبري الموقوف حالياً في السنغال التي رفضت تسليمه لبلجيكا بناء على مذكرة عالمية أصدرها القاضي فرانسون نفسه، وإرهاب المافيا المالية الذي تمثل في فتح تحقيق بـ"كوميسيون" غير قانوني بلغ الخمسة عشر مليون دولار تقاضاها بلجيكيون وفرنسيون وأفارقة على خلفية صفقة مروحيات بين بلجيكا وتشيلي على زمن الديكتاتور المعروف أوغوستو بينوشيه.
وفي كل هذه الملفات، ظهر هذا القاضي البلجيكي الشاب الذي ينتمي "عرقياً" ولغوياً إلى مقاطعة بلجيكية مختلفة تمام الاختلاف عن مواطنه سيرج براميرتس "المختفي" في المحكمة الجنائية الخاصة بيوغوسلافيا السابقة، لاعباً نشطاً للغاية على مسرح مكافحة "الجريمة عبر الوطنية"، حيث كان لافتاً للانتباه أن كل الملفات التي تمّ وضعها بعهدته كانت ملفات لها صلات بدول أخرى، ففي ملفات الإرهاب كانت الشبكات تمتد من بلجيكا إلى أفغانستان إلى دول عربية مروراً بدول أوروبية عدة بينها هولندا وفرنسا، وكذلك الحال في ملفات الرشوات المالية وملفات إرهاب الدولة حيث ظهرت قضية الرئيس التشادي السابق حسين حبري في عواصم عدة، وسببت نقاشات قانونية حامية على الصلاحيات بين السنغال من جهة وبين بلجيكا من جهة أخرى.
وبهذا المعنى أيضاً، فإن قضية اغتيال الحريري يبدو واضحا أنها جريمة إرهابية عابرة للحدود اللبنانية.
ومن يدقق بالسيرة المهنية للقاضي دانيال فرانسون يكتشف أنه يبعد نفسه كلياً عن الأضواء. فعلى الرغم من تنقلاته الدولية وعلى الرغم من قراراته النوعية، فقد أبقى نفسه بمنأى عن الإعلام. لا تصاريح ولا صور، ولا حتى مؤلفات.
وهو بهذا المعنى، لا يترك الساحة مفتوحة لدانيال بلمار فحسب، بل يبدو كأنه النقيض التام لرئيس المحكمة الخاصة بلبنان الإيطالي أنطونيو كاسيزي، صاحب الظهور القوي جداً على المسرح القضائي سواء في بلاده أم في المنتديات الدولية أم في المكتبة الحقوقية العالمية.
كثيرون كتبوا عن أعمال دانيال فرانسون لكن قليلين كتبوا عنه، إلا أن ما حفظته الذاكرة يتمحور حول قاضٍ يعمل بجهد كبير، ويتسلم في آن مسؤوليات جسام تحتاج تقليدياً إلى كثير من الأشخاص.
فرانسون الذي رشحه مجلس الوزراء البلجيكي في أيلول (سبتمبر) 2007، لمنصب قاضٍ عالمي، بعدما ساهم بفاعلية في تجفيف مصادر الإرهاب في بلاده، سيكون إلى جانب كاسيزي وبلمار من أول من يتسلم عمله في المحكمة الخاصة بلبنان.
حالياً، المحكمة محظورة على الجميع باستثناء موظفيها بسبب وجود القضاة اللبنانيين الأربعة فيها، "المطلوب إبقاء هويتهم... سرية.
هنا في لايسندام، كل الجهد ينصب على الانتهاء من وضع النظام الداخلي الذي يتضمن الإجراءات الجزائية الخاصة بالمحكمة، وبعد ذلك يبدأ الثنائي بلمار- فرانسون العمل.
أول توقيع لفرانسون سيذيّل طلب بلمار إيداعه ملف اغتيال الحريري مع موقوفيه الأربعة.