Alhayat - Bellemare's first report, 29 march 2008
التقرير الأول لرئيس اللجنة الدولية المستقلة المكلفة التحقيق في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري دانيال بلمار
<>نيويورك الحياة - 29/03/08//
أكد رئيس اللجنة الدولية المستقلة المكلفة التحقيق في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري، دانيال بلمار، في تقرير قدمه الى مجلس الأمن، هو الأول له منذ تسلمه مهمته، والعاشر للجنة منذ بدأت أعمالها، ان التقدم المحرز وفر أدلة عن "شبكة من الأفراد نسقت في ما بينها لتنفيذ" عملية الاغتيال، وعن حقيقة أن "هذه الشبكة الإجرامية أو أجزاء منها على صلة ببعض القضايا الأخرى ضمن نطاق تفويض اللجنة". وأشار الى أن "جزءاً على الأقل من هذه الشبكة لا يزال موجوداً وناشطاً بعد الاغتيال" وأن أولوية اللجنة الآن هي جمع المزيد من هذه الشبكة.
وأكد بلمار ان نتائج التحقيق "لن تستند الى إشاعات وافتراضات بل الى براهين موثوقة"، موضحاً ان ضرورة الحفاظ على سرية التحقيق تفرض عدم كشف أسماء "ولن تظهر أسماء الأفراد الا في الاتهامات التي سيوجهها المدعي العام عندما تكون الأدلة كافية للقيام بذلك".
وكشف تعزيز أنظمة حماية المعلومات الحساسة واتخاذ ترتيبات لتطبيق استراتيجية لحماية الشهود تتلاءم مع متطلبات المحكمة، مؤكداً التحضير لنقل ما تملكه السلطات اللبنانية من وثائق ومستندات الى المحكمة.
ووصف بلمار تعاون السلطات السورية مع لجنة التحقيق بأنه "مرضٍ في صورة عامة"، وقال: "واصلت سورية التجاوب مع طلبات اللجنة خلال مدة زمنية ملائمة كما سهلت خلال هذه الفترة مهمة بعثة واحدة الى سورية".
وتحدث عن تعجيل اللجنة وتيرة عملياتها، مشيراً الى أنها زادت منذ تقريرها الأخير بأكثر من الضعف عدد طلبات المساعدة المرسلة الى لبنان ودول أخرى.
كما عملت اللجنة لتطوير أولوياتها في التحقيق ووضعت جدولاً زمنياً مراجعاً للمقابلات، والمقابلات للمرة الثانية. وأوضح بلمار ان عدد المحققين والمحللين لا يزال أقل بكثير مما يجب أن يكون عليه في تحقيقات مماثلة، لافتاً الى أن اللجنة طبقت إجراءات لمعالجة المسائل الأمنية مع استمرار "الاعتداءات والتظاهرات العنيفة والاشتباكات المتفرقة بين الفئات المتنافسة (في لبنان) وكذلك التوتر المستمر في مخيمات اللاجئين، ما انعكس على حرية تنقل فريق عمل اللجنة". وشدد بلمار على أن "تصاعد وتيرة العنف لم ينعكس سلباً على عزم اللجنة استكمال التحقيق".
من الأمين العام الى رئيس مجلس الأمن للشهر الجاري سفير روسيا فيتالي تشركين
28 آذار (مارس) 2008
"حضرة الرئيس الموقّر،
إنه لمن دواعي شرفي أن أرفع إليكم التقرير العاشر للجنة التحقيق الدولية التابعة للأمم المتحدة، الذي أُعدّ استناداً إلى القرارات 1595 (2005) و1636 (2005) و1644 (2005) و1686 (2006) و1748 (2007) الصادرة عن مجلس الأمن.
ويضع التقرير في خدمة مجلس الأمن نبذة عامة عن التقدم الذي أحرزته اللجنة منذ التقرير الأخير المؤرخ في 28 تشرين الثاني (نوفمبر) 2007. وفيما تستمر اللجنة بتحقيق المزيد من التقدم، تشدد على مدى صعوبة التحقيق وتشعبه، آخذةً في الاعتبار الحاجة إلى الانتقال الفعال إلى مرحلة المحكمة الخاصة بلبنان.
وتشير اللجنة إلى أنها تملك إثباتات عن وجود شبكة من الأفراد تعاونوا لتنفيذ اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري، وعن أنّ هذه الشبكة الإجرامية، أو أفراداً منها متورطون في قضايا أخرى تدخل ضمن نطاق مهمة اللجنة. إنما تكمن أولوية اللجنة في تحديد نطاق الشبكة وكشف هوية أعضائها. كما يفصّل التقرير الدعم الذي قدمته اللجنة إلى السلطات اللبنانية في التحقيقات التي أجرتها حول 20 قضية تفجير واغتيال أخرى شهدتها الساحة اللبنانية منذ تشرين الأول (أكتوبر) 2004.
أود أيضاً أن أتقدم بجزيل الشكر إلى أعضاء اللجنة على العمل الدؤوب الذي قدموه على رغم صعوبة الظروف. وأود أن أشكر بصورة خاصة السيد دانيال بلمار، الذي تبوأ منصب المفوض في الأول من كانون الثاني (يناير) 2008، لترؤس التحقيق وتأمين استمرارية عمل اللجنة. واسمحوا لي أيضاً أن أشكر للحكومة اللبنانية تعاونها ودعمها المستمريْن.
أود لو يتم رفع هذه المسألة إلى أعضاء مجلس الأمن. في هذه الغضون، سأهتم بإرسال التقرير إلى الحكومة اللبنانية.
اسمحوا لي، حضرة الرئيس، أن أعرب لكم عن كامل تقديري".
ملخّص
طلب مجلس الأمن من لجنة التحقيق الدوليّة المستقلّة إعداد تقرير حول التقدّم الذي أحرزته خلال أربعة أشهر. وهذا التقرير هو العاشر الذي تقدّمه اللجنة حتى تاريخه، والتقرير الأول الذي يرفعه دانيال بلمار الذي تسلم ولايته في الأول من كانون الثاني (يناير) 2008.
يوفر التقرير معلومات عن التقدّم المحرز في التحقيق، آخذا بالحسبان السرّيّة والمخاوف الأمنيّة. ويسمح التقدّم الذي تمّ إحرازه خلال فترة إعداد هذا التقرير للّجنة، بالتأكيد، على أساس الأدلّة المتوافرة، أنّ شبكة من الأفراد نسّقت في ما بينها لتنفيذ عملية اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وأن هذه الشبكة الإجراميّة أو أجزاء منها على صلة ببعض القضايا الأخرى ضمن نطاق تفويض اللجنة. وتقوم أولويّة اللجنة الآن على جمع المزيد من الأدلّة عن هذه الشبكة وتوسيع نطاق الصلة التي تجمعها بالتفجيرات الأخرى.
ومنذ صدور التقرير الأخير، توفر اللجنة الدعم الفنّي للسلطات اللبنانيّة في تحقيقاتها حول التفجيرين الأخيرين اللذين استهدفا مدير العمليات في الجيش اللبناني اللواء فرنسوا الحاج والرائد في شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي وسام عيد. وساهم هذان التفجيران في تدهور الوضع الأمني في لبنان، وعلى رغم الإجراءات المهدئة التي تمّ اعتمادها، تستمرّ هذه البيئة في الانعكاس على نشاطات اللجنة، إنّما من دون التأثير في تصميمها.
واستمرّت اللجنة في التعاون عن كثب مع السلطات اللبنانيّة. وأظهرت الجمهوريّة العربيّة السوريّة تعاوناً مرضياً في شكل عام، ونفّذت اللجنة ممارسات عمل جديدة للحصول على المزيد من الدعم من الدول الأعضاء، وكذلك لتشجيع تعاون الشهود وغيرهم من المصادر.
وتابعت اللجنة الاستعداد للمرحلة الانتقاليّة إلى المحكمة الخاصّة بلبنان، آخذة بالحسبان أن التحقيقات في الأعمال الإرهابيّة طويلة ومعقّدة.
1- مقدّمة
1- إنّه التقرير العاشر الذي تعده لجنة التحقيق الدوليّة المستقلّة التي تمّ إنشاؤها بموجب قرارات مجلس الأمن رقم 1595 (2005) و1636 (2005) و1644 (2005) و1686 (2006) و1748 (2007). وهو يسلّط الضوء على التقدّم الذي أحرزته لجنة التحقيق الدوليّة منذ التقرير الأخير الذي سلّمته في 28 تشرين الثاني (نوفمبر) 2007. علماً أنّه التقرير الأوّل الذي يعده المفوّض د.أ.بلمار الذي تسلم منصبه في الأول كانون الثاني 2008.
2- كان 14 شباط (فبراير) 2008 تاريخ الذكرى الثالثة للاعتداء الإرهابي الذي أودى بحياة رئيس الوزراء اللبنانيّ السابق رفيق الحريري و22 شخصاً آخر. وتمّ إنشاء اللجنة لتقديم الدعم في التحقيق في هذا الاعتداء، ومنذ ذلك الحين، شمل الدعم الفنّي 20 تحقيقاً آخر، بما في ذلك تحقيقان في فترة إعداد هذا التقرير. وتشمل هذه التحقيقات سلسلة من الاعتداءات الإرهابيّة التي تسبّبت بمقتل العشرات وجرح المئات. وقتل في المجموع 61 شخصاً، فيما وصل عدد الجرحى إلى 494 جريحاً.
3- إنّ التحقيقات في الاعتداءات الإرهابيّة معقّدة وصعبة بطبيعتها. وتواجه اللجنة تحدّيات إضافيّة بما فيها نطاق الهجمات واستمرار تنفيذها، وكون التحقيقات تجرى في بيئة تطغى عليها باستمرار المخاوف الأمنيّة. وعلى رغم هذه الصعوبات، استمرّت اللجنة في مقاربتها المنهجيّة أثناء توفيرها الدعم للسلطات اللبنانيّة لحلّ القضايا، بتوجيه حصريّ من الوقائع والأدلّة، وعبر استكشاف خيوط التحقيق كافّة.
4- لا يمكن لتحقيق بهذا التعقيد أن يجري على جناح السرعة. وفي حين أنّ غياب نتائج سريعة قد يكون محبطاً بالنسبة إلى الضحايا الذين بقوا على قيد الحياة وعائلات الذين قتلوا والشعب اللبناني والمجتمع الدولي واللجنة بحدّ ذاتها، فإنّ تجربة التحقيقات في جرائم مماثلة تثبت أنّه بتوافر ما يكفي من وقت وموارد، من الممكن إحالة الجناة إلى القضاء.
5- بالنظر إلى ضرورة الحفاظ على سرّية تحقيق اللجنة، لن تقدِم هذه الأخيرة على كشف أيّ أسماء. ولن تظهر أسماء الأفراد، إلاّ في الاتهامات المستقبليّة التي سيوجّهها المدّعي العام عندما تكون الأدلّة كافية للقيام بذلك.
6- يسلّط هذا التقرير الضوء على البيئة السياسيّة والأمنيّة التي تعمل فيها اللجنة، وعلى التطوّرات الجديدة التي تمّ إحرازها والأولويّات في التحقيق في سياق عمل اللجنة، والتحدّيات التي ينطوي عليها عمل اللجنة. وأخيراً، يتطرّق التقرير إلى الخطوات التي تعتمدها اللجنة للانتقال إلى مرحلة المحكمة الخاصّة بلبنان.
2- البيئة
7- لا يزال الوضع السياسيّ في لبنان متأزّماً، على رغم المحاولات المتعدّدة لانتخاب خلف للرئيس إميل لحّود الذي انتهى عهده في تشرين الثاني 2007. وقد باءت الجهود المحلّيّة والدوليّة لحلّ هذه الأزمة بالفشل حتّى الآن.
8- في الشهور الأربعة الأخيرة، كانت اللجنة شاهدة على تدهور الوضع الأمني. وقد طاول عدد من الاعتداءات عناصر من قوى الأمن الداخلي اللبناني والمجتمع الدولي. كما أنّ الوضع السياسيّ والاقتصاديّ في البلاد أدّى إلى عدد من التظاهرات في الشارع تسبّبت باشتباكات عنيفة وإطلاق نار.
9- في 12 كانون الأول (ديسمبر) 2007، اغتيل رئيس العمليّات في الجيش اللبناني، العميد فرانسوا الحاج – الذي رقّي بعد مماته إلى رتبة لواء – وسائقه في تفجير أدّى إلى مقتل تسعة آخرين. وفي 25 كانون الثاني 2008، قتل النقيب وسام عيد – الذي رقّي إلى رتبة رائد بعد مماته - بتفجير مماثل إلى جانب خمسة ضحايا آخرين. وقد جرح 42 شخصاً في هذا الاعتداء.
10- تعرّضت قوّات يونيفيل للاعتداء للمرّة الثالثة في الأشهر التسعة الأخيرة، بتاريخ 8 كانون الثاني 2008. وبعد أسبوع، في 15 كانون الثاني 2008، قتل ثمانية أشخاص وجرح آخرون بمتفجّرة وضعت على جانب الطريق فيما كانت تمرّ سيّارة تابعة للسفارة الأميركيّة.
11- دفعت الأجواء الأمنيّة المضطربة السفارات إلى اعتماد سلسلة من الإجراءات لحماية رعاياها في لبنان، حتّى أنّها أصدرت، في بعض الحالات، تحذيرات من السفر إليه.
12- طبّقت اللجنة أيضاً إجراءات لمعالجة المسائل الأمنيّة. إلاّ أنّ استمرار الاعتداءات على المسؤولين اللبنانيّين وأعضاء المجتمع الدولي والديبلوماسي إلى جانب انطلاق التظاهرات العنيفة والاشتباكات المتفرّقة بين الفئات المتنافسة، شأنها شأن التوتّر المستمر في مخيّمات اللاجئين الفلسطينيّين تبقى مصادر قلق، وقد انعكست على حرّيّة تنقّل فريق عمل اللجنة. إلاّ أن تصاعد وتيرة العنف لم ينعكس على عزم اللجنة.
3- تطوّرات جديدة
- ممارسات جديد
13- عجّلت اللجنة وتيرة عمليّاتها. ومنذ إعداد تقريرها الأخير، زادت بأكثر من الضعف عدد طلبات المساعدة المرسلة إلى لبنان ودول أخرى، فارتفع العدد من 123 إلى 256 طلباً.
14- عملت اللجنة أيضاً على تطوير أولويّاتها في التحقيق وأعادت توزيع مواردها لدعمها، كما وضعت جدولاً زمنيّاً مراجعاً للمقابلات والمقابلات للمرّة الثانية ذات الأولويّة وتم تنفيذ إجراءات جديدة لتبسيط العمليّة.
15- بهدف تحسين فترة الاستجابة للنتائج الجنائيّة، زادت اللجنة عدد المختبرات الدوليّة التي يمكنها الولوج إليها. كما نالت حقّ الاطّلاع الفوري على قواعد البيانات المتعلّقة بالأشخاص المطلوبين والأفراد المتعتّعين بسجلّ إجرامي، والأشخاص المفقودين أو المتوفّين، والوثائق التعريفيّة والمركبات الآليّة المسروقة، فضلاً عن ملفّات الحمض الريبي النووي وبصمات الأصابع.
- تشجيع الدول على المساعدة
16- في حين أن اللجنة مستقلة بطبيعتها، إلا أنها لا تستطيع أن تعمل في الفراغ. لذا، تعمل اللجنة بالنيابة عن الدول الأعضاء ويعتمد نجاحها على مساعدتها الفعالة وفي الوقت المناسب.
17- أظهرت اللجنة مرونة متجددة على صعيد طريقة المساعدة التي يمكن أن تقدمها الدول الأعضاء. وقد التقى رئيس اللجنة السفراء وممثلي الدول الآخرين وعرض مقاربة جديدة تتعلق بالتعاون. فعوضاً عن العمل بمفردها على أساس طلبات المساعدة المعينة، سئل ممثلو الدول عن الطريقة التي تستطيع دولهم فيها دعم اللجنة وإعلامها بميادين المساعدة العامة التي تتناسب وقدراتها ومتطلبات اللجنة.
18- حصدت هذه المقاربة المرنة نتائج جيدة. وتشكر اللجنة الدول التي قدمت الخبرات أو تلك التي تسعى إلى توفير الموارد. ترى اللجنة أنه حتى عندما يتم توفير الموارد على أساس المدى القصير، يمكن ان يكون ذلك إسهاماً كبيراً في عملها. وهي بالتالي تكرر مطالبتها الدول الأعضاء بالمساعدة.
- توفير بيئة آمنة للتعاون
19- تعي اللجنة مدى أهمية الدور الذي يؤديه الشهود والمصادر الموثوق بها فيما تتقدم في تحقيقاتها، ومدى أهمية تحديد الأفراد المستعدين ليشهدوا في المحاكمات المقبلة.
20- نتيجةً لذلك، طبقت اللجنة إجراءات لفرض جو تعاون آمن لهؤلاء الأفراد ولحماية المعلومات التي تحصل عليها. كما عززت أنظمتها لحماية المعلومات الحساسة التي يقدمها الشهود والمصادر الأخرى، وطبقت استراتيجية لحماية الشهود، وهي تتكيف ومتطلبات المحكمة المقبلة وتقوم على الممارسات الفضلى المعترف بها دولياً.
4- التقدم في التحقيقات
21- تشكل السرية مفتاح كل تحقيق. خلال فترة إعداد التقرير، احترمت اللجنة واجبها في الحفاظ على سرية التحقيق لتتفادى المساومة على تقنيات التحقيق ولحماية الأشخاص والدلائل.
22- يوفر هذا الجزء نظرة شاملة حول تقدّم التحقيق في قضية اغتيال الحريري والقضايا الأخرى خلال فترة تفويض اللجنة. وستعمد إلى اللجوء إلى الحقائق التي توصلت إليها في فترة إعداد التقرير مع الأخذ في الاعتبار السرية والمخاوف الأمنية.
التحقيق في قضيّة الحريري
23- يستمرّ التحقيق في قضيّة الحريري على كل الصعد. ولقد طالت التحقيقات الاستجوابات القضائيّة والتحاليل وجمع الأدلّة، وشمل ذلك إجراء 34 مقابلة، وكان البعض منها معقّداً واستغرق وقتاً طويلاً.
24- وفي آخر تقرير لها، ذكرت اللجنة فرضيّة احتمال أن يكون بعض من منفذي الجرائم المختلفة التي يجري التحقيق فيها على اتصال ببعضهم بعضاً.
25- ويمكن للجنة أن تؤكد الآن بالاستناد الى أدلّة متوافرة، أن شبكة من الأفراد قد اتفقوا في ما بينهم لتنفيذ عمليّة اغتيال رفيق الحريري، وأن هذه الشبكة الإجراميّة المعروفة ﺒـ "شبكة الحريري" أو أجزاء منها متصلة ببعض القضايا الأخرى التي تتولى اللجنة التحقيق فيها.
26- كما جمعت اللجنة أدلّة تفيد بأن؛ 1- شبكة الحريري كانت موجودة قبل اغتيال الحريري؛ 2- كانت تراقب تحركات الحريري قبل عمليّة الاغتيال؛ 3- كانت سارية المفعول يوم اغتياله؛ 5- جزء من شبكة الحريري على الأقل استمر في الوجود والعمل بعد عمليّة الاغتيال.
27- تنحصر أولويّة اللجنة الآن في جمع مزيد من الأدلّة حول "شبكة الحريري" ونطاقها وهويّة كل المشتركين فيها وعلاقتهم بمن هم من خارج الشبكة، ودورهم في الاعتداءات الأخرى التي أظهرت التحقيقات تورّطهم فيها.
28- كما ستصب اللجنة اهتمامها على معرفة العلاقات بين "شبكة الحريري" والاعتداءات الأخرى التي تتولى اللجنة التحقيق فيها، وعلى طبيعة هذه العلاقات وإطارها في حال وُجدت.
29- كما واصلت اللجنة تحقيقاتها حول هويّة الانتحاري في قضيّة الحريري. وقارنت المعلومات القضائيّة التي وردت في التقارير السابقة بدءاً من أصل الانتحاري وخصائصه وتحركاته وصولاً الى سجلات الدخول والخروج وملفات الأشخاص المفقودين من عدّة بلدان، من أجل كشف خيوط الهويّة المحتملة للانتحاري. ووفقاً لهذه الخيوط، يتم إجراء اختبارات جانبيّة للحمض النووي للمساهمة في التعرّف الى الهويّة.
- التقدّم المحرز في التحقيقات الأخرى
30- فُوّضت اللجنة أخيراً بمساعدة السلطات اللبنانيّة في التحقيقات المتعلقة بعشرين اعتداء غير اعتداء الحريري. كما أن التحقيقات في القضايا الأخرى تدعم أيضاً التحقيق في قضيّة الحريري.
31- ومنذ تقريرها الأخير، طلب مجلس الأمن إلى اللجنة مساعدة السلطات اللبنانيّة في التحقيق في الاعتداءات التي استهدفت اللواء فرانسوا الحاج والرائد وسام عيد. ونتيجة لذلك، سيشمل تفويض اللجنة، بالإضافة الى التحقيق في عمليّة اغتيال الحريري، تحقيقات في نوعين من الاعتداءات: 11 "اعتداء مستهدفاً" على السياسيين والصحافيين والمسؤولين الأمنيين، و9 "اعتداءات غير مستهدفة" تتعلق بالتفجيرات في الأماكن العامة.
32- حتى الآن، أمّنت اللجنة المساعدة في التحقيقات الأخرى وذلك في مجالات التحليل الجنائي، إجراء المقابلات، خلق إعادة حياكة الجريمة وتشكيل مسرح جريمة ثلاثي الأبعاد، تحليل الاتصالات، تحديد أوقات تحركات الضحايا، جمع الصور ومراجعتها إضافة الى تحليل عمليات إرسال البريد الإلكتروني. كما أطلقت اللجنة ذلك مشروعاً من أجل إعداد مسودات معيارية على الكومبيوتر ذات صلة بالتحقيقات.
33- تتابع اللجنة أيضاً التحقيق في ارتباط هذه الحالات بقضية اغتيال الحريري وقد تم تلخيص ما تحقق من تقدم في هذا الإطار في وقت سابق من هذا التقرير. خلال فترة إعداد التقرير، أجريت 58 مقابلة كجزء من المساعدة التقنية التي يتم توفيرها الى السلطات اللبنانية في هذه القضايا، بما فيها ضمناً التحقيق في ارتباطها بقضية الحريري.
34- كما دققت اللجنة في الدلائل المادية كافة التي وجدت في مسارح جرائم الاعتداءات المستهدفة، بما فيها ضمناً لوحات الرخصة والأجزاء المحتملة المتبقية من الأجهزة المتفجرة. يخضع ثمانية وخمسون دليلاً حالياً للمزيد من التحاليل الشرعية (الحمض النووي، بصمات الأصابع، المتفجرات، علامات الأدوات، الدهان والمعدن) في مختبرات دولية وسيتبع ذلك تقارير تُقارن فيها مقارنة النتائج في كلّ تحقيق مع نتائج التحقيق في قضية الحريري.
35- وكذلك قامت اللجنة وفي شكل موقت بنقل الموارد الى القضيتين الجديدتين بغية انتهاز فرصة جمع أدلة جديدة من مسرحي الجريمتين هاتين وإجراء المقابلات مع الشهود بينما لا يزالون يتذكرون بسهولة مجريات الأحداث.
- مقتل اللواء فرنسوا الحاج
36- عند الساعة 07:06 من نهار الأربعاء الواقع فيه الثاني عشر من كانون الأول (ديسمبر) 2007، تم تفجير قنبلة موضوعة في موقف للسيارات بينما كانت تمرّ سيارة اللواء فرنسوا الحاج، مدير العمليات في الجيش اللبناني، ما أدى الى مقتل الحاج وسائقه. بعد يومين على الحادث، دُعيت اللجنة من قبل مجلس الأمن الى تقديم المساعدة الفنية الى السلطات اللبنانية للتحقيق في هذا الاعتداء.
37- أجرى خبراء شرعيون دوليون يعملون لدى اللجنة تحقيقاً شرعياً على مدى أسبوع لمسرح الجريمة بالتعاون مع السلطات اللبنانية، إضافة الى تحقيق في المنطقة المجاورة لمحلّ إقامة الحاج. كما جُمع 112 دليلاً مادياً، يخضع معظمها للتحليل في مختبر دولي.
38- التحاليل جارية لتأكيد النتائج الأولية لأداة التفجير المصورة ومن أجل تحديد نوع المتفجرات المستعملة في الاعتداء وكميتها.
39- عند الساعة 9:54 من يوم الجمعة 25 كانون الثاني (يناير) 2008, استهدف انفجار في منطقة مزدحمة من بيروت الرائد وسام عيد, رئيس القسم الفني في فرع المعلومات التابع لقوى الأمن الداخلي. وأدى هذا الاعتداء إلى مقتل عيد وسائقه وأربعة آخرين. وبعد ستة أيام، في 31 كانون الثاني (يناير) 2008, دعا مجلس الأمن اللجنة إلى توفير المساعدة الفنية في التحقيق.
40- عاين الخبراء الجنائيون الدوليون الذين يعملون لمصلحة اللجنة ساحة الجريمة طوال ستة أيام بالتعاون مع السلطات اللبنانية. وتم جمع 136 دليلاً يجري تحليل معظمها حالياً في مختبر دولي.
41- على رغم ان التحقيق في هذا الاعتداء لا يزال في مرحلة أولية, تمكّنت اللجنة حتى الآن من عزل مواصفات حمض نووي ذات صلة. كما تشير النتائج الأولية التي توصل إليها الخبراء إلى ان نوع المتفجرات المستعمل في هذا الهجوم كان "تي. أن. تي." و "آر. دي. أكس.".
42- علاوة على العمل الجنائي, أجرت اللجنة سلسلة من المقابلات من أجل تحديد تنقلات عيد الروتينية وتحركاته المنتظمة، والتنقلات الخاصة به في الأسابيع التي سبقت مقتله، إضافة إلى مواصفاته المهنية, بما في ذلك العمل الذي كان يجريه ومستوى علنية هذا العمل. كما ركَّزت المقابلات على جمع عمليات المراقبة من الأفراد الذين كانوا حاضرين في ساحة الجريمة ومن المنطقة المجاورة في أوقات ذات صلة بالهجوم.
43- وفي القضايا الجديدة, تعمل اللجنة على مواصفات للضحية المستهدفة والدوافع المحتملة للهجوم. كما انها تحقِّق في الصلات مع هجمات أخرى استهدفت أشخاصاً, ومن بينها الهجوم الذي استهدف الحريري.
5- التعاون مع سلطات محلية ودولية
- السلطات اللبنانية
44- تواصل اللجنة إقامة اتصال منتظم, والتفاعل عن كثب مع السلطات اللبنانية في مسائل ذات صلة بالتحقيقات التي تجريها, وفي مسائل مرتبطة بأمن اللجنة وفريق عملها. ولا تزال اللجنة تتمتع بالتعاون الوثيق والمشترك مع هذه السلطات التي ذُكرت في التقارير السابقة.
45- لا يزال المدعي العام في لبنان المحاور الرئيسي مع اللجنة. وتواصل اللجنة الاجتماع معه ومع فريق عمله يومياً تقريباً من أجل متابعة العدد المتزايد من طلبات المساعدة المقدمة إليه. كما عقد المفوَّض المزيد من اللقاءات الثنائية مع المدعي العام لإبقائه على اطّلاع على أنشطة اللجنة والتقدم الذي تحرزه.
46- كما عقدت اللجنة لقاءات مع قاضي التحقيق في قضية الحريري, وقدَّمت عرضاً مفصَّلاً عن النتائج الجنائية التي توصَّلت إليها إلى قاضيي التحقيق في قضيتي الحاج وعيد.
47- في ظل استمرار التحقيق, تتقاسم اللجنة مع السلطات اللبنانية المختصة مواد كل المعلومات ذات الصلة التي تحصل عليها, من دون تعريض مصدر هذه المعلومات للخطر, لتمكينها من إجراء تقويم مستقل للأدلة التي تم الحصول عليها حتى الآن, والعمل وفقاً لهذا التقويم, بما في ذلك ما يتعلق بالتوقيف.
48- تواصل اللجنة التعبير عن شكرها العميق لقوى الأمن اللبنانية على دعمها ومساعدتها الكبيرين والفعالين في حماية فريق عمل اللجنة ومقر عملها, اللذين من دونهما كان تعذَّر على اللجنة مواصلة عملها.
- سورية
49- منذ التقرير الأخير, تقدَّمت اللجنة بثمانية طلبات مساعدة إلى الجمهورية العربية السورية (سورية). وواصلت سورية التجاوب مع هذه الطلبات خلال مدة زمنية ملائمة، كما سهَّلت, خلال هذه الفترة, مهمة بعثة واحدة إلى سورية.
50- تقرّ اللجنة بالترتيبات اللوجستية والأمنية التي أجرتها السلطات السورية لبعثة اللجنة إلى هذا البلد. ولا يزال التعاون الذي تقدِّمه السلطات السورية مُرضياً بصورة عامة.
51- وستواصل اللجنة طلب التعاون الكامل من سورية في إجراء تفويضها.
- دول أخرى
52- من أصل 256 طلب مساعدة أصدرتها اللجنة خلال فترة إعداد التقرير, أُرسل 28 طلباً إلى 11 دولة عضواً، غير لبنان وسورية.
53- أجابت الدول الأعضاء إيجاباً على طلبات اللجنة, ومعظمها خلال مدة زمنية ملائمة. يشار إلى ان الإجابات على طلبات المساعدة, المرسلة في الوقت المناسب, ضرورية للغاية من أجل تقدُّم التحقيق.
- التحديات
54- إضافة إلى التحديات المرتبطة بالمناخ السياسي والأمني العام, لا بدّ من ان تتجاوز اللجنة تحديات أخرى في عملياتها اليومية.
55- على مر السنين, أضيف عدد من القضايا إلى تفويض اللجنة من دون زيادة متناسبة في الموارد, ما زاد الضغوط على فريق العمل ومهمته. وأُضيفت ست قضايا جديدة إلى تفويض اللجنة منذ تشرين الثاني (نوفمبر) 2006, من دون أي موارد إضافية لمجاراة هذا الحجم الزائد من العمل. ولا يزال عدد المحققين والمحللين أقل بكثير مما يجب ان يكون عليه في تحقيقات مماثلة.
56- إضافة إلى ذلك, لا بدّ من تكييف طرق التحقيق التقليدية مع البيئة الحالية. على سبيل المثال, إن التدقيق الشديد في تحركات المحققين في اللجنة, في ظل المناخ الأمني السائد, قد يعيق قدرتهم على العمل في شكل سري. علاوة على ذلك, يؤثر بعض المسائل على غرار قدرات الشهود والمحققين اللغوية, والفوارق الثقافية, والمخاوف الأمنية, على مسار إجراء المقابلات.
7- المرحلة الانتقالية
- الاجراء المتبع
57- بعد اعتماد مجلس الأمن القرار 1757 (2007) الذي يقضي بإنشاء المحكمة الخاصة بلبنان، واستناداً إلى التقرير الأخير الذي رفعه الأمين العام بموجب هذا القرار (S/2008/173)، ما زالت الاستعدادات الخاصة بالانتقال من لجنة التحقيق إلى مكتب المدعي العام للمحكمة مستمرة. وسيسمح كون المفوض والمكلّف منصب المدّعي العام شخصاً واحداً، بضمان انتقال منسق بين المؤسستيْن.
58- وعندما يتسلم المدعي العام مهماته، يراجع المواد كافةً التي رفعتها اليه اللجنة والقضاء اللبناني. وبعد المراجعة، قد يطالب بفتح تحقيقات إضافية قبل أن يقتنع بأن البراهين المعترف بها كافية لتبرير توجيه الاتهام. عندها فقط، يوجه اتهاماً يكتسب شرعيته من موافقة قاضي التحقيق. والتجربة أكبر برهان على أنّ هذه العملية تتطلب وقتاً وليست فورية.
- الخطوات التحضيرية
59- يتم تحضير البيانات الإلكترونية والوثائق المتوفرة والبراهين المادية التابعة للجنة، كي تنقل إلى مكتب المدعي العام للمحكمة الخاصة بلبنان. وضمن هذه التحضيرات، تنظيم النقل المادي للإثباتات بحسب المعايير الدولية القابلة للتطبيق.
60- احتجزت اللجنة كل الموجودات التي عثر عليها في مواقع مختلفة ذات صلة بالتحقيق في مقتل الحريري، وتقوم بجردها. كما تتعاون اللجنة مع المدعي العام وقاضي التحقيق في جريمة اغتيال الحريري، تحضيراً لنقل ما تملكه السلطات اللبنانية من وثائق ومستندات، إلى المحكمة.
61- تثير المرحلة الانتقالية مسائل قانونية غير مختبرة تقع على مفترق طرقٍ من القانون الجنائي الدولي والقانون الجنائي اللبناني.
8- الخاتمة
62- ينبغي أن يستمر تحقيق اللجنة باتباع سلسلة الوقائع والبراهين دون سواها. ولا يمكن أن تستند نتائجه الى الاشاعات أو الافتراضات، بل على براهين موثوقة يتم الاعتراف بها قبل إنشاء المحكمة.
63- ينبغي السماح للعدالة بمتابعة مجراها. ومع استمرار التحضيرات للمحكمة الخاصة بلبنان، تبقى اللجنة ملزمة بإحقاق العدل بكل فعالية وعزم.
* نقل نص التقرير إلى العربية قسم الترجمة في "دار الحياة".
No comments:
Post a Comment