Almustaqbal - Error of the victims' lawyer in Hariri case, June 29, 2007.
الحملة السياسية على كتاب مطر تقع في سياق الحملة التهويلية المتماديةلإبعاد أهل الضحايا عن ملف أصبح بعهدة المحكمة الدولية
قراءة في طلب رد عيد بالمقارنة مع سلوكية "فريق الموقوفين"
المستقبل - الجمعة 29 حزيران 2007 - العدد 2658 - شؤون لبنانية - صفحة 2
فارس خشّان
أخطأ المحامي محمد فريد مطر في توجيه كتاب، وفق الأصول القانونية، الى الرئيس الأول لمحاكم الاستئناف في بيروت القاضي جهاد الوادي يعرض فيه طلب رد القاضي الياس عيد المحقق العدلي في قضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، عارضا الأسباب التي يراها مؤيدة لهذا الاتجاه.أخطأ مطر. هذا ما يمكن استشرافه من الحملة العنيفة التي تولتها "جوقة الفريق السوري ـ الايراني"، على هذا الطلب. لم يكن عليه ان يكاشف القضاء، باللغة التي يفرضها القانون، بما يعتري من شك موجع يقين موكليه اصحاب الدماء الزكية التي روت طريق "سان جورج". كان عليه أن يتّبع الأسلوب نفسه الذي تسلكه هذه الجوقة، بحيث لا يعرض معطياته على القضاء المختص بل يجعل منها أحكاما صارمة تُطلقها الوسائل الاعلامية بداية قبل أن يتبناها "سياسيو الدرجة الثانية وما دون"، في تمهيد ليفجرها إدانة مدوية "القائد الأول".أخطأ مطر. في هذا الزمن الانقلابي ممنوعة لغة القانون وجائزة حصرا منهجية جميل السيد وأريحية نجاح واكيم واستقامة وئام وهاب. إن وردتك شائعة عليك أن تتعاطى معها على أساس أنها فضيحة، فليس عليك أن تعرضها على المرجع الصالح لنفيها أو تأكيدها أو تصحيحها. إن صدرت معلومة عن عدوك، ممنوع عليك أن تحيلها على مرجعية التدقيق، بل عليك أن ترفعها عاليا لتُطلق إدانتك القاطعة، على اعتبار ان عدوك يعمل في خدمة نظافة مؤسساتك وفي خانة تحصين استقرارك وفي سياق القلق الكبير على وحدتك. وإن بادر أحد وأخطأ في حقك، في لحظة إنسانية حرجة، فليس عليك سوى ان تفتعل ديكورا تراجيديا لاستدعاء ردات فعل "إغتيالية" بحق من "اقترف الخطأ".أخطأ مطر. كان عليه أن يرسل طارق العرب وزينة طراف وإحسان ناصر وسعد الدين درويش الى الشاشات والإذاعات والصحف، ليذرفوا دموع الحرقة التي لن تبردها سوى معرفة حقيقة أولئك الذين انقضوا وحوشا كاسرة على أجساد أحبتهم الذين استشهدوا برفقة الرئيس رفيق الحريري في الرابع عشر من شباط 2005. كان عليه أن يعلّمهم كيف يخلطوا الدمعة التي ولدت من رحم الإجرام بالشتيمة على المحقق اللبناني الذي يتولى ملفهم. كان عليه أن يدرّبهم على استغلال أجنحة الحرقة المؤثرة لتأليب الرأي العام على قاض، بسبب معلومات تحتاج الى تثبيت قضائي، وردت من هنا وهناك. كان عليه أن يطلب تشكيل دائرة شائعات ملحقة بمجموعة الإدعاء الشخصي من أجل إطلاق الروايات المفبركة أو المضخمة أو المُحرّفة، إستهدافا للقاضي اللبناني المعني بقضيتهم.أخطأ مطر. كان عليه أن يستعين بخبرة النظام الأمني اللبناني ـ السوري المديدة، لا أن يعود الى كتاب القانون العريق، ففي زمن استدعاء شريعة الغاب لا قيمة للتشريع. هو زمن الفجور وليس زمن الحق. هو زمن السخرية على الشهداء وليس زمن تخليدهم. هو زمن البكاء على القاتل وليس زمن البكاء على الضحية. هو زمن الشائعة المقدسة وليس زمن التدقيق الموضوعي. هو زمن إطلاق الأحكام المبرمة وليس زمن التحقيق الهادئ.أخطأ مطر، وعليه أن يتحمّل التبعات هو وكل من وكّله، لأن ما أقدم عليه هو تجاوز لخط أحمر جديد سبق ورسمه صاحب اللون وماسك الريشة وحامل الأختام الإلهية.أخطأ، لأن طلب الرد يستحيل، وفق ما تقتضيه المصلحة الاستراتيجية لفريق الموقوفين، ان يسلك طريقه القانونية الهادئة تحت أبصار قضاة مطمئنين الى وضعيتهم، على اعتبار ان هذا الطلب من شأنه أن يُطيح بجهود كبيرة ومكلفة ومضنية استمرت أشهرا وربما سنوات.أخطأ مطر، لأنه للمرة الأولى منذ مدة طويلة أثبت ان لأهل الشهداء أنيابا قانونية يمكنها ان تشيح الأنظار عن الأنياب الارهابية التي لم يبخل فريق الموقوفين يوما في إظهارها.كان على مطر ألا يقول إنه يعرف حجم ضغوط الترغيب والتهديد التي يتعرض لها القضاة المعنيون في قضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ولا أسماء الجهات الضالعة بها ولا الشخصيات التي تتولاها. وكان عليه أن يتجاهل حقوق المدّعين في أن يتساووا بالمعرفة مع فريق المدعى عليهم، وكان عليه أن يرضخ لما يتم ترداده هنا وهناك عن توافر إمكانية الإفراج عن بعض الموقوفين على قاعدة "لا يموت الديب ولا يُفنى الغنم"، وذلك في لحظة مثيرة للشك الكبير، لأن هذه اللحظة لم تحن إلا بعد صدور القرار 1757، وكأن كل الحقائق كانت خافية منذ آخر آب 2005 وظهرت دفعة واحدة، بحيث أصبح حسام طاهر حسام بمتناول القضاء ويمضي سجنا بتهم شهادة الزور، كما أن مذكرة التوقيف الغيابية بحق محمد زهير الصديق بتهمة الاشتراك بالجريمة قد استبدلت بمذكرة بجرم تضليل التحقيق، وكما أن هناك اسم شاهد وصل الى علم فريق الموقوفين نجا من تهم الخيانة هنا والفساد هناك والتشهير في كل مكان.أخطأ المحامي مطر، لأنه بدا أعمى وأصم، بحيث تجاهل كل ما فعله الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله لإعطاء صدقية عالية لمساعي الإفراج عن الجنرالات الأربعة من السجن، فسعى الى إثبات حق الضحايا على حساب الحرية المرجوة للمشتبه بأنهم جزء لا يتجزأ من الاغتياليين. ألم يقف نصرالله ويتحدث عن "مظلومية جنرالات الحقبة التي يحن اليها"؟، ألم يطلب من القضاة أن يُقدموا الإثبات على أنهم مع "المقاومة" وليسوا حفنة من الخونة؟، ألم يقدّم نصرالله بذلك الرجولة المطلوبة الى ذاك "المستشار القانوني" الذي يرسله اميل لحود الى القاضي عيد، عبر التلفون حينا والى منزله في أحايين كثيرة؟، ألم يؤكد بذلك ما يقوله محامو الجنرالات وذووهم لعيد بأنهم ليسوا بلا سند أو بلا أسنان؟، ألم تزدد منذ ذلك الحين مخاوف القاضي عيد الأمنية؟، ألم تفتر شفتاه عن المخاوف التي تعتمل في نفسه؟، ألم يأت إليه من يُقنعه بسلوك جادة الحكمة، فالملف سيخرج من يده الى النيابة العامة لدى المحكمة الدولية ولكن ما سوف يدخل بقوة اليه هو خطر الموت؟، أليس المطلب المعزز بالتهديد الذي لا يُرد فيه الكثير من "ثوابت الإقناع"؟، لا بل أليس في كل ذلك الكثير مما يدعو الضحية الى أن تخشى من اغتيال ثان؟.أخطأ المحامي مطر، لأن سلوكه الدرب القانونية يمكنه أن يفضح سلوكيات فريق الموقوفين، هل يعقل ان يعتمد عريضة للحديث عن مسألة بهذه الحساسية، في حين أن "حزب الله" يتوسل التخوين والشتم والتعرية الأخلاقية لمسائل يمكن اعتبارها ـ على سبيل المقارنة إن لم يكن على سبيل الإطلاق ـ تافهة. ألم يسمع ما قاله هذا الحزب في بيان له في منتصف حزيران الحالي عن القضاء اللبناني لغة وتهديدا مبطنا؟. يومها وبمناسبة مسألة تتصل بملف عابر قال الحزب: "ان هذه القضية كشفت عن الانحطاط الاخلاقي على المستويين السياسي والقضائي وعن تحول بعض القضاة الفاسدين إلى أدوات قذرة بيد سياسيين قذرين مما الحق أبلغ الإساءة بالبقية الباقية القليلة من النزاهة في الجسم القضائي. لقد سقط المرشح في امتحان النزاهة، وكان فريقه قد سبقه بالسقوط في امتحان الوطنية. وسقط معه الساكتون عن الحق، حيث لا عذر للساقطين".أخطأ المحامي محمد مطر، لأنه بتوسل لغة القانون إضطر أولئك الذين هللوا، لبيان "حزب الله" ولتقارير لحود المزورة ولخطب نصرالله، الى اتهامه بأنه أهان القضاء وتدخل في شؤونه.على أي حال شكرا لمحمد فريد مطر على خطئه فهو به فضح خطايا يستحيل ان تُغتفر.
No comments:
Post a Comment