Assafir - La France confirme la disparition de Siddiq, 9 avril 2008
صقر يستمع إلى عضو في «مجموعة الـ 13» كوشنيـر يعتـرف باختفـاء الصدّيـق فهل تكشف فرنسا من كان يموّل إقامته؟
علي الموسوي
بعد اثني عشر يوماً على صدور التقرير العاشر للجنة التحقيق الدولية في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري واتهامها شبكة إجرامية نفّذت اعتداءات سابقة في لبنان، بالضلوع في هذه القضية، إستمع، أمس، المحقّق العدلي صقر صقر، إلى إفادة المواطن السعودي فيصل بن أسعد بن هاشم حسين أكبر (والدته شيخة من مواليد العام 1977) كشاهد، بعدما سبق له أنّ قدّم معلومات مفصّلة عن معرفته بالفار خالد طه وأحمد أبو عدس الذي تبنّى عملية الاغتيال صورياً. وهذا الشاهد فيصل أكبر موقوف في سجن «رومية» المركزي ضمن مجموعة مرتبطة بتنظيم« القاعدة»، أو ما عرفت في لبنان باسم «مجموعة الـ13» لتشكّلها من ثلاثة عشر شخصاً لا يزالون قيد التوقيف منذ شهر كانون الأوّل من العام ,2005 ويخضعون للمحاكمة أمام المحكمة العسكرية، لارتباطهم بالمقاومة في العراق، وهو عرف بأنّه المدرّب الأمني لرفاقه. وأتى سماع هذا الشاهد في اليوم الذي يتحضّر رئيس لجنة التحقيق الدولية القاضي الكندي دانيال بيلمار لمناقشة تقريره أمام مجلس الأمن الدولي، وهو يفتح الشهيّة على الكثير من الأسئلة والاستفسارات العالقة في أذهان الرأي العام، وأبرزها سبب تأخّر القضاء اللبناني المعني بجريمة اغتيال الحريري، في سماع أعضاء هذه المجموعة الأصولية، والوقوف على صحّة المعلومات التي أعطوها في التحقيق الأولي أمام «فرع المعلومات» التابع لقوى الأمن الداخلي، وفيها روايات وحكايات متعدّدة عن خالد طه، وأحمد أبو عدس، وزيّاد رمضان، وكلّهم وردت أسماؤهم في التقرير الأوّل للقاضي الألماني ديتليف ميليس. ولم تتسرّب معلومات عن أسباب هذا التحقيق المفاجئ مع فيصل أكبر، ولكنّ المراقبين ربطوه بما أورده بيلمار في الفقرة الخامسة والعشرين من تقريره عن اتهامه شبكة إجرامية بالضلوع في جريمة الاغتيال الحريري، بعدما كان قد سبق لسلفه البلجيكي سيرج برامرتز أن استمع إلى إفادات فيصل أكبر ورفاقه، ولذلك وسّع بيلمار احتمال تورّط غير جهة في الجريمة بينها مجموعة أصولية لم يكشف النقاب عنها. عازوري وكوشنير وبالتزامن أيضاً، خرج وزير الخارجية الفرنسية برنار كوشنير على الملأ ليعترف بأنّ الشاهد الرئيسي في جريمة اغتيال الحريري، السوري محمّد زهير الصدّيق تمكّن من الفرار من فرنسا حيث كان يعيش منذ نحو عامين ونيّف، في أجواء من الرخاء والنعيم لم يكن يراها إلاّ في الأحلام المستحيلة التحقّق، فإذا بها تتأمّن له فور إدلائه «بكنزه المعلوماتي» عن وجود علاقة للضبّاط الأربعة في الجريمة. وقال كوشنير، أمس، إنّ «الشاهد السوري الصدّيق اختفى من الأراضي الفرنسية، وهذا ما علمته الآن، وأنا أوّل من يأسف لذلك، ولا أعرف في أيّ ظروف اختفى (...) وكان في السابق موضوعاً تحت الإقامة الجبرية». وهذا الأمر الطارئ يستدعي جملة أسئلة، فمن هرّب الصدّيق أو سمح له بترك فرنسا تحت جنح الظلام؟ وهل هي الجهة نفسها التي سهّلت له طريق الخروج من لبنان إلى المملكة العربية السعودية، فاسبانيا، قبل أن يستقرّ في فرنسا، وما تخلّل هذه الإقامة من جولات سياحية في غير دولة؟ ولماذا يأتي اختفاؤه في هذه اللحظة الحرجة من التحقيق؟ ولماذا لم تبادر فرنسا خلال المرحلة السابقة، إلى تسليمه للقضاء اللبناني لكي يتسنّى له استجوابه، فاكتفى هذا القضاء بإفادته أمام لجنة التحقيق وبنى عليها توقيف الضبّاط الأربعة وكأنّه المطاف الأخير لمسار التحقيق قبل الشروع في المحاكمة؟ وهل لهذا الفرار علاقة ما بإبقاء الضبّاط قيد التوقيف الاحتياطي والاعتباطي؟ وهل حقّاً أنّ القضاء اللبناني ادعى على الصدّيق بجرم المشاركة في جريمة الاغتيال، ممّا سهّل لفرنسا أن ترفض طلب استرداده لعدم اقتناعها بمبدأ عقوبة الإعدام المطبّقة في لبنان، بدلاً من الادعاء عليه بجرم إعطاء شهادة كاذبة؟ وتعليقاً على اعتراف كوشنير الصريح والواضح باختفاء الصدّيق، قال وكيل الدفاع عن اللواء جميل السيّد المحامي أكرم عازوري لـ«السفير» إنّه يأسف للخفّة التي تعاملت بها السلطات الفرنسية مع الصدّيق طوال وجوده على أراضيها، إذ ترك حرّاً يقيم في باريس دون أن تتخذّ السلطات الفرنسية أيّ إجراء للتحفّظ عليه، أو لتمكين القضاء اللبناني من استجوابه. ويحمّل عازوري السلطات الفرنسية مسؤولية تقصيرية على الأقلّ، في اختفاء الصدّيق، لأنّ المعلومات الموجودة بحوزته عن الأشخاص والجهات الذين حرّضوه على تضليل التحقيق الدولي واللبناني والتسبّب بتوقيف الضبّاط الأربعة، مهمّة جدّاً وتدلّ على من كان له مصلحة في تضليل هذا التحقيق وتصويبه نحو الضبّاط اللبنانيين فقط دون سائر خلق الله. ويوضّح عازوري ما سبق له أن طالب به منذ ثلاث سنوات، وهو أنّه لا وجود في قضية الرئيس الحريري من شاهد بريء، لأنّ من يملك معلومات عن الجريمة هو حتماً مشارك فيها، ولا يجوز ترك أيّ شاهد على الإطلاق، حرّاً. ويرى عازوري أنّ تذرّع السلطات الفرنسية خلال السنوات السابقة باستقلال قضائها الذي رفض ردّ الصدّيق إلى السلطات اللبنانية، هو تحجّج باطل قانوناً، لأنّ قرار مجلس الأمن الرقم 1595 يسمو على أحكام القانون الداخلي الفرنسي، وهذا القرار طلب من مختلف دول العالم أن تتعاون مع لجنة التحقيق الدولية، ولكن فيما ادعت اللجنة والقضاء اللبناني على هذا الشاهد الصدّيق بجرم المشاركة في الاغتيال تركته فرنسا حرّاً، فاستطاع أن يهرب. وردّاً على سؤال عن قدرة فرنسا على تصحيح غلطتها السابقة بشأن إهمال الصدّيق، يقول عازوري إنّ هذا الهروب لا يعفي السلطات الفرنسية من التعاون أيضاً، وذلك عن طريق إعطاء معلومات واضحة وعلنية عن الجهات التي موّلت إقامته مع عائلته على أراضيها حيث تقدّر نفقات هذه الإقامة في حدّها الأدنى بـأربعمئة ألف دولار أميركي، وهو مبلغ ضخم تمنع القوانين الفرنسية التصرّف به نقداً، وبالتالي فإنّه توجد لدى المصارف الفرنسية آثار لتحويلات مالية نقدية، وإنْ كان هذا «متعذّراً»، فيمكن للسلطات الفرنسية أن تعوّض عن طريق الإفصاح عن المسؤولين عن تمويل إقامة الصدّيق، نظراً لمسؤوليتهم الجزائية إمّا للمشاركة في إخفائه، وإمّا للمشاركة في جرم إعطاء إفادة كاذبة لتضليل التحقيق. والجدير ذكره أنّ تجيير الشيكات في فرنسا ممنوع ومحظّر قانوناً، ولا تصرف البنوك المعنية أيّ شيك إلاّ للمستفيد منه ومباشرة من دون السماح لحامله بتحريره وتجييره لشخص آخر.
No comments:
Post a Comment