Almustaqbal - Hariri Court for Truth and Justice in Lebanon, June 18, 2007.
المحكمة من أجل الحقيقة والعدالة ومن أجل لبنان
المستقبل - الاثنين 18 حزيران 2007 - العدد 2647 - مساحة حرة - صفحة 9
عاصم علي حسين(*)
كلما سمعوا كلمة محكمة دولية، أو ذات طابع دولي، طار صواب الذين تحت إبطهم مسلّة، وسارع الخائفون من الحقيقة والعدالة إلى حملة هوجاء من الإرهاب الأعمى مترافقة مع حملة إعلامية "وطنية ـ ثورية" تقول لنا: ولماذا لا يُحاكم العدو الصهيوني؟ ولماذا لا نتذكر قضية الرئيس رشيد كرامي؟ ولماذا لا نحاكم شارون أو أولمرت أو بيريز؟ وأين ذهبت دماء قانا وصبرا والرمل العالي؟ وهل دماء الحريري أو غيره أغلى من دماء أطفالنا؟! "قتل امرئ في غابة جريمة لا تغتفر، وقتل شعب آمن مسألة فيها نظر"!! إلى آخر ما في جعبتهم من كلام، كله حق، ولكن يُراد به باطل.نعم، كله حق، لأن دم أي شهيد، أي طفل بريء، أي أمّ، أي كهل، أية دمعة، أي أسى، وتاريخ كل صراعنا المرير مع هذا العدو المجرم المتوحش، ليستحق أكثر من ألف محكمة ومحكمة، نعم هذا هو حق وهذا عدل، ولكننا نعرف القاتل المجرم، ونحن نقاتل ضده، فنقتله ويقتل منا، وسنظل نقاتله ونقاومه حتى تتحقق العدالة، فيعود شعب فلسطين إلى أرضه ووطنه يقيم دولته الحرّة المستقلّة وعاصمتها القدس.. وسنظل نؤلب الرأي العام الدولي ضد هذا العدو الغاصب المحتل.. من محكمة العدل الدولية في لاهاي، إلى الجمعيات العمومية للأمم المتحدة، إلى مجلس الأمن، إلى منظمة العفو الدولية، إلى كل زاوية وركن نستطيع أن نصرخ فيها طلباً للحق وللعدل، فالمجرم القاتل معروف.. والقرارات الدولية ضده لا تُعد ولا تحصى وكلها تدعو إلى احترام حقوق شعب فلسطين وشعب لبنان والشعوب العربية، وإلى تطبيق العدالة الدولية، وكلها وقفت ضد احتلال العراق، وكلها وقفت ضد جدار الفصل العنصري.. وإن نسي البعض فالمحكمة الدولية وقفت إلى جانب المسلمين والمستضعفين في كوسوفو وفي البوسنة والهرسك، وفي سيراليون، وفي رواندا، وفي دارفور.. وفي غوانتانامو، وأبو غريب.. أما العجز عن التنفيذ فسببه نحن.. نعم نحن ضعفنا وعجزنا وانقسامنا كعرب، وتآمر حكامنا ضد التضامن العربي، وأبرز قوى التآمر منذ حرب حزيران 1967 وأولها هو النظام السوري، نعم الحقيقة واضحة معروفة، والعدالة واضحة معروفة.. وما علينا سوى التضامن لفرض تنفيذ الحقوق الشرعية لشعب فلسطين والشعوب العربية، ضمن سياسة عربية موحّدة، نعرف مَن يقف ضدها ومَن يعرقلها ويعترض طريقها: حزب البعث بشقيه السوري والعراقي، وهما كانا نكبة الأمة العربية، وبعدهما تأتينا أنظمة الهرولة نحو التطبيع، وعار القواعد العسكرية الأميركية، أنظمة العلم الإسرائيلي يرفرف في عاصمتها وأميرها لا يحلو له منام إلا على شواطئ تل أبيب، لتعطينا دروساً في المقاومة والوطنية وفي الحقيقة والعدالة والديموقراطية، فيا عيب الشوم.أما وضع المحكمة الخاصة بقتلة الرئيس الحريري وشهداء استقلال لبنان في مقابل محاكمة العدو الصهيوني فهو اعتراف بالقتل.. وكأن القاتل يقول لنا: واحدة بواحدة.. يريدون تضييع محكمتنا بحجّة أن المجتمع الدولي لا يحاكم إسرائيل أو انه يتساهل معها، فبربكم ماذا يعني هذا الكلام؟ أو كأن يأتي أحدهم ويقول لنا: "ولماذا لم تعقدوا محكمة خاصة بقضية الامام الصدر؟". نعم نسأله هو: لماذا؟ لماذا، ومنذ العام 1978، لم تفكر بهذا؟ لماذا لم تنفذوا أنت وصاحبك الآخر اقتراح الإمام شمس الدين بتحويل القضية إلى محكمة العدل الدولية؟ لماذا لم تحملها الحكومات المتعاقبة للرئيس سليم الحص منذ العام 1978، ولم تتابعها حتى؟ وأين صارت القضية اليوم؟ ولماذا لا ندعو إلى لجنة تحقيق دولية ومحكمة دولية لها؟ هل سكتنا نحن عن قضية الامام الصدر حتى نقايض عليها هذه بتلك؟؟.ثم يأتيك آخر متحدثاً عن جريمة اغتيال الرئيس رشيد كرامي.. وأيضاً يقول لك: واحدة بواحدة.. نفس المقايضة.. يا للهول.. يا عيب الشوم.. لماذا هذا العهر؟ لقد اغتيل الرئيس كرامي أثناء الحرب الأهلية، هو وغيره من قادة لبنان الكبار: كمال جنبلاط، موسى الصدر، بشير الجميّل، رينيه معوّض، حسن خالد، صبحي الصالح، محمد شقير، سليم اللوزي، ناظم القادري، رياض طه، موسى شعيب، داوود داوود.. كما اغتيل وقُتل أكثر من 150 ألف لبناني، منهم الآلاف في الضاحية واقليم التفاح على يد حركة أمل وحزب الله، وفي طرابلس والمخيمات الفلسطينية على يد حلفاء سوريا الأشاوس، وفي بيروت والجبل على يد القائد الملهم ميشال عون، والقائمة تطول.. وجاء اتفاق الطائف وتلته التعديلات الدستورية (الدستور الجديد) وقانون العفو. وطويت صفحة الحرب الأهلية، ثم جاء مَن فتح لنا ملف الدكتور سمير جعجع بعد مجزرة كنيسة سيدة النجاة (لماذا لم نطالب لها بلجنة تحقيق دولية ومحكمة خاصة؟ أم ان دماء ضحاياها لا تستحق؟ أم اننا نعرف القاتل؟).. وحوكم سمير جعجع على يد العدالة العرجاء الشوهاء التي نعرف وتعرفون.. وسُجن وخرج من السجن بعد احد عشر عاماً، وبقانون عفو آخر أقرّه مجلس النواب وعاد مع ميشال عون من المنفى (أم نسينا أنه أيضاً مطلوب للعدالة ومتهم بألف تهمة وتهمة). وبعيداً عن السجال العقيم إن كان جعجع هو مَن أمر بقتل الرئيس كرامي أم لا، إلا انه على الأقل سُجن أحد عشر عاماً. ولكننا نعود فنسأل الرئيس عمر كرامي: ألم يكن يعرف هذه الأمور حين شكّل حكومته وسمّى فيها سمير جعجع عضواً أصيلاً؟؟ فهل هانت دماء الرشيد يومها إلى هذا الحد؟.إذن وباختصار: إن أردتم فتح ملفات الحرب الأهلية فلتفتح كلها بلا استثناء ووفق معايير الحقيقة والعدالة فقط! ولا شيء غير الحقيقة والعدالة!. ولتتشكل محكمة تاريخية خاصة بالحرب الأهلية لكي تشفي القلوب والعقول وتحقق العدالة كمقدمة فعلية للمسامحة وللعفو وللمصالحة الحقيقية..أما ما سوى ذلك فهو دجل وعهر.. نعم للأسف، دجل وعهر لإخفاء الحقيقة وتضليل العدالة.. تماماً كما حاولوا أولاً خلق قصة ابو عدس.. أم أنهم نسوا ان العدو الصهيوني، أو "القاعدة" (والله احترنا) هم مَن قتل الحريري ورفاقه؟ أم أنهم نسوا أنهم يوماً قالوا ورددوا ان سعداً قتل أباه؟ أو أن قوى 14 آذار تغتال قياداتها؟ أو أن جورج حاوي قُتل لأسباب شخصية؟ أو ان سمير قصير قتلته غيرة نسائية؟ ثم عادوا فنسوا كل ذلك حين وزعوا الحلوى ورقصوا لمقتل جبران تويني (وعلقوا مشاركتهم في الحكومة)، ثم لمقتل بيار الجميّل؟، بالله عليكم احترنا..نحن نريد المحكمة من أجل الحقيقة والعدالة، نريد أن يعرف العالم مَن هو الذي يقتل أحرار لبنان (بمن فيهم الرئيس كرامي وشهداء سيدة النجاة)، نريد أن يتوقف القتل الجبان والإرهاب الخسيس.نريد أن تتوقف عقلية الاغتيال وذهنية التكفير.. نريد أن يعيش جميع اللبنانيين بأمن وأمان لا يعكر صفوهم متفجرات، أو "فتح اسلام"، أو قتل واغتيال. نريد أن نؤسس لمرحلة جديدة نطوي فيها فعلاً صفحة الحرب الأهلية، ونطوي فيها فعلاً صفحة المخابرات وصفحة رستم غزالة وجامع جامع وصفحة فندق البوريفاج وعنجر وزنزانات الارهاب وصفحة شاكر العبسي وصفحة سيدة النجاة و"عين علق" وكل صفحات الرعب والارهاب التي عشناها وما زلنا نعيشها والتي يهددوننا بها كل يوم، لذلك نريد المحكمة.نعرف ان القاتل لن تردعه محكمة، وهو لن يرعوي عن التمادي في عهره ودمويته وفاشيته، محميا بأصحاب الألسن الحادة والوجوه المتلوّنة، ولكننا نقول لهم: اننا نقدّس الحق والعدل (وهما من أسماء الله الحسنى، أم أنكم نسيتم أيضاً؟) ونريد أن تقوم دولة الحق والعدل ومؤسسات الحق والعدل وثقافة الحق والعدل.. نحن نقدّس الانسان (الذي كرّمه الله وخلق الدين لأجله وليس العكس) وحرية الانسان وكرامة الانسان.. فلا نعود قطيع ماعز يُساق إلى الذبح ساعة يشاء المجرمون القتلة الذين هم في غيهم يعمهون وفي غدرهم يحتمون، نعم دم أطفال قانا وصبرا وصور والنبطية والرشيدية وطرابلس وكل بلدة وقرية في لبنان وفلسطين والجولان وسيناء أمانة في أعناقنا إلى أن تقوم الساعة، ويزهق الباطل.. ولذلك نقول: انها المحكمة: بداية الحقيقة والعدالة. والباقي مرهون بشعب لبنان وبالشعوب العربية، لكي تواصل السير على طريق الحق والعدل والكرامة والحرية والديموقراطية لهذه الأوطان التي هدها القهر والطغيان وانتزع روحها حكم المافيا والهوان، ولله في خلقه شؤون، فلا حول ولا قوة إلا بالله.(*) كاتب وإعلامي
المستقبل - الاثنين 18 حزيران 2007 - العدد 2647 - مساحة حرة - صفحة 9
عاصم علي حسين(*)
كلما سمعوا كلمة محكمة دولية، أو ذات طابع دولي، طار صواب الذين تحت إبطهم مسلّة، وسارع الخائفون من الحقيقة والعدالة إلى حملة هوجاء من الإرهاب الأعمى مترافقة مع حملة إعلامية "وطنية ـ ثورية" تقول لنا: ولماذا لا يُحاكم العدو الصهيوني؟ ولماذا لا نتذكر قضية الرئيس رشيد كرامي؟ ولماذا لا نحاكم شارون أو أولمرت أو بيريز؟ وأين ذهبت دماء قانا وصبرا والرمل العالي؟ وهل دماء الحريري أو غيره أغلى من دماء أطفالنا؟! "قتل امرئ في غابة جريمة لا تغتفر، وقتل شعب آمن مسألة فيها نظر"!! إلى آخر ما في جعبتهم من كلام، كله حق، ولكن يُراد به باطل.نعم، كله حق، لأن دم أي شهيد، أي طفل بريء، أي أمّ، أي كهل، أية دمعة، أي أسى، وتاريخ كل صراعنا المرير مع هذا العدو المجرم المتوحش، ليستحق أكثر من ألف محكمة ومحكمة، نعم هذا هو حق وهذا عدل، ولكننا نعرف القاتل المجرم، ونحن نقاتل ضده، فنقتله ويقتل منا، وسنظل نقاتله ونقاومه حتى تتحقق العدالة، فيعود شعب فلسطين إلى أرضه ووطنه يقيم دولته الحرّة المستقلّة وعاصمتها القدس.. وسنظل نؤلب الرأي العام الدولي ضد هذا العدو الغاصب المحتل.. من محكمة العدل الدولية في لاهاي، إلى الجمعيات العمومية للأمم المتحدة، إلى مجلس الأمن، إلى منظمة العفو الدولية، إلى كل زاوية وركن نستطيع أن نصرخ فيها طلباً للحق وللعدل، فالمجرم القاتل معروف.. والقرارات الدولية ضده لا تُعد ولا تحصى وكلها تدعو إلى احترام حقوق شعب فلسطين وشعب لبنان والشعوب العربية، وإلى تطبيق العدالة الدولية، وكلها وقفت ضد احتلال العراق، وكلها وقفت ضد جدار الفصل العنصري.. وإن نسي البعض فالمحكمة الدولية وقفت إلى جانب المسلمين والمستضعفين في كوسوفو وفي البوسنة والهرسك، وفي سيراليون، وفي رواندا، وفي دارفور.. وفي غوانتانامو، وأبو غريب.. أما العجز عن التنفيذ فسببه نحن.. نعم نحن ضعفنا وعجزنا وانقسامنا كعرب، وتآمر حكامنا ضد التضامن العربي، وأبرز قوى التآمر منذ حرب حزيران 1967 وأولها هو النظام السوري، نعم الحقيقة واضحة معروفة، والعدالة واضحة معروفة.. وما علينا سوى التضامن لفرض تنفيذ الحقوق الشرعية لشعب فلسطين والشعوب العربية، ضمن سياسة عربية موحّدة، نعرف مَن يقف ضدها ومَن يعرقلها ويعترض طريقها: حزب البعث بشقيه السوري والعراقي، وهما كانا نكبة الأمة العربية، وبعدهما تأتينا أنظمة الهرولة نحو التطبيع، وعار القواعد العسكرية الأميركية، أنظمة العلم الإسرائيلي يرفرف في عاصمتها وأميرها لا يحلو له منام إلا على شواطئ تل أبيب، لتعطينا دروساً في المقاومة والوطنية وفي الحقيقة والعدالة والديموقراطية، فيا عيب الشوم.أما وضع المحكمة الخاصة بقتلة الرئيس الحريري وشهداء استقلال لبنان في مقابل محاكمة العدو الصهيوني فهو اعتراف بالقتل.. وكأن القاتل يقول لنا: واحدة بواحدة.. يريدون تضييع محكمتنا بحجّة أن المجتمع الدولي لا يحاكم إسرائيل أو انه يتساهل معها، فبربكم ماذا يعني هذا الكلام؟ أو كأن يأتي أحدهم ويقول لنا: "ولماذا لم تعقدوا محكمة خاصة بقضية الامام الصدر؟". نعم نسأله هو: لماذا؟ لماذا، ومنذ العام 1978، لم تفكر بهذا؟ لماذا لم تنفذوا أنت وصاحبك الآخر اقتراح الإمام شمس الدين بتحويل القضية إلى محكمة العدل الدولية؟ لماذا لم تحملها الحكومات المتعاقبة للرئيس سليم الحص منذ العام 1978، ولم تتابعها حتى؟ وأين صارت القضية اليوم؟ ولماذا لا ندعو إلى لجنة تحقيق دولية ومحكمة دولية لها؟ هل سكتنا نحن عن قضية الامام الصدر حتى نقايض عليها هذه بتلك؟؟.ثم يأتيك آخر متحدثاً عن جريمة اغتيال الرئيس رشيد كرامي.. وأيضاً يقول لك: واحدة بواحدة.. نفس المقايضة.. يا للهول.. يا عيب الشوم.. لماذا هذا العهر؟ لقد اغتيل الرئيس كرامي أثناء الحرب الأهلية، هو وغيره من قادة لبنان الكبار: كمال جنبلاط، موسى الصدر، بشير الجميّل، رينيه معوّض، حسن خالد، صبحي الصالح، محمد شقير، سليم اللوزي، ناظم القادري، رياض طه، موسى شعيب، داوود داوود.. كما اغتيل وقُتل أكثر من 150 ألف لبناني، منهم الآلاف في الضاحية واقليم التفاح على يد حركة أمل وحزب الله، وفي طرابلس والمخيمات الفلسطينية على يد حلفاء سوريا الأشاوس، وفي بيروت والجبل على يد القائد الملهم ميشال عون، والقائمة تطول.. وجاء اتفاق الطائف وتلته التعديلات الدستورية (الدستور الجديد) وقانون العفو. وطويت صفحة الحرب الأهلية، ثم جاء مَن فتح لنا ملف الدكتور سمير جعجع بعد مجزرة كنيسة سيدة النجاة (لماذا لم نطالب لها بلجنة تحقيق دولية ومحكمة خاصة؟ أم ان دماء ضحاياها لا تستحق؟ أم اننا نعرف القاتل؟).. وحوكم سمير جعجع على يد العدالة العرجاء الشوهاء التي نعرف وتعرفون.. وسُجن وخرج من السجن بعد احد عشر عاماً، وبقانون عفو آخر أقرّه مجلس النواب وعاد مع ميشال عون من المنفى (أم نسينا أنه أيضاً مطلوب للعدالة ومتهم بألف تهمة وتهمة). وبعيداً عن السجال العقيم إن كان جعجع هو مَن أمر بقتل الرئيس كرامي أم لا، إلا انه على الأقل سُجن أحد عشر عاماً. ولكننا نعود فنسأل الرئيس عمر كرامي: ألم يكن يعرف هذه الأمور حين شكّل حكومته وسمّى فيها سمير جعجع عضواً أصيلاً؟؟ فهل هانت دماء الرشيد يومها إلى هذا الحد؟.إذن وباختصار: إن أردتم فتح ملفات الحرب الأهلية فلتفتح كلها بلا استثناء ووفق معايير الحقيقة والعدالة فقط! ولا شيء غير الحقيقة والعدالة!. ولتتشكل محكمة تاريخية خاصة بالحرب الأهلية لكي تشفي القلوب والعقول وتحقق العدالة كمقدمة فعلية للمسامحة وللعفو وللمصالحة الحقيقية..أما ما سوى ذلك فهو دجل وعهر.. نعم للأسف، دجل وعهر لإخفاء الحقيقة وتضليل العدالة.. تماماً كما حاولوا أولاً خلق قصة ابو عدس.. أم أنهم نسوا ان العدو الصهيوني، أو "القاعدة" (والله احترنا) هم مَن قتل الحريري ورفاقه؟ أم أنهم نسوا أنهم يوماً قالوا ورددوا ان سعداً قتل أباه؟ أو أن قوى 14 آذار تغتال قياداتها؟ أو أن جورج حاوي قُتل لأسباب شخصية؟ أو ان سمير قصير قتلته غيرة نسائية؟ ثم عادوا فنسوا كل ذلك حين وزعوا الحلوى ورقصوا لمقتل جبران تويني (وعلقوا مشاركتهم في الحكومة)، ثم لمقتل بيار الجميّل؟، بالله عليكم احترنا..نحن نريد المحكمة من أجل الحقيقة والعدالة، نريد أن يعرف العالم مَن هو الذي يقتل أحرار لبنان (بمن فيهم الرئيس كرامي وشهداء سيدة النجاة)، نريد أن يتوقف القتل الجبان والإرهاب الخسيس.نريد أن تتوقف عقلية الاغتيال وذهنية التكفير.. نريد أن يعيش جميع اللبنانيين بأمن وأمان لا يعكر صفوهم متفجرات، أو "فتح اسلام"، أو قتل واغتيال. نريد أن نؤسس لمرحلة جديدة نطوي فيها فعلاً صفحة الحرب الأهلية، ونطوي فيها فعلاً صفحة المخابرات وصفحة رستم غزالة وجامع جامع وصفحة فندق البوريفاج وعنجر وزنزانات الارهاب وصفحة شاكر العبسي وصفحة سيدة النجاة و"عين علق" وكل صفحات الرعب والارهاب التي عشناها وما زلنا نعيشها والتي يهددوننا بها كل يوم، لذلك نريد المحكمة.نعرف ان القاتل لن تردعه محكمة، وهو لن يرعوي عن التمادي في عهره ودمويته وفاشيته، محميا بأصحاب الألسن الحادة والوجوه المتلوّنة، ولكننا نقول لهم: اننا نقدّس الحق والعدل (وهما من أسماء الله الحسنى، أم أنكم نسيتم أيضاً؟) ونريد أن تقوم دولة الحق والعدل ومؤسسات الحق والعدل وثقافة الحق والعدل.. نحن نقدّس الانسان (الذي كرّمه الله وخلق الدين لأجله وليس العكس) وحرية الانسان وكرامة الانسان.. فلا نعود قطيع ماعز يُساق إلى الذبح ساعة يشاء المجرمون القتلة الذين هم في غيهم يعمهون وفي غدرهم يحتمون، نعم دم أطفال قانا وصبرا وصور والنبطية والرشيدية وطرابلس وكل بلدة وقرية في لبنان وفلسطين والجولان وسيناء أمانة في أعناقنا إلى أن تقوم الساعة، ويزهق الباطل.. ولذلك نقول: انها المحكمة: بداية الحقيقة والعدالة. والباقي مرهون بشعب لبنان وبالشعوب العربية، لكي تواصل السير على طريق الحق والعدل والكرامة والحرية والديموقراطية لهذه الأوطان التي هدها القهر والطغيان وانتزع روحها حكم المافيا والهوان، ولله في خلقه شؤون، فلا حول ولا قوة إلا بالله.(*) كاتب وإعلامي
No comments:
Post a Comment